من مختارات أبي حكيم في الجمعة المائتين والحادية و الثمانين ( 281) في تعداد الجمع ، والثامنة والعشرين ( 28) في عام ( 1439هـ ) وتوافق ( 13/ 7 / 1439 هـ ) بحسب التقويم .
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله :
سبحان ربنا الذي جعل الصراع بين الحق والباطل مستمرا وحتمية لازمة ، لوجود الاختلاف بين الناس ففي هود : (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ( 119 ) .
ولكن من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أن جعل النصر لأوليائه ، ولكن كيفما يشأ هو لا كيف ما نريد، وفي الوقت الذي يريد سبحانه لا كما نتمنى العاجل دون الآجل وما ندري أين الخير ، والله تعالى يقدرُ الخير ، فما علينا إلا الإيمان بموعود الله تعالى ولنكن من أولياء الله تعالى ولنعمل لديننا بقدر طاقتنا ، والله متمم لنا ما وعد ، وتأملوا إن شئتم ما جاء في الأنبياء (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [الأنبياء: 18) ، وانظروا في قوله تعالى في الأنفال ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36( لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37) قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ ۚ نِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40).
والناظر فيما تمر به الأمة اليوم يؤمن بموعود الله تعالى بالابتلاء لتمحيص الصف ، وسبحان عظمة ربنا حين وصف المشهد في أول العنكبوت : (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6)) فهلا جاهدنا بما فتح الله علينا بالمال والقلم واللسان وتكثير سواد الخير بنشر الفضيلة وبيان الحق للناس ودعوتهم إليه وإنكار المنكر بما أوجب الله تعالى وعلى منهج الله ، مع الدعاء بالصلاح والهداية والتوفيق لمن بيده أمر السلطة وتقلد للمسلمين أمراً ، فإن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ، وصلاحهم صلاح للأمة ، ولا يأس

يعتري قلب المؤمن ونتأسى بوصية يعقوب عليه الصلاة والسلام لأبنائه ( … وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) ، فهم قد ذهبوا يطلبون ولدا ضاع من سنوات ، ورده الله لأبيه بعظيم لطفه ، ففي أول الأمر جعل الغيرة في صدر إخوته حتى ألقوه في الجب ثم أحوج قافلة سائرة إلى الماء حتى أرسلوا واردهم ،فورد البئر الذي ألقي فيه يوسف صلى الله عليه وسلم ، وصاح مستبشرا أو باسم رجل معه ( يا بشرى هذا غلام ..) ثم أحوج عزيز مصر للولد ليتخذه ولدا ، ثم أرى الملك الرؤيا ولا معبر لها، ليكون يوسف بعد أن علمه الله التأويل هو المعبر لها ليخرج من السجن ، ثم أحوج أهل الأرض للحفيظ العليم ليكون عزيز مصر ، وينفع الله بتدبيره فيدفع عن الناس غائلة الجوع والشدة ، إنه تدبير الله لكل الناس ، ولكن من يتدبر – الهم رضنا بما اخترته لنا ،واجعل عملنا وفق شرعك ) .
