من مختارات أبي حكيم في الجمعة الخامسة والتسعين بعد المائة (195) في تعداد الجمع ، والثالثة والأربعين ( 43 ) في عام ( 1437هـ ) وتوافق (1437 / 11 / 2 ) بحسب التقويم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :قبل البدء أقول :
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وبشائر النصر في( حلب الشهباء ) تتوالى – والحمد الله – وبذلك فليفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء ، وحلب كما تكلمتُ عنها في آخر جمعة من شهر رجب في هذا العام في المختارة ( 182 ) وذكرت فيها بشائر النصر لها مما في السنة المطهرة – والحمد الله – قد رأينا عزة المسلمين فيها شاهد عيان ، فسبحان من علم نبينا الحبيب من علم غيبه ، فاللهم أتمم نصرك وتأييدك واكبت عدونا بما شئت .
ذكرنا في الأسبوع الماضي من مقول الدكتور (الغامدي ) في كتابه ( عندما يكون العم سام ناسكا ) عن مراكز البحوث الأمريكية واهتمامها برموز التصوف ، المعاصرين منهم والأقدمين ،وكان مما ورد ذكره من مراكز : ( مؤسسة راند ) : فما هي هذه المؤسسة ؟
ولنتعرف عليها نأخذ بكم جولة في كتاب ( ولتستبين سبيل المجرمين ) للدكتور (محمد يسري ) وهو كتاب متوسط الحجم يقع في ( 217 ) صفحة من طباعة ( البيان ) مركز البحوث والدراسات ، ورقم هذا الكتاب ( 138 ) . وطبعته الأولى عام ( 1432 هـ) ، وهو كتاب قيم ، وفيه بحث معمق مختصر ( سهل ممتنع ينفع المبتدئ ويثري المنتهي ويفتح الطريق للنهم ، وهو في مقدمة وتسعة فصول وخاتمة ، وحري بأن يُقرأ بتمعن ، ومما جاء في صفحة ( 101 إلى 111 ) بعد أن تكلم عن فشل الحرب العسكرية على العالم الإسلامي وأن نتائجها لا توازي ما صرف عليها ، ما ملخصه عن مؤسسة ( راند ) :
خامسا : ( التحول نحو استراتيجية الحرب الباردة ) : ليس سرا أن مؤسسة ( راند Rand ) التي تأسست عام ( 1948 م) في (كاليفورنيا بأمريكا) ذات نفوذ كبير ، وتأثير نوعي على سياسة الولايات المتحدة الخارجية والداخلية ، وأنها الموجه الفكري والمنهجي للمؤسسات الحاكمة في أمريكا ، وترتبط بروابط وثيقة مع وزارة الدفاع الأمريكية ، كما ترتبط بعلاقات وثيقة مع وكالة المخابرات المركزية ، ومكتب التحقيقات الفدرالي ، وهي تعد أكبر مركز بحثي فكري في العالم يعمل بها ( 1600 ) باحث من حملة الشهادات الأكاديمية العليا ، وميزانيتها السنوية نحو ( 150 ) مليون دولار أمريكي.
( قال أبو حكيم قرأت مرة – وكما قال الطنطاوي رحمه الله ولا تسألوني أين فإني قد قرأته – أن أول من أطلق مصطلح (الشرق الأوسط ) المؤرخ الأمريكي (ألفرد ماهان ) في أوائل القرن العشرين ، أيام كانت بريطانيا مسيطرة على العالم ، وهذا المصطلح ما يزال لم يحدده تعريف جامع مانع ، فيدخلون فيه دول ويخرجون أخرى ، والله أعلم ).
قال الدكتور محمد يسري : وتكتسب ( راند ) أهمية خاصة من خلال تبنيها لخط مواجهة الخطر الإسلامي ، ومعاملة المؤسسات الإسلامية عموما بشكل إقصائي ، ورميها بالتطرف والإرهاب ، بينما تقف مؤسسات أخرى موقفا أكثر
هدوءا وتعقلا مثل مركز ( كارنيجي ) و ( بروكينجز ) اللذان يجنحان إلى التعامل مع المعتدلين وإشراكهم في اللعبة الديمقراطية .
ولقد تواصل اهتمام ( راند ) البحثي بما يتعلق بالإسلام بتجلياته كافة في الشرق الأوسط ، وفيما يلي عرض لأهم إصداراتها المنشورة حول القضية الإسلامية في السنوات العشر الأخيرة ( قال أبو حكيم من عام 1432 هـ وما قبله )
كتاب ( مواجهة الإرهاب الجديد ) عام ( 1999 م ) في ( 153 ) صفحة ، ودارت فكرته حول أن مصدر الإرهاب الجديد ، هو منطقة الشرق الأوسط ، وأنه سيهدر المصالح الأمريكية والكيان الصهيوني .
تقرير : ( العالم المسلم بعد (11 / 9 ) ) عام ( 2004 م ) في أكثر من ( 500 صفحة ) وتناول عرضا تفصيليا للعالم الإسلامي وخريطته الأيديولوجية ( قال أبو حكيم : يعني الدينية ) والقوى الدينية المؤثرة والخلافات السياسية بينها .
تقرير : ( الإسلام المدني الديمقراطي : الشركاء والموارد والاستراتيجيات ) عام ( 2005 م ) ، حيث تناول خطوط التعامل مع الفئات الإسلامية المختلفة ، وترتيبهم في أولويات التعامل الغربي .
دراسة بعنوان ( ما بعد القاعدة ) عام ( 2006 م ) في مجلدين حول حركة الجهاد العالمية ، والجماعات الإرهابية الإسلامية !!.
تقرير : ( بناء شبكات مسلمة معتدلة ) عام ( 2007 ) في ( 217 ) صفحة ، وقد تناول رسم استراتيجية جديدة ، وقدم توصيات محددة وعملية للحكومات الأمريكية فيما يتعلق بمواجهة الإسلام .
وبشكل عام فإن التقارير الصادرة عن تلك المؤسسة تتصف بالجرأة في الطرح والعمق في التناول والبحث ، واقتراح الخطط التنفيذية .
وهذه نبذة عن تقرير ( 2007 م) ( بناء شبكات مسلمة معتدلة ) : فيه مقدمة وتسعة فصول في ( 217 ) صفحة ، قام على إعداده أربعة باحثين أمريكيين من بينهم سيدة هي ( شيريل بينارد ) ، وهي زوجة مهندس الحرب على أفغانستان ( زلماي خليل زاده ) ، وزلماي هذا أمريكي من أصل أفغاني ، ينتمي إلى المحافظين الجدد ، وشغل منصب المساعد الخاص للرئيس بوش الابن ، وكبير مستشاري الأمن القومي المسؤول عن الخليج العربي وجنوب شرق آسيا ، وقد عين سفيرا لأمريكا في العراق .
أما (شيريل) فهي المسؤولة عن تقرير ( راند ) ( 2005م ) الذي يعد من أدق تقارير ( راند ) وأخطرها .
الأفكار الرئيسة لتقرير ( 2007 ) :
الصراع الدائر بين الغرب والإسلام ليس صراع مصالح بالدرجة الأولى ، إنما هو صراع فكري بين منظومتين متكاملتين ، ومتباينين تماما ، فهو صراع بين الأمة المسلمة والغرب .
يقول معد التقرير ( أنجل راباسا ) وهو باحث أكاديمي حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة (هارفارد ) عمل سابقا في مناصب مهمة بوزارة الخارجية ، والدفاع الأمريكية ، يجيد أربع لغات غير العربية وله عدد من الكتب والدراسات حول العالم الإسلامي . يقول : ( إن الصراع الجاري في العالم الإسلامي اليوم ، هو صراع فكري ) .
كما يرى أن ما يدور داخل المجتمع الإسلامي اليوم من خلافات إنما هو ( صراع داخل الإسلام لتحديد هويته ) .
المواجهة الغربية مع كل التيارات الإسلامية ، وليس مع طائفة جهادية فحسب ، أو سلفية فقط ! فهي مواجهة شاملة للإسلام بأسره ، مادام متمسكا بمضمونه ، وفي هذا السياق يوصف الدكتور (يوسف القرضاوي) في هذا التقرير بالسلفي المتطرف ، وينظر إلى التيار الإسلامي بأسره على أنه أقلية متطرفة بأطيافها كافة داخل الأمة الإسلامية !.
التركيز في المواجهة الفكرية على التيارات السلفية ونبزها بالتطرف والتشدد ، وتجييش مختلف القوى والإمكانات لمواجهتها بكل السبل ، ولا سيما بالتعاون مع الفئات المعتدلة من المنظور الأمريكي ! .
جاء في التقرير : ( يجب أن نعمل مع الشركاء الرئيسيين من أجل عقد مؤتمر دولي في مكان يحمل دلالة رمزية هامة للمسلمين ، وليكن مثلا : ( غرناطة ) في أسبانيا من أجل أن نعلن عن قيام مؤسسة لمحاربة التطرف السلفي ) . ( قال أبو حكيم : ولعل في هذا السياق مؤتمر مدريد عام 1991 بين الصهاينة والدول العربية المحيطة فلسطين وسوريا ولبنان تحت مسمى ( الأرض مقابل السلام ) وقد تكلم في حينه مجموعة من المفكرين في الدلالات الرمزية للموقع والتاريخ حيث سقطت آخر ممالك المسلمين في أسبانيا عام ( 1492 م ) أي بعد مرور خمسمائة سنة وفي هذا من الدلالات ما لا يخفى إذا عدنا لتقرير ( راند ) ولكن ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ، وهم ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون ( ومن تتبع انقلاب تركيا ( والتي يعتبرون حكومتها متطرفة !!! ، بل سمعت بأذني ورأت عيني ( ريتشارد بلاك ) أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي يعتبر السعودية وتركيا هما الخطرعلى السلم العالمي ليس إيران ولا سوريا ، و يشبه أردوغان بهتلر ، وأنه يعتبر هتلر قدوته ، وأنه يسعى لتكون إمبراطورية إسلامية … !!! ( ومقطعه موجود على اليوتيوب https://youtu.be/tyP2u1PXScE والميزانية الفلكية للانقلاب على أردوغان ، قد خرجت بالإعلام ومن هذا العجب والله ، كفانا الله شرهم بما شاء ) .
توظيف غلاة أهل البدع لمواجهة أهل السنة … وحدد التقرير أن أقرب الفئات تعاونا مع المستعمر هم أصحاب الطرق الصوفية …. ( ص 194 ) ( ومما يجب أن يعلم أن الصوفية في تعاملهم مع الغرب ليسوا سواء فلا يصح بحال أن يشحن الجميع في خندق واحد ، ولا يصلح أن يعان أهل الكفر على أحد من أهل الإسلام …)