الجمعة الخامسة والثلاثين / السابع من رمضان لعام 1438هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة المائتين وثمان وثلاثين (238) في تعداد الجمع ، والخامسة والثلاثين (35 ) في عام ( 1438هـ ) وتوافق ( 7 / 9 / 1438 هـ ) بحسب الرؤية و التقويم

الحمد الله على نعمه ،   بلغنا رمضان  اللهم وفقنا فيه للصيام والقيام كما تحب واجعلنا كما نحب ،

رمضان وقت زيادة العبادة  لما له من الفضل  ففيه  تكثر النوافل  ولعل من أظهرها صلاة التراويح  ، وهنا أذكر إخوتي كما نرى الحرص على نافلة التراويح  بأن نكون أشد حرصا على الفرائض فهي رأس المال ، ومن المعقول أن حفظ رأس المال مقدم على الربح  ، فإنك تجد من إخواننا كثافة في صلاة الفجر والمغرب  ولا تكاد تجد النصف في صلاة الظهر والعصر  -والله المستعان – ، هذا للمناسبة أما حديث اليوم فيتعلق بمسألة في الصلاة ، وهي أنني أصلي خلف أئمة كرام- جزاهم الله خيرا –  وأجد من بعضهم إذا انتهت الفاتحة يسكت سكتة يصح أن نصفها بالطويلة ،  حتى أنه يمكن لمن خلفه أن يقرأ الفاتحة أو جلها ،  فهل فعله موافق للسنة ؟

وقبل أن نجيب لنعرِّف بالمصدر : مجمع الفقه الإسلامي بجدة  التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي  أصدر سلسلة  من الكتب تحت مسمى ( آثار ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال  وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد – عليه رحمة الله –  وبتمويل من مؤسسة سليمان بن عبدالعزيز الراجحي الخيرية ،  وبين يدي الكتاب رقم ( 19 )   ( كتاب الصلاة لابن القيم )  – تحقيق  : عدنان بن صفا خان البخاري  ، وطبعته دار عالم الفوائد ،  وبين يدي الطبعة الثاني عام ( 1436 هـ ) وتقع في ( 564 صفحة بالفهارس )   والحقوق محفوظة لمؤسسة الراجحي  ، جاء فيها في ص ( 406 )  : ” واختلفت الرواية عنه ، هل كان يسكت بين الفاتحة وقراءة السورة   ، أم كانت سكتته بعد القراءة كلها ؟  فقال يونس بن الحسن عن سمرة : ” حفظت سكتتين ، سكتة إذا كبر الإمام حتى يقرأ ، وسكتتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب وسورة ( هكذا في الأصل وفي الهامش وسكتة )  عند الركوع  ، وصدَّقه أبي بن كعب -رضي الله عنه- على ذلك  ( أخرجه أحمد وأبوداود ، وابن ماجة والدرقطني  ، وضعف الألباني الحديث في الإرواء ) ، ووافق يونسَ أشعثُ الحمراني عن الحسن فقال : ” سكتة إذا استفتح وسكتة إذا فرغ من القراءة كلها ) .

وخالفهما قتادة ، فقال عن الحسن  : أن سمرة بن جندب وعمران بن حصين -رضي الله عنهما  –  تذاكرا فحدَّث سمرة – رضي الله عنه –   أنه حفظ عن رسول الله ﷺ  سكتتين  ، سكتة إذا كبر وسكتة إذا فرغ من قراءة ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) فقط ، فحفظ ذلك سمرة  – رضي الله عنه –  ، وأنكر عليه عمران بن حصين – رضي الله عنه –    ، فكتبا في ذلك إلى أبي بن كعب – رضي الله عنه –  فكان في كتابه إليهما ( أنَّ سمرة قد حفظ ) .

وقال قتادة أيضا عن الحسن عن سمرة : ( سكتتان حفظتهما عن رسول الله ﷺ ، إذا دخل في الصلاة ، وإذا فرغ من القراءة ” ثم قال بعد : ” وإذا قال ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) أخرجه أبو داود .

فقد اتفقت الأحاديث أنها سكتتان فقط ،  إحداهما سكتة الاستفتاح ، والثانية مختلف فيها ،  ، فالذي قال إنها بعد قراءة الفاتحة هو قتادة ، وقد اختَلَفَ عليه ، فمرة قال ذلك ، ومرة قال  : ” بعد الفراغ من القراءة ”  . ولم يختلف على يونس وأشعث أنها بعد فراغه من القراءة كلها وهذا أرجح الروايتين  . والله أعلم .

وبالجملة فلم ينقل عنه ﷺ بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه كان يسكت بعد قراءة الفاتحة حتى يقرأها من خلفه ، وليس في سكوته في هذا المحل إلا هذا الحديث المختلف فيه  كما رأيت . ولو كان يسكت هنا سكتة طويلة يدرك فيها المأموم قراءة الفاتحة لما خفي ذلك على الصحابة – رضي الله عنهم –  ، ولكان معرفتهم به  ونقلهم له أهم من سكتة الاستفتاح . 

  والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

اترك تعليقاً