من مختارات أبي حكيم في الجمعة الثامنة بعد الثلاثمائة ( 308) في تعداد الجمع ، و الرابعة (4) في عام ( 1440هـ ) وتوافق ( 25 / 1 / 1440 هـ ) بحسب الرؤية والتقويم
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
أميرُ المؤمنين أبو الحسنِ عليُ بنُ أبي طالبِ بنِ عبدِ المطلبِ القُرَشِي رضي الله رابعُ الخُلفاءِ الراشدين، ومن السابقين الأوَّلين، ومن العشرةِ المبشرين ، وأوَّلُ مَن أسلمَ من الصِّبيانِ، أسلمَ وعمُرُه عشرُ سنينَ، نشأَ في بيتِ النبوةِ حيثُ أخذه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيته رأفةً بأبيهِ لكثرةِ عيالِه ورِقَّةِ حالهِ ، فهو ابنُ عمٍ لرسولنِا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد زوّجَهُ ابنتَهُ فاطمةَ سيِّدةَ نساءِ العالمينَ ، ورُزقَ منها بالسِّبْطين الحسنِ والحسينِ ، سيِّديِ شبابِ أهلِ الجنَّةِ ، أحبَّهُ النَّبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كما صرّح بحبِ ابنيهِ رضيَ الله عنهم ، وجعلَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له بمثابةِ هارونَ من موسى – عليهما صلواتُ اللهِ تعالى وسلامُه ، قالَ عنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((أمَا ترضى أن تكونَ منِّي بمَنْزلَةِ هارونَ مِن موسى ، غير أنَّه لا نَبيَّ بعدي))؛ متفق عليه. ؛ وأخرجَ الترمذيُ عن البراءِ بنِ عازبٍ رضيَ اللهُ عنهُ : أنَّ النَّبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ له: ((أنت منِّي وأنا منك))، قال أبو عيسى الترمذيُ : هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ وتُوفِّي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو عنه راضٍ .
حبُّهُ رضيَ الله عنه دليلٌ على الإيمانِ ، فلا يُحبُّه في اللهِ حباً شرعياً غيرَ غالٍ في منزِلتِهِ إلاَّ مؤمنٌ ، ولا يبغضُهُ إلاَّ منافقٌ ، في صحيحِ مسلمٍ رحمه الله ، عَنْه رضيَّ اللهُ عنه ، قَالَ : ” وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ إِلَيَّ أَنْ لا يُحِبَّنِي إِلا مُؤْمِنٌ ، وَلا يَبْغَضَنِي إِلا مُنَافِقٌ)
كنّاهُ النبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأبَي ترابٍ، جاء في صحيحِ البخاري في كتابِ الاستئذان بابُ القائلةِ في المسجدِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: ( مَا كَانَ له اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَبِي تُرَابٍ، وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ بِهِ إِذَا دُعِيَ بِهَا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ رضيَ الله عنها وعن أمِها ، فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ : أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ ؟ فَقَالَتْ : كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ ، فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِإِنْسَانٍ انْظُرْ أَيْنَ هُوَ ، فَجَاءَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ فَأَصَابَهُ تُرَابٌ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ قُمْ أَبَا تُرَابٍ قُمْ أَبَا تُرَابٍ ) .
إنَّهُ الشُّجاعُ المِقدامُ ، شهدَ بدرًا، وأُحدًا، والخندقَ ، وبيعةَ الرِّضوانِ ، وجميعَ المشاهدِ مع رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلاَّ تبوكَ ؛ فإنَّ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلَّفَهُ على أهلِهِ ، وله في الجميعِ بلاءٌ عظيمٌ وأثرٌ حسنٌ ، ” و صلَتْ الأحزابُ المتجمعةُ إلى الخندقِ في السَّنَةِ الخامسةِ من الهجرةِ ليستأصلوا شأفاةِ الإسلامِ زعموا، فاندهشتْ لما رأتْ من تحصّنِ المسلمينَ بالخندقِ،. فلم يحصلْ القتالُ، وإنما تراشقوا بالنبالِ ، واستطاعتْ فوارسُ من المشركينَ فاجتازوا الخندقَ ، فكان منهم فارسٌ كبيرٌ ضخمٌ يُدْعى: عمرو بنُ ودٍ العامري، وهوَ مَنْ هوَ عندَ العربِ قوةً وبأساً وفروسيةً قد شاب رأسُه وهو على ظهر فرسِهِ قد شُهِدَ له فيها ، فدعا إلى النزالِ وقال:
ولقد بُحِحْتُ من النداءِ *** لجمعِهِم هل من مبارزٍ ؟
فخرج له الأسدُ الهصورُ صاحبُنا إنْ كانَ في عقدهِ الثاني من عمرِه ولكنه الإيمانُ يحرِكُه، فتثاورَ الأسدان وتطايرَ الغبارُ حتى غطى مسرحَ الحدثِ ،فما هو إلا أن انجلى الغبارُ فإذا أسدُنا على صدرِ عدوِّه قد ذَبَحَهُ ، وفي يومِ خيبرِ ، قال النبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لأعطين الرَّاية غدًا رجلاً يُفتح على يديه، يُحبُّ اللهَ ورسولَه، ويحبُّه اللهُ ورسولُه))، فكان صاحبُنا هو المعنيُ ، وقد فتحَ خيبرَ وقتلَ مرحباً فارسَ اليهودِ وكبشَ كتيبَتِهم وقد حفظَ فيهم وصيةَ رسولِنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له : حيثُ قالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا
مِثْلَنَا ؟ ، قَالَ : ” r انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلا وَاحِدًا ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَم ))؛ متفق عليه، ولكن هذا المرحبَ الشقيَ أبى إلاّ أن يذوقَ حِمامِ الموتِ بسيفِ من يحبُّه اللهُ ورسولُه والمخذولُ من خذلَهُ اللهُ ،نعوذُ باللهِ من الخذلانِ.
كان رضي اللهُ عنه غزيرَ العلمِ كأحدِ أصحابِ رسولِنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المقربين ولكن لم يُعهدْ إليه بشيء خاصٍ دونَ الناسِ، وكان
زاهدًا ورعًا ذا خشيةٍ ومواعظَ فقد رُويَ عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أنه قَالَ : ” أَلا إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً ، وَالآخِرَةُ مُقْبِلَةً ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ ، وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا ، الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلا حِسَابٌ ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَلٌ ” .
وكان فقيرًا لا يملكُ مِن متاعِ الدُّنيا شيئًا زُهداً فيها وليس عجزاً عن كسبِها ، فقدَ ذهبَ إلى بيتِ المالِ في خلافَتِهِ ، وكان مملوءاً بالطعامِ والمالِ والسلاحِ ، فوزَّعَ ما فيه في يومٍ واحدٍ وقالَ : اللهمَّ اشهدْ أنِّي ما أبقيتُ لنفسِي منه درهماً ولا ديناراً، ولا حبةً ولا تمرةً ولا زبيبةً. تولَّى الخلافةَ خمسَ سنواتٍ، ومن خيرِ فعلِه وكلُه خيرٌ مواجَهتُه الخوارجَ ، وقتلُهم جزاهُ الله عنا خيراً كما تمنى رسولُنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المتفقِ عليه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ” بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَرْبَعَةِ
الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الحَنْظَلِيِّ ثُمَّ المُجَاشِعِيِّ ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الفَزَارِيِّ، وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلاَثَةَ العَامِرِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلاَبٍ ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ ، وَالأَنْصَارُ، قَالُوا: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا، قَالَ: ( إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ ) ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ ، نَاتِئُ الجَبِينِ ، كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: ( مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ؟ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَلاَ تَأْمَنُونِي ) فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ، – أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ – فَمَنَعَهُ ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ : ( إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا، أَوْ: فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ ) متفق عليه . ففعلَ أبو الحسنِ بهم الأفاعيلَ في النهروانِ لمن أبى منهم أن يفيءَ إلى الحقِ ، قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمهُ اللهُ :” وَالْخَوَارِجُ الْمَارِقُونَ الَّذِينَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِهِمْ قَاتَلَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَحَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ، وَاتَّفَقَ عَلَى قِتَالِهِمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ ، وَلَمْ يُكَفِّرْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ ، بَلْ جَعَلُوهُمْ مُسْلِمِينَ مَعَ قِتَالِهِمْ . وَلَمْ يُقَاتِلْهُمْ عَلِيٌّ حَتَّى : سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ ، وَأَغَارُوا عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَاتَلَهُمْ لِدَفْعِ ظُلْمِهِمْ وَبَغْيِهِمْ ، لَا لِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ. وَلِهَذَا لَمْ يَسْبِ حَرِيمَهُمْ وَلَمْ يَغْنَمْ أَمْوَالَهُمْ ” .انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (3/ 282( .
كانت حياتُه رضي الله عنه مواجهاتٌ ، ومع ذلك كان سليمَ الصدرِ لأصحابِ رسولِنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقيَ طلحةَ رضي الله عنهما مقتولاً في وقعةِ الجمل،ِ رآهُ مجندلاً في دمائه قد عفَرَ الترابُ وجهَهُ ، فنزلَ ومسحَ الترابَ عن وجهِهِ ، وبكى طويلاً، وقالَ: أسألُ اللهَ أن يجعلَنِي وإيَّاكَ ممَّن قالَ فيهِم: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر/47]. ، وفي فضائلِ الصحابةِ لأحمدَ بنِ حنبلٍ بسندِه قال : جاء ابنُ جُرْمُوزٍ قاتلُ الزبيرِ يستأذنُ على علي فحجَبَه طويلا ، ثم أَذِنَ له فقالَ ابنُ جرموزٍ : أما أهلُ البلاءِ فتجفُوْهُم ، فقالَ عليٌ : « بفيكَ الترابُ ، إني لأرجو أن أكونَ أنا وطلحةُ ، والزبيرُ ، ممنْ قالَ اللهُ عز وجل : ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر/47].
عاشَ رضي الله عنه مجاهداً، وماتَ بطلاً من أبطالِ الإسلامِ ، عن أبي سنانَ الدؤليِ أنَّهُ عادَهُ في شكوى اشتكاها فقالَ له: لقد تخوَّفْنَا عليكَ في شكواكَ هذِهِ. فقالَ: ولكنِّي واللهِ ما تخوَّفْتُ على نَفْسِي منهُا لأني سمعتُ الصَّادِقَ المصدوقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ :”إنَّكَ ستُضْرَبُ ضربةً هنا، وأشارَ إلى صُدْغِهِ – فيسيلُ دمُهَا حتى يَخْضِبَ لحيَتَكَ، ويكونُ صاحِبُها أشْقَاهَا كما كان عاقرُ النَّاقةِ أشقى ثمودَ “.رواه الطبراني وإسناده حسن.
وكان الشقيُ عبدُالرحمنِ بنُ مُلْجمٍ المرادي الخارجي نعوذُ باللهِ من الشقاءِ ، فقد اتفقَ ثلاثةٌ أشقياءٌ على قتلِهِ وقتلِ معاويةَ وعمروِ بنِ العاصِ رضيَ الله عنهم
في سير أعلام النبلاء للذهبي في ترجمة أبي الحسن رضي الله عنه آخر الجزء الثاني من المجلد الأول ص 660 طبعة دار الفكر : قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : قَالُوا : انْتَدَبَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْخَوَارِجِ ، وَهُمْ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ ، وَالْبُرَكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ ، وَعَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ التَّمِيمِيُّ ، فَاجْتَمَعُوا بِمَكَّةَ ، فَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا لَيَقْتُلُنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ ، وَيُرِيحُوا الْعِبَادَ مِنْهُمْ ، فَقَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ : أَنَا لِعَلِيٍّ ، وَقَالَ الْبُرَكُ : أَنَا لَكُمْ لِمُعَاوِيَةَ ، وَقَالَ الْآخَرُ : أَنَا أَكْفِيكُمْ عَمْرًا ، فَتَوَاثَقُوا أَنْ لَا يَنْكِصُوا ، وَاتَّعَدُوا بَيْنَهُمْ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ ، ثُمَّ تَوَجَّهَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى بَلَدٍ بِهَا صَاحِبُهُ ، فَقَدِمَ ابْنُ مُلْجَمٍ الْكُوفَةَ ، فَاجْتَمَعَ بِأَصْحَابِهِ مِنَ الْخَوَارِجِ ، فَأَسَرَّ إِلَيْهِمْ ، وَكَانَ يَزُورُهُمْ وَيَزُورُونَهُ ، فَرَأَى قَطَامَ بِنْتَ شِجْنَةَ مِنْ بَنِي تَيْمِ الرَّبَابِ ، وَكَانَ عَلِيٌّ قَتَلَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ ، فَأَعْجَبَتْهُ ، فَقَالَتْ : لَا أَتَزَوَّجُكَ حَتَّى تُعْطِيَنِي ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ، وَتَقْتُلَ عَلِيًّا ، فَقَالَ : لَكِ ذَلِكَ ، وَلَقِيَ شَبِيبَ بْنَ بُجْرَةَ الْأَشْجَعِيَّ ، فَأَعْلَمَهُ وَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ ، فَأَجَابَهُ .
وَبَقِيَ ابْنُ مُلْجَمٍ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي عَزَمَ فِيهَا عَلَى قَتْلِ عَلِيٍّ يُنَاجِي الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ فِي مَسْجِدِهِ حَتَّى كَادَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ ، فَقَالَ لَهُ الْأَشْعَثُ : فَضَحِكَ الصُّبْحُ ، فَقَامَ هُوَ وَشَبِيبٌ ، فَأَخَذَا أَسْيَافَهُمَا ، ثُمَّ جَاءَا حَتَّى جَلَسَا مُقَابِلَ السُّدَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيٌّ ، فَذَكَرَ مَقْتَلَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمَّا قُتِلَ أَخَذُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُلْجَمٍ ، وَعَذَّبُوهُ وَقَتَلُوهُ . ( وفي حكم قتله وهل قتل حدا لردته أو هو غير كافر خلاف بين العلماء وكل له مستمسك ومن أراد الوقوف على بعض الخلاف وأقوال العلماء فيه فليرجع لهذا الرابط والله المستعان :