من مختارات أبي حكيم في الجمعة الخامسة والأربعين بعد الثلاثمائة ( 345 ) في تعداد الجمع ، الحادية والأربعين ( 41 ) في عام ( 1440هـ ) وتوافق ( 18 / 10 / 1440 هـ ) بحسب التقويم والرؤية
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
يا سادة يا كرام …
التوحيد والتعبد لله تعالى بإخلاص ، أول المهام التي أرسل بها الأنبياء والمرسلون ، وهو قوام الحياة وسعادة الدارين ، وما أشد حاجتنا له اليوم تدارسا وفهما وعملا ودعوة إليه .
تزكية النفس بحسن التعبد لله وإخلاص التوحيد له ، وجعلها القضية الكبرى في حياتنا ، كما هي الحال في حياة الأنبياء وخيرهم نبينا صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله لنا قدوة كما في سورة الأحزاب : ( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) ) ، وقد أُمر هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بقول الله تعالى له في سورة الأنعام
: ( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ (90) . فقد أُمر صلى الله عليه وسلم باتباع المنهج لا الأشخاص ، ولذلك صلى الله عليه وسلم لما بلغ المنهج الذي أمر به واستقر في الأرض اختار الرفيق الأعلى ولم يختر البقاء في الدنيا فصلوات الله وسلامه عليه .
أولى الأولويات بالنسبة لأتباعه حماية جانب التوحيد وبيان حقيقته ، والعمل به والدعوة إليه ، ولهذا كان من أشهر كتب الشيخ المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب عليه رحمات الله ، كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ، ومن جاء بعده من أئمة الدعوة السلفية – عليهم رحمات الله – تناولوا هذا الكتاب بالشرح والتحشية ، وما زلنا بحمد الله ننعم أثر هذه الدعوة المباركة لا أزال الله عنا بركة توحيده وإخلاص العبادة له وتحكيم شرعه ، ومن بركات هذه الدولة المباركة ثبتها الله على المنهج وسيرها على الدين ورفعها باتباعه ، تدريس هذا الأصل العظيم في مدارسها في التعليم العام ، فاللهم نسألك الحمد و الشكر ونطلب منك بوعدك المزيد .

ومن العجائب أن جانب التوحيد وحماية الدين له بدأ يخف في نفوس بعض المسلمين في شتى بلادهم وتفارق أمصارهم وكأنها قضية هامشية جانبية ، وليست القضية والركيزة الأساسية التي عليها مدار العمل فلو تأمل الإنسان هذه الآية وعرف معناها حق المعرفة لأيقن أننا من الله وإلى الله ففي الأنعام : ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) ) .
ولعل القوم – أقصد أعداء الأمة – بمختلف مشاربهم قد عرفوا أهمية التوحيد وأهمية صرف الناس عن المنهج الحق فأشرعوا أبواب الفرق الأخرى ودعموها وقد تكلمنا سابقا في مختارات عن بعض هذه الفرق ، وضيقوا جانب باب أهل السنة والجماعة .
ومن تتبع الأخبار عرف أكثر مما أعرف ، وما هو بعلم خفي إنما قد برز قرن الحرب واشتهر ولا أظن الفتيل إلا قد اشتعل ويزداد أوره نسأل الله الكفاية والستر .
ومن لطيف الله بهذه الأمة حفظها ، سواء كان الحفظ بمجموعات أو أفراد ، وهذا الدين محفوظ لا محالة وهو باق ولا شك ، جعلنا الله محفوظين بحفظه والعمل به .
و من غريب ما سمعت عن بعض بلاد المسلمين ووجدته في كتاب ما نصه من منقولي وليس من مقولي :
دراسة اجتماعية قام فيها المؤلف بتحليل رسائل مرسلة لضريح الإمام الشافعي، والرسائل المدروسة تواريخها بين عامي 1952 و1958 م . الدراسة تحتوي على إحصائيات ونماذج من الرسائل وبعض الاستخلاصات… ، طبعته الأولى سنة 1965 م .
كشف البحث الذي صدر في كتاب بعنوان: “ملامح المجتمع المصري/ ظاهرة إرسال الرسائل للإمام الشافعي” أن هذه الظاهرة تعد ممارسة شعبية يقوم بها المصريون من مختلف الطبقات والشرائح لاعتقاد راسخ في وجدانهم بسلطة الأولياء وقدرتهم على رفع المظالم عنهم.
وأكد عويس * أن المصريين دائماً يبحثون عن ولي مبروك يلجأون إليه عندما يشتد عليهم المرض، أو يتعرضون لظلم ما، أو يضيق بهم الحال. وأشار إلى أن أغلب شكاوى “عينة البحث” كانت من “نساء” أفشين أسرارهن للإمام الشافعي وطلبن إليه أن يتدخل لإنصافهن.
