الجمعة العشرين / السادس عشر من جمادي الاول لعام 1439هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة المائتين والثالثة والسبعين ( 273) في تعداد الجمع ، والعشرين ( 20) في عام ( 1439هـ ) وتوافق ( 16 / 5 / 1439 هـ ) بحسب التقويم .

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله :

قام الزملاء الكرام ( الإرشاد الطلابي والنشاط الطلابي )  يوم أمس الخميس بتكريم الطلاب الحاصلين على درجات عالية في اختبارات المستويات الأولى والثالثة والخامسة في النظام الفصلي في ثانوية الخبراء  وعددهم خمسون طالبا تقريبا ، وهي بادرة جميلة لطيفة حيث يقضون يوما مفتوحا  وكان المستقبِل في هذا اليوم معهد العمارة والتشييد برياض الخبراء في صالة الألعاب خاصتهم – فجزاهم الله خيرا –

وكان العدد الأكبر من المكرمين من طلاب الصف الثالث و في جدولي لهذا اليوم حصتان عند صفين من ثالث فكان العدد قليلا والطلاب المتميزون خارج المدرسة  فكان أن أخرنا درس اليوم ” اضطرارا” ليوم لاحق ، ولا أظنني تميزت في هذا فبقية الزملاء أكاد أجزم أنهم فعلوا كفعلي ، فقلت  في هذه الحصة سيكون الحديث ذو شجون  ، ومن باب استغلال الفرص في مثل هذه الحصص وللخروج عن مسار الشرح المعتاد فوجدت الأمر قد فتح بابه حين سأل طالب عن حالة في امرأة المفقود كيف تعمل لو تزوجت من واحد فخرج ولم يعد فتزوجت من ثان وخرج ولم يعد أيضا وتزوجت الثالث فجاء الزوجان الأولان ، فما الحكم ؟

وخلاصة الكلام للفائدة :

 

يجوز لها أن تتزوج بعد مضي أربع سنين من غيبة زوجها وانقضاء عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً، قال ابن تيمية رحمه الله : والصواب في امرأة المفقود مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره من الصحابة، وهو : أنها تتربص أربع سنين ثم تعتد للوفاة .

ويجوز لها أن تتزوج بعد ذلك، وهي زوجة الثاني ظاهراً وباطناً، ثم إذا قدم زوجها الأول بعد تزوجها خُيّر بين امرأته وبين مهرها، ولا فرق بين ما قبل الدخول وبعده، وهو ظاهر مذهب أحمد، وعلى الأصح لا يعتبر الحاكم فلو مضت المدة والعدة تزوجت بلا حكم. هذا منقول من إسلام ويب .

وفي ملتقى أهل الحديث :

درسنا في حاشية الروض المربع : ( امرأة المفقود تتربص حرة كانت أو أمة – أربع سنين من فقده إن كان ظاهر غيبته الهلاك – كمن غرق مركبه ، أو فقد بين أهله ، أو في مفازة مهلكة ونحو ذلك لما روى مالك وغيره : عن عمر في امرأة المفقود ، تربص اربع سنين ، ثم تعتد اربعة اشهر وعشرا ، وهو مذهب الجمهور – وتتربص تمام تسعين سنة من ولادته إن كان ظاهر غيبته السلامة ثم تعتد للوفاة أربعة اشهر وعشرة ايام .

وإن تزوجت زوجة المفقود بعد مدة التربص والعدة فقدم الزوج الأول : 

أ – قبل وطيء الثاني : 

فهي للأول ترد إليه بلا تخيير لبقاء نكاحه ويدفع للثاني ما أعطاها من مهر .

لأننا تبينا بقدومه بطلان نكاح الثاني ولا مانع من الرد بالعقد الأول بلا تخيير . وهو المذهب .

ب – إن قدم الزوج الأول بعد وطء الثاني فللزوج الأول : أخذها زوجة بالعقد الأول لأنها زوجته باطنا ولو لم يطلق الثاني . ولا يطؤها الزوج الأول قبل فراغ عدة الثاني وللأول تركها مع الثاني . من غير تجديد عقد للثاني ، وقال المنقِح : الأصح بعقد لأن بقدوم الأول حكمنا ببطلانه فيجب على الأول ان يطلق ويعقد الثاني عليها ولكن الصحيح أنه لا يجدد العقد الثاني لأنه لو احتاج لتجديد لترتب عليه : 

– أن يطلقها الأول . 

2- أن تعتد عدة طلاق 3 حيضات .

– إذا اختار الزوج الأول أن يتركها فإنه يأخذ :

قدر المهر الذي أعطاها من الزوج الثاني إذا تركها له .

والصحيح : أن الزوج اذا قدم فهو مخير بين استرجاعها أو إبقائها وأخذ المهر سواء وطئت أو لم توطأ .  انتهى

فكأن بعض الطلاب استغرب الفقد وبابه فهم بحمد الله يعيشون في طفرة التواصل الاجتماعي فتستطيع أن تعيش مع من تريد لحظة بلحظة في أي مكان بالعالم .

 فكان الحديث عن نجد كمثال لأسباب الفقد  وما مرت به قبل مائة وعشر سنوات من مسغبة عظيمة وما تسببه تلك الحوادث من الهجرة والخروج من البلد أو كما تفعله الحروب -نعوذ بالله منها – فهي كما قال زهير بن أبي سلمى

وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُم    ….    ُوَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّم

ِمَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَة   ….     ًوَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَم

ِفَتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها   …..    وَتَلقَح كِشافاً ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ

فَتُنتَج لَكُم غِلمانَ أَشأَمَ كُلُّهُم    ….    كَأَحمَرِ عادٍ ثُمَّ تُرضِع فَتَفطِم

ِفَتُغلِل لَكُم ما لا تُغِلُّ لِأَهلِها   ….     قُرىً بِالعِراقِ مِن قَفيزٍ وَدِرهَمِ

وبما أن الحديث ذو شجون فقد تشعبت بنا أوديته حتى وصلت إلى كتاب الشيخ محمد الناصر العبودي فحثثت أبنائي الطلاب على القراءة منه ومعرفة أمثالنا

  – ولعل بعضنا اطلع خلال الأسابيع الماضية على بعض المقاطع للشيخ العبودي   حكى عن شيء مما يعلمه وهو بحاثة نسابة أعطاه الله حافظة عجيبة والمستمع لبرنامج ” المسلمون في العالم رحلات ومشاهدات ” عرف قولي ،

وله مقطع تحدث فيه عن   أول من ذهب إلى أمريكا سائسا للخيل وكيف عاد لبريدة بعد سنوات  وكان  حفظه الله قد كتبها قبل في كتبه –

 

والكتاب المعني (معجم الأصول الفصيحة للأمثال الدارجة ) ويقع في ثمان مجلدات وهو كتاب لطيف خفيف سهل ممتع ،  فيه من وجوه العربية بابا واسعا كما لا يخلو من ربط بين الأمثال في عالمنا العربي من نجده و شامه ومصره ويمنه بل ومن جزائره ومغربه ( وكنت قد ذكرته في مختارة سابقة )

وقرأت فيه في المجلد الثاني ص 72 : ”  جربوع ما يسوى تعبه  ” ومما ذكر فيه : قال الجاحظ : أخبرني أبو نُجيح ، وكان حج مع المسيب بن شريك عام حج المهدي في صحبة سلسبيل ، قال : زاملت المسيب في حجته تلك ، فبينما نحن نسير إذ نظر إلي يربوع يتخلل فراسن الإبل   فصاح بغلمانه : دونكم اليربوع ، فأحضروا ” تعبوا” في أثره فأخذوه ، فلما حططنا قال : اذبحوه ، ثم قال : اسلخوه واشووه ، وائتوني به في غدائي .

قال : فأتي به في آخر الغداء على رغيف قد رعَّبوه فهو أشد حمرة من الزهوة – يريد البسرة  – فعطف عليه ، فثنى الرغيف ، ثم غمزه بين راحتيه ، ثم فرج الرغيف فإذا هو قد أخذ من دسمه ، فوضعه بين يديه ، ثم تناول اليربوع فنزع فخذا منه ، فتناولها ، ثم قال : كل يا أبا محمد .

فقلت : ما لي به حاجة ، فضحك ، ثم جعل يأتي عليه عضوا عضوا .

واستغرب العبودي سلخه فقال : إنا لا نفهم ذلك ، لأنه ليس فيه جلد سميك ، إنما كنا نشويه بجلده فتأكل النار شعره ، ويكون جلده وقاية للحمه من النار .

قال أبو حكيم : أما صيد الجرابيع ” اليرابيع ” فرياضة أجزم أن أي أحد من طلابي لم يطلق ساقيه  جاريا قد حفزه النفس في ميدان وادي الرمة على حافة مزرعتنا ” القاعية ”  ليلا خلف جربوع ، وفاتته متعة من متعنا .

 فقد كنا مثلا كغيرنا من الشباب في أعمارنا  ليلة الخميس- حينما كان الخميس إجازة ، ولم تكن تشغلنا مباريات الفرق الأوربية أو يأخذ وقتنا مراحل لعبة قتالية ، أو يملأ فرغنا تسجيل سناب وخلافه مما ضره أكبر من نفعه إلا من رحم الله .

 

فكنا- ندفن ” المندي ” ثم نركب السيارات في وقت استوائه لساعتين متنافسين مع بعضنا فيمن يحضر أكبر قدر من الجرابيع وكم حصل فيها من حوادث ، لا يتسع المكان لذكرها .

وكانت طريقة صيدنا الجري والإمساك به باليد بعد أن نضعه في مركز ضوء أنوار السيارة ، وغيرنا ربما استخدم ” السلق ” أو استخدم عصا الأثل في طرفه هدب …

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

اترك تعليقاً