قَوْلُهَا : ( اجْلِسْ غُدَرُ) ، هُوَ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ ، أَيْ يَا غَادِرُ .
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْغَدْرُ : تَرْكُ الْوَفَاءِ ، وَيُقَالُ لِمَنْ غَدَرَ : غَادِرٌ ، وَغُدَرٌ .
وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي النِّدَاءِ بِالشَّتْمِ .
وَإِنَّمَا قَالَتْ لَهُ : ( غُدَرُ ) ، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِاحْتِرَامِهَا ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَعَمَّتُهُ وَأَكْبَرُ مِنْهُ وَنَاصِحَةٌ لَهُ وَمُؤَدِّبَةٌ ، فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَحْتَمِلَهَا وَلَا يَغْضَبَ عَلَيْهَا .
قال أبو حكيم : ( و أم ولد ) : أي أن أمه جارية ليست حرة
قال محمد بن القاسم الأنباري في كتابه الأضداد ** : ( ص 238 ): واللحن حرف من الأضداد ، يقال للخطأ لحن ، وللصواب لحن .
فأما كون اللحن على معنى الخطأ فلا يحتاج فيه إلى شاهد ، وأما كونه على معنى الصواب فشاهده قوله عز وجل من سورة محمد : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ … 30 ) معناه في صواب القول وصحته . ..
وأخبرنا أبو العباس ، عن ابن الأعرابي ، قال : يقال : لَحَن الرجل يلحن لحنا ، إذا أخطأ ، ولحن يلحن إذا أصاب …
واللحن أيضا يكون بمعنى اللغة ، وقال شريك عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة في قوله عز وجل : ( سيل العرم ) في سبأ ، العرم : الـمُسنَّاة بلحن اليمن ، أي بلغتهم .
وأنشدنا أبو العباس وغيره :
وحديثٍ ألذُّهُ هو مما – تشتهيه النفوس يوزن وزنا
منطق صائب وتلحن أحيا – نا وخير الحديث ما كان لحنا
وقال : أراد ” تلحن ” تصيب وتفطن ، وأراد بقوله : ” ما كان لحنا ” ما كان صوابا .
وقال ابن قتيبة : اللحن في هذا البيت الخطأ ، وهذا الشاعر استملح من هذه المرأة ما يقع في كلامها من الخطأ .
قال أبو بكر : وقوله عندنا محال ، لأن العرب لم تزل تستقبح اللحن من النساء كما تستقبحه من الرجال .
ومما جاء فيه : ص (244 – 245) عن عمر بن عبد العزيز أنّه كان يقول:” إنّ الرّجل ليُكلّمني في الحاجة يستوجبها فيلحن فأردّه عنها، وكأنّي أقضم حبّ الرمّان الحامض لبُغضِي استماع اللّحن، ويكلّمني آخر في الحاجة لا يستوجبها فيُعرب، فأجيبه إليها التذاذا لما أسمع من كلامه “.
* عناوين الكتب في صحيح مسلم من وضع الإمام النووي – رحمه الله – .
** كتاب الأضداد لمحمد بن القاسم الأنباري تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم طبعة ( 1407 ) المكتبة العصرية .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.