الجمعة العشرين / العشرون من جمادي الاول لعام 1438هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة المئتين وثلاث وعشرين (223) في تعداد الجمع ، والعشرين(20 ) في عام ( 1438هـ ) وتوافق ( 20 / 5 / 1438 هـ ) بحسب التقويم .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته  :

( جحا ) ومن لا يعرف ” جحا ” بل يحسب الكثير أنه غني عن التعريف ويقولون لك : ( المعروف لا يعرَّف ) وهو (أشهر من نار على علم )  ، وأقول لك :  فاسمع مني مقالتي  واقرأ عني مقالي  لنر هذه المعرفة وهذه الشهرة هل هو كما تظن أم لا  ؟

دار المأمون للتراث بدمشق – أعاد الله أمنها –  طبعت كتاب  الأستاذ ” محمود الأرناؤوط ” ( عناقيد ثقافية )  الطبعة الأولى عام ( 1405 هـ)  واختار المؤلف عددا من الصور للشام ” دمشق ” بالأسود والأبيض  في منتصف القرن الماضي وضمنها أواخر مقالاته  – وهي والله تثير الشجون  وتهز الوجدان فكيف كنتِ يا دمشق ُ وما صرت اليوم  – وياليت شيخنا الطنطاوي رحمه الله – على ظهر الأرض ليرسم لوحة بكلماته تصف حال اليوم ولكن هي الدنيا إلى النقص والزوال – اللهم آتنا خيرها واكفنا شرها ) .

 ومما جاء فيه ( ص 59 ) :  ( جحا في الصين أيضا ) :  وكان من خبر ه : أن المؤلف اشترى كتابا عن الحكايات الشعبية في الصين فوجد  حكايات(جحا ) منسوبة إلى شخصية اسمها ( نصر الدين أفانتي ) فعزم المؤلف عن الكتابة عن هذا في مجلة عربية ليطلع عليه الناس  ، وفعل -بعد أن شُغِل عن همه وعزمه سنتين- في هذا المقال في : ( مجلة الثقافة الأسبوعية ) في  العدد العاشر في آذار مارس من عام ( 1984 م )

فنقل في البداية من كلام للعقاد – رحمه الله –  في  كتابه ( جحا الضاحك المضحك ) ما ملخصه : أنه يستحيل أن يكون هناك شخصية ( جحا ) واحدة  لتباعد الزمان في قصص الشخصية منذ صدر الإسلام حتى العصر العباسي بل و العثماني  وتباعد المكان والبيئات كما أن تصوير الشخصية من التغفيل والحماقة  إلى حدة الذكاء والطبع الساخر وتمثيله التحامق استهزاء بمن يدَّعون الحكمة  يُبْعِدُ توحد الشخصية  ، وقيل عنه :  إنه ( نصر الدين التركي  ) وقيل : بل هو ( أبو الغصن العربي الفزاري )  وقيل : هو  من ( النَّوْكَى ) – الحمقى – الهاكعين  ويقال عنه : إنه من أصحاب الكرامات والحالات المتسترين بالولاية وهم يجهرون بالهذر والبلاهة ، ويستحيل أن تصدر هذه النوادر عن ” جحا ” وحده كائنا من كان .

من هو جحا ؟

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء : (جحا أبو الغصن صاحب النوادر دجين بن ثابت اليربوعي البصري )  ، وقيل : آخر ، رأى أنساً رضي الله عنه ، وروى عن أسلم ( مولى عمر بن الخطاب  رضي الله عنه )   ، وهشام بن عروة شيئا يسيرا  … وأخذ عنه ابن المبارك ومسلم بن إبراهيم والأصمعي وغيرهم ، قال النسائي : ليس بثقة ،  عن مكي بن إبراهيم قال : رأيت جحا الذي يقال فيه  مكذوب عليه ! ، وكان فتى ظريفا ، وكان له جيران ( مخنَّثون ) يمازحونه ، ويزيدون عليه .

قال عباد بن صهيب : حدثنا أبو الغصن جحا – ما رأيت أعقل منه – قال كاتبه : ( لعل القائل عباد ) : لعله كان يمزح أيام الشبيبة فلما شاخ أقبل على شأنه ، وأخذ عنه المحدثون  .

وقد قيل إن جحا المتماجن أصغر من ( دجين )  … وَوَهَمَ من قال : إن أبا الغصن هو ثابت بن قيس المدني ) .

في ( المنجد في اللغة والأعلام ) حكموا أنه رجل أسطوري وتعقبهم المؤلف في الهامش فلو نقبوا كتب التراث لوجدوا من مؤرخي المسلمين من ذكره وحسبهم الذهبي الحافظ المنقب المدقق  ،  وبين المؤلف  أن ( المنجد ) عنده من الأخطاء بالعشرات بل بالمئات ما يجعل المحققين المدققين  يقللون من الاعتماد عليه  ، كما أنه يفتقر إلى ذكر المراجع والمصادر التي اختيرت منها مواده ) .

قال الزركلي : “جحا الكوفي الفزاري أبو الغصن ” صاحب النوادر يضرب به المثل في الحمق والغفلة ، كانت أمه خادمة لأم أنس بن مالك رضي الله عنه  ، ويقال كان بالكوفة إبان ثورة أبي مسلم الخرساني وأدخله عليه مولاه يقطين  فقال : ” يا يقطين أيكما أبو مسلم ) ، وأورد ابن حجر في لسان الميزان ترجمة لمحدث من أهل البصرة اسمه ” دجين بن ثابت اليربوعي ” وكنيته ” أبو الغصن ” ونفى رواية من قال إنه  ” جحا ” .

قال الزركلي : قال شارل بلا : إن الجاحظ أول مؤلف عربي ذكر جحا في مؤلفاته ذكره في رسالة عن ” علي رضي الله عنه والحكمين ” وذكره في كتاب ” البغال ” .

في ” فهرست ابن النديم ” من الكتب المصنفة في أخبار المغفلين ” نوادر جحا ” وهذا حتما غير ” نوادر جحا ” المطبوع بمصر وبيروت ومترجم عن التركية  ، المنسوبة أخباره إلى ” جحا الرومي ” المعروف ب ” خوجة نصر الدين ” ، وقد دخلت فيه حكايات من نوادر ” جحا العربي “

ويضيف الزركلي : وفي مخطوطة حديثة سميت ب” قطعة من تراجم أعيان الدنيا الحسان ” في المكتبة الشرقية اليسوعية ببيروت : ” كان أبو الغصن جحا البغدادي صاحب مداعبة ومزاح ونوادر توفي في خلافة المهدي العباسي ” .

وقيل إنه توفي ما بين سنة ( 130 هـ إلى سنة  160 هـ ) والله أعلم 

ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق حيث أننا لو استرسلنا أكثر مما كتبنا لجرى القلم كتابةً  عن ( جحا التركي  ، وجحا الألباني  ، وجحا الصيني ) وحسبي أني دللت على البضاعة وأبواب السوق مشرعة  فمن رام المزيد وتشوّفت نفسه لغير ما كُتب فعليه بالكتاب وقد ضمَّن المؤلف آخر المقالة مراجعه …

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

اترك تعليقاً