من مختارات أبي حكيم في الجمعة الرابعة والخمسين بعد الثلاثمائة ( 354 ) في تعداد الجمع ، والخمسين ( 50 ) في عام ( 1440هـ ) وتوافق ( 22 / 12 / 1440 هـ ) بحسب التقويم والرؤية
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
قبل يومين زرت أحد فروع مكتبة جرير في الرياض على طريق الملك عبدالعزيز – رحمه الله – وأخذت منهم كتبا عنوانه ( مدمن كتب ثمانون عاما بين الكتب ) جمعه ( وضاح بن هادي ) ، وهو عبارة عن مقاطع قصيرة من كتب الشيخ علي الطنطاوي – عليه رحمة الله – ، حينما تكلم عن انشغاله بالكتب قراءة وبحثا وتدريسا ، وبيانا لأهميتها … الخ
ومما جاء فيه في ص ( 139 ) عنوان :
ترف عقلي :
ورأيت من قديم في المكتبة العربية بالشام كتابا فيه جداول أربعة أو خمسة ، في الجدول الأول كتاب في الفقه مثلا ، وفي الثاني نحو وصرف ، وفي الثالث تاريخ ، وفي الرابع بحث مكتوب بلسان الترك ، ثم إذا قرأت السطر كله معا متجاوزا حدود هذه الجداول جاء معك كتاب آخر في علم آخر … ( فصول في الثقافة والأدب ص 112 ) .
قال أبو حكيم بالمثال يتضح المقال :
المؤلفون والشعراء أتوا بالعجائب في رسم حروف بيانهم ، وبعضهم عده من الترف الفكري الذي لا يدل إلا على نفاذ قريحة التجديد في العلوم ، فقد قرأت مرة نقدا موجها لمثل هذه : ( سر فلا كبا بك الفرس ) فهذه الكلمة من اليمين ومن اليسار سواء وكذا :
مودته تدوم لكل هول *** وهل كل مودته تدوم
، وإن عده بعضهم من الإبداع ومن التفوق الفكري ، ولكن ما سأذكره الآن لا شك عندي أنه إبداع منقطع النظير وسأرفق بعد المقال صورة لإحدى صفحات الكتاب ( تم في رسالة عبر الواتس أب )
فهذا ( شرف الدين أبو محمد إسماعيل بن أبي بكر بن عبدالله المقرئ ابن إبراهيم بن علي بن عطية الشفدري الشاوري ،( نسبة إلى بني شاور قبيلة يمنية ، تسكن جبال اليمن شرقي المحالب ) ، الشرجي ( نسبة إلى شرجة من سواحل اليمن ) ، اليماني الحسيني ( نسبة إلى أبيات الحسين في اليمن وليس للحسين رضي الله عنه ) الشافعي الأسوي المعروف بابن المقرئ ) ولد سنة ( 754 هـ ، وتوفي آخر صفر سنة 837 هـ – رحمه الله ) ، من علماء اليمن ألف كتاب : ( عنوان الشرف الوافي في علم الفقه والعروض والتاريخ والنحو والقوافي ) ،
ومن عجيب هذا الكتاب أنه في الصفحة الواحدة بل في السطر الواحد هذه العلوم مجتمعة فقد صاغها بطريقة تجمع هذه العلوم ، فتقرأ السطر الأول فتجده فنا ، ثم تقرأ العمود الأول ( أوائل الأسطر ) في الصفحة كلها فتجده فنا آخر ، ثم عمود ثان فنا ثالثا، وكذا الثالث والرابع ( وانظر الصورة ، فهي الورقة الأولى من الكتاب ، والألوان تدل على الفنون ) .
وله ( أي لإسماعيل المقرئ ) : من اليمين إلى اليسار في المدح :
طلبوا الذي نالوا فما حُرمــوا *** رُفعتْ فما حُطتْ لهــم رُتبُ
وهَبوا ومـا تمّتْ لـهم خُلـقُ *** سلموا فما أودى بهم عطَبُ
جلبوا الذي نرضى فما كَسَدوا *** حُمدتْ لهم شيمُ فما كَسَبوا
ولو قرأتها من اليسار إلى اليمين لوجدتها ذما :
رُتب لهم حُطتْ فمـا رُفعتْ *** حُرموا فما نالوا الـــذي طلبُوا
عَطَب بهم أودى فما سلموا *** خُلقٌ لهــم تمّتْ ومـــــا وهبُوا
كَسَبوا فما شيمٌ لهم حُمدتْ *** كَسَدوا فما نرضى الذى جلبوا
والأمثلة على هذا كثيرة …
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
لمشاركة المقالة على حسابكم الإجتماعي
Twitter
Facebook