السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال شيخنا محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله رحمة واسعة – في كتابه الموسوم بـ ( مصطلح الحديث ) وهي رسالة وضعها رحمه الله تعالى لطلاب المعهد العلمي التابع لجامعة الإمام في شرح مختصر لمصطلح الحديث وطبع طبعات ولعل من آخرها ما طبعته مؤسسة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من سلسلة الإصدارات العلمية رقم ( 47 ) ومما جاء فيه :
أ – الصحابي:
من اجتمع بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، أو رآه مؤمناً به، ومات على ذلك.
فيدخل فيه: من ارتد ثم رجع إلى الإسلام: كالأشعث بن قيس؛ فإنه كان ممن ارتد بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، فجيء به أسيراً إلى أبي بكر، فتاب وقبل منه أبو بكر رضي الله عنه.
ويخرج منه: من آمن بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في حياته ، ولم يجتمع به : كالنجاشي ، ومن ارتد ومات على ردته : كعبد الله بن خطل قتل يوم الفتح ، وربيعة بن أمية بن خلف ارتد في زمن عمر ومات على الردة.
والصحابة عدد كثير ، ولا يمكن الجزم بحصرهم على وجه التحديد ، لكن قيل على وجه التقريب : أنهم يبلغون مئة وأربعة عشر ألفاً.
ب – حال الصحابة:
والصحابة كلهم ثقات ذوو عدل ، تقبل رواية الواحد منهم وإن كان مجهولاً ، ولذلك قالوا : جهالة الصحابي لا تضر.
والدليل على ما وصفناه من حال الصحابة : أن الله أثنى عليهم ورسوله في عدة نصوص ، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم يقبل قول الواحد منهم إذا علم إسلامه ، ولا يسأل عن حاله ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء أعرابي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : إني رأيت الهلال : يعني رمضان فقال : “أتشهد أن لا إله إلا الله ؟ “، قال : نعم. قال : “أتشهد أن محمداً رسول الله ؟”، قال : نعم. قال : “يا بلال أَذِّن في الناس فليصوموا غداً “. أخرجه الخمسة ( قال أبو حكيم : راجع المختارة السابقة لتعرف من هم الخمسة ) وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
ج – وآخر الصحابة موتاً على الإطلاق:
عامر بن واثلة الليثي مات بمكة سنة 110 من الهجرة ، فهو آخر من مات بمكة.
وآخر من مات بالمدينة : محمود بن الربيع الأنصاري الخزرجي مات سنة 99هـ.
وآخر من مات بالشام في دمشق : واثلة بن الأسقع الليثي مات سنة 86هـ.
وفي حمص : عبد الله بن بسر المازني سنة 96هـ.
وآخر من مات بالبصرة : أنس بن مالك الأنصاري الخزرجي مات سن 93هـ.
وآخر من مات بالكوفة : عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي مات سنة 87هـ.
وآخر من مات بمصر عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي مات سنة 89هـ.
ولم يبق منهم أحد بعد سنة عشر ومئة؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في آخر حياته فلما سلم قام فقال: “أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مئة سنة منها، لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد” . متفق عليه. وكان ذلك قبل موته بشهر. كما رواه مسلم من حديث جابر.
وفائدة معرفة آخر الصحابة موتاً أمران:
أحدهما: أن من تأخر موته عن هذه الغاية لم تقبل منه دعوى الصحبة.
الثاني: أن من لم يدرك التمييز قبل هذه الغاية فحديثه عن الصحابة منقطع.
قال أبو حكيم ( علمنا في مراحل التعليم الأولى أنه إذا مر الصحابي نعرف به بقولنا : صحابي جليل روي كثيرا من الأحاديث ) فهل هذا التعريف ( روى كثيرا من الأحاديث ) تعريف صحيح ؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
د – المكثرون من التحديث :
من الصحابة من أكثروا التحديث فكثر الأخذ عنهم، والذين تجاوز الحديث عنهم الألف هم:
1 – أبو هريرة رضي الله عنه روي عنه (5374)
2 – عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، روي عنه (2630)
3 – أنس بن مالك رضي الله عنه، روي عنه (2286)
4 – عائشة رضي الله عنها، روي عنها (2210)
5 – عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، روي عنه (1660).
6 – جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، روي عنه (1540)
7 – أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، روي عنه (1170)
ولا يلزم من كثرة التحديث عن هؤلاء أن يكونوا أكثر أخذاً من غيرهم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. لأن قلة التحديث عن الصحابي قد يكون سببها: تقدم موته؛ كحمزة رضي الله عنه عم النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو انشغاله بما هو أهم؛ كعثمان رضي الله عنه، أو الأمرين جميعاً؛ كأبي بكر رضي الله عنه فقد تقدم موته، وانشغل بأمر الخلافة، أو غير ذلك من الأسباب.
والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .