الجمعة الرابعة عشرة / السابع من ربيع ثاني لعام 1440

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الثامنة عشرة بعد الثلاثمائة ( 318) في تعداد الجمع ، و الرابعة عشرة ( 14 ) في عام ( 1440هـ ) وتوافق ( 7 / 4 / 1440 هـ ) بحسب التقويم

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

من نعمة الله على عبده أن يوفقه أن يشغل وقته فيما ينفعه ، وأن لا تضيع دقائق عمره هباءً منثورا – اللهم اجعلنا من الموفقين – أنعم الله على عبده فأمضى برهة – والبرهة: الحين الطويل من الدهر كما في اللسان * –     في قراءة من كتاب ” جامع السنة  للشيخ المقحم حفظه الله – وقد تكلمت عنه في مختارة سابقة –  وكان مما مر عليّ فيه ، في المجلد الأول ص ( 104 ) حديث رقم ( 151 ) وفيه ذكر للجن ،  و الحديث في صحيح البخاري : عن عبد الله بن عمر قال :  ما سمعت عمر يقول لشيء قط :  إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن ،  بينما عمر جالس : إذ مر به رجل جميل ،  فقال : لقد أخطأ ظني ، أو إن هذا على دينه في الجاهلية ،  أو لقد كان كاهنهم ،  عليَّ الرجلَ ، فَدُعِيَ له ،  فقال له ذلك ،  فقال :  ما رأيت كاليوم استُقْبِلَ به رجل مسلم  ، قال : فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني ،  قال : كنت كاهنَهم في الجاهلية ، قال :  فما أعجبُ ما جاءتك به جِنِّيَّتُكَ ؟ قال :  بينما أنا يوما في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع  ، فقالت : ألم تر الجن وإِبْلاَسَها ؟ ويأسَها من بعد إنكاسها ولحوقها بالقِلاص وأحلاسها؟  قال عمر :  صدق ، بينا أنا نائم عند آلهتهم إذ جاء

رجل بِعِجْلٍ فذبحه ، فصرخ به صارخ لم أسمع صارخا قط أشد صوتا منه ، يقول :  يا جليح أمر نجيح ، رجل فصيح ، يقول :  لا إله إلا الله ،  فوثب القوم ، قلت : لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا ، ثم نادى :  يا جليح أمر نجيح ، رجل فصيح ،  يقول :  لا إله إلا الله ،  فَقُمْتُ ، فما نَشِبْنَا أن قيل :  هذا نبي ) . قال ابن حجر : إبلاسها : المراد به اليأس ضد الرجاء ، القِلاص : جمع ، وهي الفتية من النياق  ، الأحلاس : جمع ، وهو ما يوضع على ظهور الإبل تحت الرحل ، جَليح : الوقح المكاشف بالعداوة  . قال ابن التين : يحتمل أن يكون نادى رجلا بعينه ، ويحتمل أن يكون أراد من كان بتلك الصفة . أمر نجيح : سريع ناجح .

الجن خلق من خلق الله  ، نؤمن بوجودهم كفعل الصدر الأول ، وإن أنكر وجودهم بعض الفلاسفة وبعض الفرق  كالجهمية أو المعتزلة – على خلاف في طبيعة الإنكار- ، وفي القرآن سورة باسمهم :  سورة الجن ( السورة الثانية والسبعون ) وعدد آياتها ( ثمان وعشرين آية )، وهي مكية ،  وورد ذكر الجن  في القرآن كما ذكر الشيخ محمد فؤاد عبدالباقي – رحمه الله –  في  المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ( الجان ) في سبع آيات ( الحجر والنمل والقصص والرحمن ) ، ولفظة ( الجن ) : ثنين وعشرين آية ، ولفظة ( جِنة ) : عشر آيات .

ومن لطيف شرح ابن حجر – رحمه الله –  في الفتح  لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما-  : أن الرجل اسمه : سواد بن قار ب  وهو سدوسي أو دوسي ،  قول عمر – رضي الله عنه –   :  ” جِنِّيَّتُكَ ” أي الواحدة من الجن كأنه أنَّث تحقيرا ، ويحتمل أن يكون عرف أن تابع سواد منهم كان أنثى ، أو هو كما يقال : تابع الذكر يكون أنثى وبالعكس**  . 

وقد عقد البخاري في كتاب مناقب الأنصار بابا :  ( باب ذكر الجن …) قال ابن حجر : تقدم الكلام على الجن في أوائل كتاب بدء الخلق بما يغني عن إعادته  .

وفي كتاب بدء الخلق : باب :  ذكر الجن وثوابهم وعقابهم  ، ثم فصّل  – رحمه الله – في حالهم ومآلهم وأنواعهم .

وفي خزانتي  كتب موضوعها الجن  :

  • فتح المنان في جمع كلام ابن تيمية عن الجان لأبي عبيدة  مشهور بن حسن آل سلمان  ، ( في مجلدين ) ،  وفي آخره : تحقيق البرهان في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الجان  لابن قاضي الجبل .

  • عالم الجن والشياطين ، د. عمر بن سليمان الأشقر .

  • آكام المرجان في أحكام الجان ، لبدر الدين أبي عبدالله محمد بن عبدالله الشبلي ت ( 769 هـ ) تهذيب وتعليق الشيخ : إبراهيم رمضان .

  • وقاية الإنسان من الجن والشيطان لوحيد عبدالسلام بالي .

  • حقيقة الجن والشياطين من الكتاب والسنة لمحمد علي حمد السّيّدابي .

  • عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة للدكتور عبدالكريم نوفان عبيدات ، وهي رسالة علمية ( ماجستير ) من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، بإشراف الشيخ : عبدالرحمن بن ناصر البراك . وقد دلني عليه الأخ الأستاذ : علي بن صالح الجبر البطيّح – نزيل البدائع ، حرسه الله وحرسها وبلادنا وبلاد المسلمين .  قال الدكتور عبيدات :

وتأملات في الكتابات المتعلقة بهذا الموضوع فوجدتها صنفين :

1 . صنف من الناس كتب في هذا الموضوع خلط فيه الحق بالباطل ، والسمين بالغث  ، فما عادت تتبين الرؤية الصحيحة عن هذا المخلوق .

2 . صنف كتب عنه كتابة مستمدة من الكتاب والسنة ، ولكنها في غاية الاختصار ، كفصل من كتاب ، أو صفحات قليلة ، فجاءت غير وافية بالمطلوب .

وإزاء هذا بقي الموضوع في حاجة إلى بحث يجمع شتاته ، ويقرب مسائله لطالبي المعرفة  ، فرأيت أن أكتب في هذا الموضوع كتابة جادة متعمقة مستمدة من التصور الإسلامي ، الذي رسمه القرآن الكريم والسنة النبوية ، وكنت حريصا من البداية أن تكون كتابتي بعيدة عن التعويل على الروايات الضعيفة ، فضلا عن الروايات الموضوعة ، ليكون هذا البحث صورة واضحة المعالم ، صادقة المضمون عن هذا العالم ، الذي يعيش معنا على هذه الأرض ، ويشترك معنا في التكاليف .

  • ومن طريف الكتب : ( ألفاظ الجن في اللغة العربية دراسة لغوية ) للأستاذ الدكتور : عبدالرزاق بن فراج الصاعدي ،  ومما قال في مقدمته  : ولهذه الدراسة أهداف من أهمها :

  • جمع الألفاظ المتعلقة بالجن من مظانها المختلفة ، قدر الطاقة ، وتصنيفها تصنيفا علميا يقرب متناولها ، مع توثيقها وبيان معانيها واشتقاقها قدر الإمكان .

        *لسان العرب لابن منظور  المجلد:  ( 13 ) ، ص :  ( 476 ) ، الطبعة الثالثة : ( 1414) ، دار صارد .

**( فتح الباري شرح صحيح البخاري :  المجلد السابع ، كتاب مناقب الأنصار ، باب : إسلام عمر رضي الله عنه ، الحديث (3866 ) ، طبعة دار السلام الأولى ( 1420 هـ ) .

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

اترك تعليقاً