الجمعة التاسعة والثلاثين / السادس من شوال لعام 1438هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة المائتين واثنتين و أربعين (242) في تعداد الجمع ، والتاسعة والثلاثين (39 ) في عام ( 1438هـ ) وتوافق ( 6 / 10 / 1438 هـ ) بحسب الرؤية و التقويم

اليوم أخذ بأيديكم إلى حكايات من مجالسنا  ” مجلس عسيلة ”   وقبل أن أدخل في موضوعي أبين لكم  بيئة القصة

“عسيلة”  بحمد الله ذات مجلس عامر  من أيام حياة  الجد حمد بن موسى – رحمه الله-  وإلى اليوم  ( والجد توفي في عام 1379 هـ رحمه الله – وبحول الله – يكون الأحفاد كأجدادهم  بل يقولون ها نحن ذا   ، وعسيلة  من  مزارع ” آل طاسان ” الكرام  بالخبراء  آلت إليهم بالشراء في الحراج  في مجلس الخبراء  ، في قصة  تغلَّب فيها جانب العقل على القلب  ، فترك الجد موسى الحمد  ” والد جدي لأبي”  الزواج بامرأة كان قد دخل البلدة قادما من ( مزرعتهم ” القُلَيِّب ” غرب الخبراء  والتي ابتدعها أبوه ” حمد الراشد “)   بقصد خطبتها  فوجد الحراج قبل أن يصل بيت الخطيبة ، فوقف ودخل المزايدة واشترى الأرض  ودفع المهر الذي معه مهرا لحرث الأرض لا لحرث النسل  ، وكانت لديه زوجة من قبل وحصل خلاف أدى إلى اتخاذه الخطة ” ب ” في خطبة المرأة  ولكن أراد الله شيئا  ، وعادت الزوجة لسالف ودها لما جاءت عسيلة  ،  وهي  أعني عسيلة شق من أحد نصفي ما كان يعرف (بالذيابيات  نسبة إلى عائلة الذيبان الكريمة ) في شمالي قرية الخبراء التراثية اليوم  .  واشترى جدنا  – رحمه الله – موسى الحمد الراشد  النصف الشمالي منها كما يذكر أشيخانا بمبلغ ( 32  اثنين وثلاثين  ريالا والأقرب أنه فِرانسي وهو ريال ماري تريزا النمساوية وإنما سمي فرانسي لأنه جاء مع الحملة الفرنسية على مصر فدخل الجزيرة )  وذكر من له عناية بتاريخ أسرتنا أن أجددانا قدموا للخبراء  – بحدود سنة ( 1245 هـ ) – بعد أن سكنوا الرس مدة  من بعد خروجهم من عنيزة  .

تملُّك ” عسيلة ”  -القائمة الآن بالخبراء –   كان بعد قدومهم للخبراء بسنوات طويلة  تزيد على السبعين  يقينا لأن الحرب في القصيم مع ابن رشيد كانت في حدود سنة ( 1322 هـ )  وكان نخل المزرعة صغيرا لم يثمر ويوشك  –  والله أعلم ،  رحم الله الأموات  ومتع بالأحياء  على دين وعمل صالح وحسن ختام .

 هذا جرى به القلم وأطال ،  وإلا حديثي  عن قصص  تتردد في مجالسنا كثيرا عن الوجيه  المفضال وممن دفع الله بلاءا كثيرا ببركة ماله ومساعدته للناس وتوسيعه عليهم وحسن الاقتضاء منهم بل والتسامح الكبير  في استرداد دينه   فما تأتي به ليكون جزء ا من سداد  الدين ،  لم يكن يرده ولو  كان لا قيمة له ،  إنه الرجل الكريم :  صالح بن عبدالرحمن بن صالح بن سليمان بن حمد بن سليمان بن علي الميمان – رحمه الله – ، ولد رحمه الله في مدينة الخبراء بالقصيم في عام (1324هـ ) وتوفي بمستشفى البكيرية في يوم الأحد الثالث من شعبان من عام ( 1411 هـ )  وصلي عليه في  جامع الخبراء.

 ( قال أبو حكيم هكذا كتب ابنه عبدالرحمن وأكاد أجزم أن الصلاة عليه كانت في جامع العجلان *  وهو أحد جامعي الخبراء  .من الغد – رحمه الله تعالى  – وكنتُ بحمد الله  ممن شهد جنازته والصلاة عليه ، وأذكر حضور رجال كثير  وفيهم أشياخ  قد كرت عليهم الليالي والأيام حتى أحنت ظهورهم  وجعلتهم يمشون دبيبا ، ولكن جنازة ( أبي دحيم ) أو  ( ابن ميمان ) لا تترك وتشيع حتى تدفن كيف لا  ؟! وله من الفضل على الناس ما يذكر ويشكر   ، وقد سمعت بأذني شيخا كبيرا متوكئا على عصاه  بعد ان انتهينا من الدفن وقفلنا راجعين – ولمَّا نخرج من المقبرة بعد –  يغالب دمعه ويقول : ” اليوم دفنا أبو الجميع ” ) .

 وهذا رابط  “بملف وورد ”  لسيرته مختصرة  كتبها ابنه عبدالرحمن – حفظه الله –  وإن كنت أجزم أن الرجل لم يعط حقه من بحث سيرته  وتسطير حياته ليكون فنارا يهتدي به من يريد أن يستشهد بقصص النجاح  رحمه الله تعالى  : 

[DOC]السيرة الذاتية للوالد صالح بن عبدالرحمن بن صالح بن سليمان …    

وقصتنا اليوم  تتحدث عن شيء من فضائله –رحمه الله –   ، حدث عمي صالح بن حمد بن موسى بن حمد بن راشد  بن موسى بن عبدالرحمن الملقب طاسان  -متع الله به-  ، بسؤالي له  في مجلس عسيلة في ليالي عيد الفطر المبارك من عام ( 1438 هـ )  عن قصة عن ” ابن ميمان” ( وأصبحت هذه علما له )  وكنت أريد أن أضبط الأسماء فيها  ، وكان الحديث يدور عن بعض أحوال القرن الماضي في منطقتنا  حال الفقر والعوز والحاجة ، وأن التجار  في ( منطقتنا ) كان لهم عادة ( تسليف المزارعين ) ، كما هو معروف متداول بين الناس  ،  ولكن المصيبة في الاقتضاء  فقد ابتكر تجارنا طريقة في  استرداد الدين لم يُسبقوا إليها ، ولا أدري من دلهم عليها ،   فبعد حصاد ( العيش )  “القمح ” يرسل التاجر من قِبَلِه رجلا يبيت عند ( المربد ) (الجرين) ” مكان جمع المحصول ”  نسميه ” الراصود ” ، حتى لا يأخذ المزارع منه شيئا  ، ليستوفي التاجر حقه وفي الغالب أنه يأخذ كل المحصول ولا يبقى للفلاح شيئا  ،  وعلى حسب ما سمعنا  من أقارب لنا  في مناطق أخرى أن هذه العادة ( القبيحة ) لم تكن معروفة عندهم  .

في سنة من السنين  كان في البدائع  رجل  فلَّاح  من (آل الحامد ) الكرام ، وكان يُعامل ( مُداينة ) تاجرا  من أهل عنيزة ، يعرف ب ” ابن حنطي ”  وفي سنة لم يسلفه شيئا لبقاء دين عليه في سنة ماضية  ، فجاء ” آل حامد ” “لابن ميمان ”  واستلف منه  ما زرع به ،  فلما حصد  القمح وكان في ” الجرين ” ، أرسل” ابن حنطي ” (راصودا بخيمته ليحرس الجرين )  ،   وقبيل ظهر يوم  جاء “ابن ميمان” على سيارته – وكان لا يقود السيارة بل  له سائق وهم عدة –   يطلق نفيرها ، وكان صوته – رحمه الله –  أعلى منها حيث كان جهوري الصوت   ، و” ابن حامد”  داخل بيت مزرعته  ، وما به قصور عن أمور الرجال ، ومعرفة ما يجب للضيف والطارق ، ولكن يقول :  والله ما عندي في البيت ما أقدمه له   ، فكان مترددا بين الخروج  والاستتار ، فلما رأى إلحاح “ابن ميمان” خرج إليه  ، فقال له “ابن ميمان”  : في السيارة ” لحم  ، وقهوة”  ( ولِّمْ لنا الغداء)  ، فكان فضل من الله لم أحسب له حسابا  ، فأصلحت ما يجب لمثله ، وبعد الغداء نظر إلى الجرين فوجد الخيمة  ، فقال ما هذه ؟ فقلت : “راصود لابن حنطي ”  ، قال : ولماذا ؟ ، قلت  : له دين عليّ  دارهم وعيش ، فقال وكم هي ؟ فأخبرته ، فقال لمن معه : اكتب (لمحمد بن قبلان) – وكيله في عنيزة – كتابا يأمره فيه  أن يسدد ( يُوَصِّل )  دين ” ابن حامد”  ” لابن حنطي ”  ” الدراهم والعيش ”  ، وأعطاني الكتاب ،وقال لي :  قل له ، والله الذي لا إله إلا هو  لئن غابت شمس اليوم والخيمة في مكانها لأوقدن بها النار  ،   يقول “ابن حامد”  فخرجت مسرعا ومررت على “ابن عضيب ” لأن  عنده سيارة ، فركبت معه لعنيزة ، وجئت ” ابن قبلان ” وأعطيته الكتاب  ، فقال  : إن شاء الله العصر أقضيه الدين  ، فلما كان العصر خرجت معه لدكان “ابن حنطي ” ، فقضاه الدين  “العيش والدراهم”  ، فلما ضرب على ” الدفتر ”  ، قلت له يقول لك العم ” ابن ميمان ” : والله لئن بقيت الخيمة لمغيب الشمس لأحرقنها  بما فيها  ، فقال ” ابن حنطي ” : من فضلك  تنتظر للغد صباحا وسأرسل  من يأخذها ،  فقلت نعم  ، يقول ” ابن حامد ” ، فجعل الله سداد أمري وصلاح حالي  من تلك  السنة بفضل الله ثم بفضل ” ابن ميمان ” رحمه الله تعالى  .

قال أبو حكيم : ومما يؤثر عن ” ابن ميمان ” أن أكره ما يجد في المجلس الغيبة لأحد كائنا من كان ، فكان لا يرضها لأحد  ، ولا يرضى أن يُحتقر أحد من الناس عنده مهما بلغ ضعفه وقلة ذات يده  ، وكان مما أنعم الله به عليه احترام النعمة  وعدم الإسراف فيها  .

وفضائله أكثر من أن يحصرها مقال  ، فترحموا عليه وعلى أمواتكم  في هذا اليوم المبارك  فكم من فرجة سدها وكم من خلة أصلحها وكم من فقير أغناه  بفضل الله وتوفيقه رحمه الله وجعل قبره روضة من رياض الجنة وجزاه الله بفضله الواسع على ما وسع على الناس آمين .    

وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

*وبعد الإرسال أرسل إليّ الأستاذ صالح بن فايز الفايز  في نفس اليوم ، وأفاد أن الصلاة على ابن ميمان رحمه الله  كانت  في جامع العويد  وليس العجلان  وأكد مجموعة من الأخوة هذا كأحمد الميمان وأضاف أيضا أن صالح السعود العريمة صلي عليه في جامع الخبراء  وأكد الخبر أيضا مطلب بن موسى النفيسة  وغيرهم  .

اترك تعليقاً