الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله : كتاب : ( البيان والتبيين )* للجاحظ حققه شيخ المحققين عبدالسلام هارون رحمه الله أختار لكم من الجزء الرابع من آخره ص (57):
أوصى عبدالملك بن صالح ابنا له فقال : ” أي بنيّ أحلم فإن من حلم ساد، ومن تفهّم إزداد، والق أهل الخير، فإن لقاءهم عمارة للقلوب، ولا تجمح بك مطية اللجاج، ومنك من أعتبك، والصاحب مناسب، والصبر على المكروه يعصم القلب. المزاح يورث الضغائن، وحسن التدبير مع الكفاف خير من الكثير مع الإسراف، والاقتصاد يثمِّر القليل، والإسراف يُتَبِّر الكثير ، ونعم الحظ القناعة، وشر ما صحب المرء الحسد، وما كل عورة تصاب . وربما أبصر العمي رشده، وأخطأ البصير قصده. واليأس خير من الطلب إلى الناس. والعفّة مع الحرفة خير من الغنى مع الفجور. أرفق في الطلب وأجمل في المكسب، فإنه رب طلب قد جر إلى حرب. ليس كل طالب بمنجح، ولا كل ملحّ بمحتاج، والمغبون من غبن نصيبه من الله. عاتب من رجوت عتباه، وفاكه من أمنت بلواه. لا تكن مضحاكا من غير عجب، ولا مشاء إلى غير أرب. ومن نأى عن الحق ضاق مذهبه، ومن اقتصر على حاله كان أنعم لباله. لا يكبرن عليك ظلم من ظلمك، فإنه إنما سعى في مضرته ونفعك. وعوّد نفسك السماح، وتخير لها من كل خلق أحسنه، فإن الخير عادة، والشر لجاجة، والصدود آية المقت، والتعلّل آية البخل. ومن الفقه كتمان السر، ولقاح المعرفة دراسة العلم، وطول التجارب زيادة في العقل، والقناعة راحة الأبدان. والشرف التقوي. والبلاغة معرفة رتق الكلام وفتقه.