الجمعة السابعة والثلاثين / الثالث والعشرين من رمضان لعام 1436هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة التاسعة والثلاثين بعد المائة (139 ) في تعداد الجمع ، والجمعة السابعة والثلاثين ( 37 ) من عام 1436 هـ وتوافق ( 1436/9/23 هـ ) بحسب الرؤية والتقويم

( صيد الخاطر ) كتاب للإمام أبي الفرج جمال الدين عبدالرحمن بن علي بن محمد الجوزي القرشي البغدادي  المتوفى سنة ( 597 هـ )  رحمه الله

كتاب لطيف طريف امتلأ حكمة وعلما  ، إنه صيد ونعم والله الصائد وصيده ، ( وأهل الصيد يعرفون الفتنة في  تتبع الصيد والظفر به ) ولله الحمد والمنة تصيدُ عقل ابن الجوزي في كتابه وأنت على أريكتك  وفي جوك البارد ، فقط وضع فيه تجربته في الحياة وما يراه من أحوال الناس بأجمل أسلوب  وأجزله مع متانة وقوة ورصانة وآراء سديدة  وحكم مأثورة  .

وفق الله بتصفحه فوجدت هذا الفصل مناسبا لطرحه على العموم  لما نحن فيه من هذا الشهر الفضيل وفي عشره الأخيرة وربما أن بعضنا أكثر من الدعاء في أمر ولم ير إجابة فتأمل معي كلام ابن الجوزي ملخصا :

قال في الفصل الثامن والثلاثين ( ص 49 )  من طبعة دار الفكر عام (  1408 ) وقالوا عنها : الطبعة الأخيرة  ؟!!  :

( 38 – فصل – رأيت من البلاء العجاب ، أن المؤمن يدعو فلا يجاب ، فيكرر الدعاء وتطول المدة فلا يرى أثرا للإجابة ، فينبغي له أن يعلم  أن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى صبر ، وما يعرض للنفس من الوسواس في تأخير الجواب مرض يحتاج إلى طب ، ولقد عرض لي من هذا الجنس ، فإنه نزلت بي نازلة ، فدعوت وبالغت ، فلم أر الإجابة ، فأخذ إبليس يجول في حلبات كيده ،  فتارة يقول : الكرم واسع والبخل معدوم ، فما فائدة تأخير الجواب ؟ فقلت له : اخسأ يا لعين ! فما أحتاج إلى تقاضي وما أرضاك وكيلا ، ثم عدت إلى نفسي فقلت : إياك ومساكنة وساوسه ، فإنه لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك المقدِر في محاربة العدو لكفى في الحكمة .

فقالت  ( قال أبو حكيم :  أي نفسه التي تحدثه  ) فسَلِّني عن تأخير الإجابة في مثل هذه النازلة .

فقلت : 1- قد ثبت بالبرهان أن الله عز وجل مالك ، وللمالك التصرف بالمنع والعطاء فلا وجه للاعتراض عليه.

2- أنه ثبتت حكمته بالأدلة القاطعة ، فربما رأيتّ الشيء مصلحة والحكمة لا تقتضيه .

3 . أنه قد يكون التأخير مصلحة والاستعجال مضرة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل ، يقول : دعوت فلم يستجب لي ) .

4- أنه قد يكون امتناع الإجابة لآفة فيك فربما يكون في مأكولك شبهة ، أو قلبك وقت الدعاء في غفلة ، أو تزاد عقوبتك في منع حاجتك لذنب ما صدقت في التوبة منه ، فابحثي عن الأسباب لعلك تقعي بالمقصود .

5 – أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بهذا المطلوب ، فربما كان في حصوله زيادة إثم ، أو تأخير عن مرتبة خير ، فكان المنع أصلح .

6 – أنه ربما كان فقد ما فقدتيه سببا للوقوف على الباب واللجا  ( قال أبو حكيم : يقصد باب الله بالدعاء والرجاء )   ، وحصوله ( قال أبو حكيم : أي إجابة الدعاء ) سبب للاشتغال به عن المسؤول ، وهذا الظاهر بدليل أنه لولا هذه النازلة ما رأيناك على باب اللجا ، فالحق عز وجل علم من الخلق اشتغالهم بالبر عنه ، فلذعهم في خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه ، يستغيثون به ، فهذا من النعم في طي البلاء ، وإنما البلاء المحض ما يشغلك عنه ، فأما ما يقيمك بين يديه ، فيه جمالك  .

وإذا تدبرت هذه الأشياء تشاغلت بما هو أنفع لك ، من حصول ما فاتك من رفع خلل ، أو اعتذر من زلل ، أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب . (ا. هـ )

والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

اترك تعليقاً