الجمعة التاسعة والاربعين / السابع عشرة من ذي الحجة لعام 1438هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة المائتين والثانية والخمسين ( 252 ) في تعداد الجمع ، والتاسعة والأربعين ( 49) في عام ( 1438هـ ) وتوافق ( 17 / 12 / 1438 هـ ) بحسب التقويم .

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله :

تزامنا مع وقت ( جداد النخل )  القريب أوانه بإذن الله ، وللفائدة قال ابن منظور في لسان العرب : الجَداد والجِداد : أوان الصرام ، والجَدُّ مصدر جدَّ النخل يجدُّه ،  أما بالذال ( الجذُّ فهو كسر الشيء الصلب ، جذذت الشيْ كسرته وقطعته …الخ .

كنت قرأت كتابا منذ سنين عنوانه :” نخلة عربية في صحراء كاليفورينا ، قصة نقل النخلة من موطنها وزراعتها بوادي الكوتشلا بولاية كاليفورينا”   ، تأليف ” هيلدا سايمون ”  ، وترجمه الأخصائي الزراعي ” عبدالله بن علي البيز ”  ،  وهيلدا هذه ابنة هنري سايمون وهو من نقل فسائل النخيل من الجزائر وتونس  إلى وادي الكوتشلا المقفر وزرعها فيها قبل الحرب العالمية الأولى ممثلا لإحدى الشركات ،  قال في غلاف الكتاب الخارجي :

“هيلدا سايمون”  ابنة أحد رواد زراعة نخيل التمر في الولايات المتحدة الأمريكية في مطلع هذا القرن ، بعد وفاة أبيها عثرت على مخطوطاته ومسودات أوراقه  وملاحظاته التي دونها عن النخيل ومذكرات رحلته إلى شمال أفريقيا ” الجزائر وتونس ” لجلب آلاف من فسائل النخيل ونقلها إلى كاليفورينا قبيل الحرب العالمية الأولى بالإضافة إلى مئات الصور التي التقطها آنذاك ووعدت نفسها بجمعها ووضعها في كتاب يحكي عن قصة هذه الشجرة المباركة من موطنها  وشحنها عبر الأطلسي وزراعتها في ولاية كاليفورينا ، ويشمل الكتاب معلومات عن تاريخ هذه الشجرة وطبيعة نموها وعن وادي الكوتشلا الذي يضم أهم مزارع النخيل في أمريكا ذات الأصناف العالية الجودة التي تعود لأصول جلبت من المملكة العربية السعودية وعمان والعراق ومصر وإيران بالإضافة إلى أقطار المغرب العربي ، ونتيجة تجارب إدارة الزراعة الأمريكية هناك وصل معدل إنتاج النخلة في تلك البلاد إلى أعلى إنتاج في العالم ، كما تم الحفاظ على سلالة أهم وأغلى أصناف بلاد المغرب ( صنف المجهول ) الذي أوشك على الانقراض في موطنه الأصلي بسبب إصابته بمرض فطري خطير قضى على أكثر من عشرة ملايين نخلة في المغرب ويعتبر هذا الصنف من صفوة التمور بالولايات المتحدة ) .

الكتاب جميل ورائع  فيه حس عاطفي جميل ووصف مبدع حالم للصحراء بالإضافة لشجرتنا المباركة وأبدع المترجم في نقل هذه الصورة باللغة العربية ، وسبحان الله سبب ذهاب سايمون هذا للصحراء أنه كان طالباً في جامعة أوكسفورد ببريطانيا فأصيب بمرض رئوي حاد نصحه الأطباء بأن يبقى في مكان جاف فترك الدراسة وذهب لأمريكا في صحراء كاليفورنيا ، وجلس وقتا أطول من المقرر لشفائه بل استقر هناك وأمضى ساعاته في مراقبة الحياة البرية ، ثم مثل أحد الشركات طوعيا وصار مندوبهم وأحضر فسائل النخيل من شمال غرب أفريقيا ، ما بين عامي ( 1910  و 1914 م ) قام سايمون ( 1913 ) برحلة للجزائر وتونس واشترى منها ما يقارب ( 3000 ) فسيلة من نوع ” دقلة نور”  وأخذ الإذن من السلطات الفرنسية المحتلة … وقام غيره بشراء ما يقارب ( 11000) فسيلة من منطقة الخليج العربي حيث زرعت ( 14000) فسيلة في الوادي ونمت أغلبها ولم يفقد منها إلا القليل .

  وتقدر النخيل بالوادي بحسب قول المترجم عام ( 1417 ه، بـ ( 220 ألف ) نخلة ، هذا عدا عن بقية المناطق ، ومن الطريف أن مدينة ” إنديو” وضعت مكانا خاصا للاحتفال بموسم جني التمور حيث يصاحبه مهرجان ذو صبغة عربية وأجواء ألف ليلة وليلة يحضره ما يقارب ( 250 ألف زائر ) ، وقد أخبرني الصديق العزيز ( ممدوح إبراهيم فتح الدين ) حينما تحدثنا مرة عن هذا الكتاب أن أحد الإخوة من الشام وأظنه سوري حضر هذا المهرجان ورأى ما فيه من التجني على تاريخنا العربي  فطلب من إدارة المهرجان  المشاركة في تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة لخبرته كعربي ولدراسته الفن  ، فرفضت الإدارة !! وقالوا إنا معجبون بشخصياتنا …

الكتاب محفوظ الحقوق للمترجم وقد طبعه عام ( 1417 هـ )  ويقع في ( 170 ) صفحة من القطع العادي وقد اقتنيته من مكتبة جرير بالخبر قبل سبعة عشر عاما .

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

اترك تعليقاً