الجمعة التاسعة عشرة / التاسعة من جمادي الاول لعام 1439هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة المائتين والثانية والسبعين ( 272 ) في تعداد الجمع ، والتاسعة عشرة ( 19 ) في عام ( 1439هـ ) وتوافق ( 9 / 5 / 1439 هـ ) بحسب التقويم

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله :

من مرابح مختارة الجمعة المنصرمة  أن سمعت عبر الهاتف صوت الصديق اللطيف صحب الصوت الخفيض  الأستاذ ناصر بن عبدالله الهويريني – حفظه الله – نزيل البدائع  ومن باب رد الجميل إلى أهله وذكر من أحسن إليّ فقد أفدت – وما زلت –  أستفيد فوائد جمة – أحسن الله إليه وزاده توفيقا ورشدا- ، وكان مما قال في مختارة الجمعة الفائتة أنه أعجبه قصرها ، على خلاف العادة في التطويل  ، واليوم بإذن الله تعالى نسيح مع كتب الأدب ومع أبي منصور عبدالملك  الثعالبي النيسابوري  المتوفي قبل ( ألف وعشر سنين  429 هـ رحمه الله )   في كتابه الأدبي الجميل ( يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر  ) ونأخذ منه جملا وألفاظا سارت مسرى المثلِ    لعل الله أن ينفع بها ويشحذ الهمة لقراءة أمثال هذا الكتاب ، لما له من  فضل في جودة السبك ووضوح البيان وحسن التعبير  وجمال الكتابة إذ تكون بلغة عربية جميلة  كما هي لغتنا زادنا الله بها علما ولها استعمالا وتطلباً ،واستمددنا منها فخرا و وزدنا عليها حرصا وفيها خطابا

قال أبو منصور : في ترجمة أبي الفتح ذي الكفايتين في المجلد الثالث ص 216  :  ” وحق على ابن الصقر أن يشبه الصقرا ” . قال أبو حكيم  :  ومثله ” هذا الشبل من هذا الأسد”   ، ونقول في أمثالنا: ”  هذا العود وهذا ( طُرَيْفُهُ )  ، وإن أردت شتما فقل : ” شبه النعل بالنعل ” – أجلكم الله –  ومما حفظنا من أستاذنا أبي عبدالله تركي بن حمد الطاسان – أتم الله له الصحة –: ” تلك العصا من هذه العصية … وهل تلد الحية إلا حية ” ولهذا البيت قصة من قصص الأدب التي لا أؤمن بها كثيرا إنما هي للتسلية والفخر لا أكثر. و ربما قلبنا المثل فإن وجدنا أباً جيدا وابنا دونه قلنا ( هل تورِّثُ النارُ إلا الرماد ) .

وفي ترجمة الصاحب أبي القاسم إسماعيل بن عباد  حيث أنشده  أبو محمد الخازن قصيدة همزية وفيها :

نعم تجنب ” لا ” يوم العطاء كما   ….    تجنب ابن عطاء لثغة الراء .

المجلد الثالث  ص 229 .

قال أبو حكيم : وابن عطاء هذا هو ” وصل ” وهذا اسمه كبير المعتزلة حيث اعتزل حلقة التابعي الجليل الحسن البصري رحمه الله تعالى فسمي مع أتباعه بالمعتزلة وكان ( يلثغ ) في الراء لثغا شنيعا مع ترأسه في العربية وتضلعها منها   ، فيتجنبها في  حديثه وخطبه ومن ذلك قال الجاحظ: كانَ إذا أرادَ أن يذكرَ البُرّ قال: القمح أو الحِنْطة. والحنطة لغة كوفية والقمح لغة شامية. هذا وهو يعلمُ أنّ لغةَ من قال بُرّ، أفصح من لغة من قال قمح أو حِنطة.  قال عنه المبرّد في الكامل: كان واصل بن عطاء أحد الأعاجيب، وذلك أنّه كانَ ألثغَ قبيح اللّثغة في الرّاء، فكان يخلص كلامه من الرّاء ولا يُفْطِنُ لذلك، لاقتداره على الكلام وسهولة ألفاظه .

ومنها ما ذكره صاحب كتاب (البلاغة الميسرة)  قال:  مرّ يومًا بأناس فأرادوا أن يتضاحكُوا من لَثغته، فقالوا له: كيفَ تقولُ: جرَّ رمحَه، وركبَ فرَسَه، وأمرَ الأميرُ بحفر بئر على قارعة الطّريق؟

فقال من فوره: سحبَ ذَابلَه، وامتطى جوادَه، وأوجبَ الخليفةُ نقْبَ قليب على الجادّة. اهـ.

وقال مرة مهددا بشار بن برد  :

أما لهذا الأعمى الملحد المشنّف المُكنّى بأبي مُعاذ من يقتله، أما والله لولا أنّ الغيلة سجيّة من سجايا الغالية، لبعثت إليه من يبعج بطنه على مضجعه، ويقتله في جوف منزله وفي يوم حفله، ثم كان لا يتولّى ذلك إلاّ عُقَيْليّ أو سَدُوسي.

قال إسماعيل بن محمد الأنصاري، وعبدُ الكريم بن روح الغفاري: قال أبو حفص عمر بن أبي عُثمان الشّمَري: ألا تريان كيف تجنّب الرّاء في كلامه هذا وأنتما للذي تريان من سلامته وقلّة ظهور التّكلّف فيه لا تظنّان به التّكلّف، مع امتناعه من حرف كثير الدّوران في الكلام. ألا تريان أنّه حين لم يستطع أن يقول بشّار، وابن برد، والمرعث، جعلَ المشنّف بدلاً من المُرعّث، والملحد بدلا من الكافر، وقال: لولا أنّ الغيلة سجية من سجايا الغالية، ولم يذكر المنصورية ولا المُغيرية، لمكان الرّاء، وقال لبعثت من يبعج بطنه، ولم يقل: لأرسلتُ إليه، من يبقر بطنه ،  وقال : على مضجعه، ولم يقل على فراشه. اهـ

( هذه الحكايات نقلتها من موقع الألوكة )  كتبها ربيع بن المدني السملالي  جزاه الله خيرا  ، وكنت قد قرأتها سابقا في كتب الأدب إنما كان بيان أن النقل من هذا الموقع لرد الفضل لأهله .  

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

اترك تعليقاً