الجمعة السادسة / العاشر من صفر لعام 1440هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة العاشرة بعد الثلاثمائة ( 310) في تعداد الجمع ، و السادسة (6) في عام ( 1440هـ ) وتوافق ( 10 / 2 / 1440 هـ ) بحسب الرؤية والتقويم

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

هذه جمعتنا السادسة مع العشرة المبشرين بالجنة ونأخذ بها في سيرة السادس منهم ، وقبل هذا ، في الجمعة الفائتة نبهني الأخ ” (  فايز بن سليمان الفايز – مدير ثانوية الخبراء – وهو مختص بالدراسات الاجتماعية  وفقه الله ) : أن قصة أبي عبيدة رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في نزع حلقتي المغفر من وجنته في غزوة أحد لم تثبت من ناحية السند الحديثي رغم شهرتها عند أهل السيرة والقصص النبوية .

وكان مما وجدته وكتبته له : (جزاك الله خيرا أبا سليمان على هذا التوضيح  ، ووجدت الشيخ محمد أبو شهبة رحمه الله (ت 1403 ) وهو أستاذ الحديث بجامعة الأزهر وأم القرى ، وله برنامج في إذاعة القرآن الكريم السعودية : قراءات في صحيح البخاري ،  قد ذكر القصة ولم يتعقبها بشيء … ذكرها في كتابه : السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة دراسة محررة جمعت بين أصالة القديم وجدة الحديث ) .

وأقول زيادة في البيان :  إن الإمام الذهبي – رحمه الله –  ذكر هذه القصة في السير ،وقال محقق السير ( محب الدين أبو سعيد عمر بن غرامة العمروي ) : في هامش (ص 5) من المجلد الثالث : ( أخرجه الحاكم في معرفة الصحابة بأطول منه بإسناد لا يصح وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . وقد حذفه الذهبي في التلخيص لضعفه  وهو في مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر وعند ابن سعد في طبقاته وعند ابن هشام في السيرة .

وأقول : هو في دلائل النبوة للبيهقي في المجلد الثالث ( ص 264 )طبعة دار الكتب العلمية ، وقال محقق الكتاب د. عبدالمعطي قلعجي : الحديث في صحيح ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها ، ونقله الحافظ بن كثير في التاريخ عن مسند الطيالسي ، والصالحي في السيرة الشامية ، عن ابن حبان وعن الطيالسي .

وأقول :  هو في تاريخ ابن كثير رحمه الله في المجلد الثالث طبعة المكتبة العصرية  (ص 167 ) وقال المعتني به د. عبدالحميد هنداوي في الهامش : ( وأخرجه من هذا الوجه الحاكم ووقع في سنده تحريف ، وقال : ” صحيح الإسناد” ، وتعقبه الذهبي بقوله : ” قلت إسحاق متروك ” . وكذا قال الهيثمي بعد أن عزاه للبزار .

أما في البداية والنهاية لابن كثير  طبعة دار ابن رجب ومحقق هذا الجزء ( أبو أنس عمرو بن عمر و طلال بن محمد الطرابيلي تحت إشراف مصطفى بن العدوي ) فقد جاء في هامش التعليق على هذه الرواية ( ص 34 ) : ( ضعيف :أخرجه أبو داود والطيالسي ومن طريقه البيهقي في الدلائل من طريق ابن المبارك عن إسحاق بن يحي به . أخرجه ابن سعد ” في الطبقات ” عن موسى بن إسماعيل عن ابن المبارك به . وأخرجه البزار وابن حبان من طريق شبابة بن سوار عن إسحاق به . قلت : وفي إسناده إسحاق بن يحي بن طلحة وهو متروك الحديث وقد تفرد بهذا السند . قال البزار : ” لا نعلم له إسناد غير هذا ” وقال الهيثمي في المجمع  ” مجمع الزوائد ” رواه البزار وفيه إسحاق بن يحي وهو متروك . ا.هـ  ، فأستغفر الله وأتوب إليه ورحم الله من أهدى إليّ عيوبي .

أما صحابينا فقد قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء في المجلد الثاني( ص 26 ) طبعة دار الفكر   : الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ بنِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ.  حَوَارِيُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَابْنُ عَمَّتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَأَحَدُ العَشرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ، وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّوْرَى، وَأَوَّلُ مَنْ سَلَّ سَيْفَهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَسْلَمَ وَهُوَ حَدَثٌ، لَهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً.

وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ رَجُلاً طَوِيْلاً، إِذَا رَكِبَ خَطَّتْ رِجْلاهُ الأَرْضَ، وَكَانَ خَفِيْفَ اللِّحْيَةِ وَالعَارِضَيْنِ.( قال محقق السير محب الدين أبو سعيد عمر بن غرامة العمروي :  أخرجه الطبراني في الكبير بسند ضعيف فيه أبو غزية ، ضعفه الجمهور ووثقه الحاكم  وفيه ابن أبي الزناد مختلف فيه ، ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد .

رَوَى أَحَادِيْثَ يَسِيْرَةً. اتَّفَقَا لَهُ عَلَى حَدِيْثَيْنِ، وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةِ أَحَادِيْثَ، وَمُسْلِمٌ بِحَدِيْثٍ. وقال الذهبي في آخر ترجمته في السير : للزبير في مسند ” بقي بن مخلد ” ثمانية  وثلاثون حديثا ، منها في الصحيحين حديثان وانفرد البخاري بسبعة أحاديث .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَأَسْلَمَ – عَلَى مَا بَلَغَنِي – عَلَى يَدِ أَبِي بَكْرٍ: الزُّبَيْرُ، وَعُثْمَانُ، وَطَلْحَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَسَعْدٌ.

وَقَالَ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ: عن جَابِرٌ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الخَنْدَقِ: (مَنْ يَأْتِيْنَا بِخَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ؟).
فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَذَهَبَ عَلَى فَرَسٍ، فَجَاءَ بِخَبَرِهِمْ.  ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ.   فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَذَهَبَ. ثُمَّ الثَّالِثَةَ.   فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ). رَوَاهُ: جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ عَنْهُ.

قال الرِّيَاشِيُّ: حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ:  ضَرَبَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الخَنْدَقِ عُثْمَانَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ المُغِيْرَةِ بِالسَّيْفِ عَلَى مِغْفَرِهِ، فَقَطَعَهُ إِلَى القَرَبُوسِ.   فَقَالُوا: مَا أَجْوَدَ سَيْفَكَ!    فَغَضِبَ الزُّبَيْرُ، يُرِيْدُ أَنَّ العَمَلَ لِيَدِهِ لاَ لِلسَّيْفِ. روي في تاريخ دمشق لابن عساكر ، والقربوس : حنو السرج .

يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حِرَاءٍ فَتَحَرَّكَ.
فَقَالَ: اسْكُنْ حِرَاءُ! فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيْقٌ، أَوْ شَهِيْدٌ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ. رواه مسلم في فضائل الصحابة .

ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: أَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ سَبْعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُم: عُثْمَانُ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى الوَرَثَةِ مِنْ مَالِهِ، وَيَحْفَظُ أَمْوَالَهُمْ. رواه ابن عساكر في  تاريخ دمشق.

شُعْبَةُ: عَنْ مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ:   أَدْرَكْتُ خَمْسَ مَائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ، يَقُوْلُوْنَ:  عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ.    قُلْتُ: لأَنَّهُم مِنَ العَشْرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ، وَمِنَ البَدْرِيِّيْنَ، وَمِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَمِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ الَّذِيْنَ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ رَضِيَ عَنْهُم وَرَضُوْا عَنْهُ، وَلأَنَّ الأَرْبَعَةَ قُتِلُوا وَرُزِقُوا الشَّهَادَةَ، فَنَحْنُ مُحِبُّوْنَ لَهُم، بَاغِضُوْنَ لِلأَرْبَعَةِ الَّذِيْنَ قَتَلُوا الأَرْبَعَةَ.

قتل رضي الله عنه في رجب سنة ست وثلاثين في وادي السباع على بعد سبعة فراسخ من البصرة ، وقيل إن عمره أربع وستون سنة وقيل له بضع  وخمسون سنة ، يقول الذهبي : وهو أشبه .ويميل إليه ابن عساكر في تاريخه

وتنسب إليه  مدينة الزبير في جنوب العراق قرب البصرة .

 

قتله عمير بن جرموز المجاشعي ( وفي تاريخ دمشق في موضع  بشر بن جرموز وفي آخر عمير  وفي ثالث عمرو )  ، وأعانه فضالة بن حابس ونفيع بن حابس التميمي ولما قتله جاء برأس الزبير لعلي رضي الله عنه .

عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ : اسْتَأْذَنَ ابْنُ جُرْمُوزٍ عَلَى عَلِيٍّ وَأَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ : ” بَشِّرْ قَاتِلَ ابْنِ صَفِيَّةَ بِالنَّارِ ” ، ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ” إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا ، وَحَوَارِيِّي الزُّبَيْرُ ” [ رواه أحمد ]، وقد ندم ابن جرموز على قتل الزبير ، ويقول الذهبي : قُلْتُ: أَكَلَ المُغتّرُّ يَدَيْهِ نَدَماً عَلَى قَتْلِهِ، وَاسْتَغْفَرَ لاَ كَقَاتِلِ طَلْحَةَ، وَقَاتِلِ عُثْمَانَ، وَقَاتِلِ عَلِيٍّ.

الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ صَالِحٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ صَالِحٍ، عَنْ مُسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ عُمَيْرَ بنَ جُرْمُوْزٍ أَتَى حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِ مُصْعَبٍ، فَسَجَنَهُ، وَكَتَبَ إِلَى أَخِيْهِ فِي أَمْرِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنْ بِئْسَ مَا صَنَعْتَ، أَظَنَنْتَ أَنِّي قَاتِلٌ أَعْرَابِياً بِالزُّبَيْرِ؟ خَلِّ سَبِيْلَهُ.  فَخَلاَّهُ، فَلَحِقَ بِقَصْرٍ بِالسَّوَادِ عَلَيْهِ أَزَجٌ،( ضرب من الأبنية )  ثُمَّ أَمَرَ إِنْسَاناً أَنْ يَطْرَحَهُ عَلَيْهِ، فَطَرَحَهُ عَلَيْهِ، فَقَتَلَهُ، وَكَانَ قَدْ كَرِهَ الحَيَاةَ لِمَا كَانَ يُهَوَّلُ عَلَيْهِ، وَيُرَى فِي مَنَامِهِ.

قال أبو حكيم :  قد أطال ابن عساكر  في ترجمة الزبير في تاريخ دمشق في المجلد الثامن عشر طبعة دار الفكر بما زاد عن مائة صفحة .

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

اترك تعليقاً