من مختارات أبي حكيم في الجمعة المائتين والرابعة و الثمانين ( 284) في تعداد الجمع ، والحادية والثلاثين ( 31) في عام ( 1439هـ ) وتوافق ( 4/ 8 / 1439 هـ ) بحسب التقويم .
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله : شعبان بوابة رمضان بُلِّغْنَاهُ ، ورمضان شهر القرآن ، ففي ماضي جمعتنا نقلت ما كتبه الشيخ محمد المنجد – حفظه الله – عن ( ما من زمان إلا والذي بعده شر منه …) وبما أن العصمة من الفتن في ( القرآن ) ، فهذا المقال الجميل رقشه الأستاذ إبراهيم بن عمر السكران – وفقه الله – ، ضمن مقالات كتيبه ( الطريق إلى القرآن ) في الصفحة (21 ) والكتيب يقع في ( 128 ) صفحة من القطع المتوسط وفيه غير المدخل والخاتمة عشر مقالات عناوينها : ( سطوة القرآن ، تأمل كيف انبهروا ( منه ما بين أيدينا) ، منازل الأشعريين ، القلوب الصخرية ، الشاردون ، تطويل الطريق ، من مناطق التدبر ، كل المنهج في أم الكتاب ، دوي الليالي الرمضانية ، الحبل الناظم في كتاب الله ) . وقد طبعته دار الحضارة بالرياض وطبعته الثانية عام ( 1437 ) ويباع بقيمة ( 5 ) ريالات فقط والمقال الذي بين أيدينا مبثوث في الشبكة العالمية ، قال الأستاذ إبراهيم وفقه الله وزاده من فضله :
: الحمدلله وبعد،
تأمل كيف تنفعل ( الجمادات الصماء) بسكينة القرآن ( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)[الحشر، 21] . الجبال الرواسي التي يضرب المثل في صلابتها تتصدع وتتشقق من هيبة كلام الله..
وتأمل كيف انبهر ) نساء المشركين وأطفالهم( بسكينة القرآن، ففي صحيح البخاري أن أبا بكر (ابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيتقصّف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين)[البخاري: 2297] . والتقصف هو الازدحام والاكتظاظ..
وتأمل كيف انبهر )صناديد المشركين( بسكينة القرآن، ففي البخاري أن جبير بن مطعم أتى النبي-صلى الله عليه وسلم- يريد أن يفاوضه في أسارى بدر، فلما وصل إلى النبي وإذا بالمسلمين في صلاة المغرب، وكان النبي إمامهم، فسمع جبير قراءة النبي، ووصف كيف خلبت أحاسيسه سكينة القرآن، كما يقول جبير بن مطعم:
(سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية “أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون، أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون، أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون” كاد قلبي أن يطير)[البخاري، 4854] .
لله در العرب ما أبلغ عباراتهم.. هكذا يصور جبير أحاسيسه حين سمع قوارع سورة الطور، حيث يقول: (كاد قلبي أن يطير ) هذا وهو مشرك، وفي لحظة عداوة تستعر إثر إعياء القتال، وقد جاء يريد تسليمه أسرى الحرب، ففي خضم هذه الحالة يبعد أن يتأثر المرء بكلام خصمه، لكن سكينة القرآن هزّته حتى كاد قلبه أن يطير..
