الجمعة الأولى / السادس من محرم لعام 1438هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة المئتين وأربع (204) في تعداد الجمع ، والأولى في عام ( 1438 ) نسأل الله تعالى أن يجعله عام خير وبركة وتوافق ( 6 / 1 / 1438 هـ ) بحسب التقويم و الرؤية .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

بحمده تعالى وثناء عليه أمضينا مع آخر الجمعة المنصرمة أربع سنوات بالتمام والكمال ، والتوفيق من الله لم نخرم منها  جمعة واحدة إلا ما كان حين (سرق ) فتأخر الإرسال يوما  والحمد لله على كل حال  ، ونبدأ – بعون الله تعالى – بالسنة الخامسة مع سؤال الله حسن القصد وصواب العمل وإتقانه  وإجادة الاختيار ونفعه ، وأن يكون في الميزان في كفة الحسنة  ، ونرجو من الأخوة سد الخلل والعذر عند النقص ، فكمال الإنسان في نقصه  ، ورحم الله من سد خلالا  وبين حقا ، فإن وافقتك الرأي فنعما هي ، وإن خالفتني فالحمد الله أن في الأخوة مجالا رحباً ليدفن فيه أي أثر قد يكدر صفوها  ،  والله المستعان وعليه التكلان . وانظر لمثل هذه القصص ترى حسن الأخلاق ( صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل ، عبدالفتاح أبو غدة ص 219  طبعة مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب )

في المدرسة ، وليس أحد منا إلا له سببُ تعلق بها سواء بنفسه قديما أو الآن ،  أو من أحد فلذات  كبده من البنين والبنات  أحسن اللهم لهم النبات ، أو الأخوة والأخوات جمع الله القلوب بصالح النيات … الخ ، (والعبدُ الفقير)  ممن بُلي بالعمل في المدارس خلال العشرين سنة الماضية ، وأزعم أني اكتسبت خبرة  يمكن معها التفريق بين المتشابهات  ، وأرجو من الله أن يكون أثري حسنا وعملي خالصا  ، ومما راق لي في اطلاعي هذا الأسبوع  مما له تعلق بالمدرسة ، وهو مما  يعرض لإدارة المدرسة والوكيل في المقدمة ومرشدها الطلابي وهو قلبها  وبعض المعلمين وهم في الساقة – وكل على خير –  مما تفرضه طبيعة العمل مع الجيل الصاعد ، ومما يفرضه واقعهم الذي يعيشونه أعني بما سبق ( نصح الطلاب ) ، ومما يوافق هذا ما استللته  مما جمعه يوسف الصالح في كتاب له وسمه ب ( الفروق لابن القيم ) – منتزع من أغلب كتب ابن القيم رحمه الله – وطبعه في مطابع الفرزدق التجارية بالرياض طبعته الأولى عام ( 1413 –  1992 ) قال في صفحة ( 88 ) ( الفرق بين النصيحة والتأنيب )  وهو منتزع من كتاب (الروح )  :

( إن النصيحة إحسان إلى من تنصحه بصورة الرحمة  له والشفقة عليه والغيرة له وعليه ، فهو إحسان محض يصدر عن رحمة ورقة ، ومراد الناصح بها وجه الله ورضاه ، والإحسان إلى خلقه ، فيتلطف في بذلها غاية التلطف  ، ويتحمل أذى المنصوح ولائمته ، ويعامله معاملة الطبيب العالم المشفق للمريض المشبع مرضا ، وهو يتحمل سوء خلقه وشراسته ونفرته ، ويتلطف في وصول الدواء إليه ، بكل ممكن فهذا شأن الناصح .

وأما المؤنب فهو رجل قصده التعيير والإهانة وذم من أنبه وشتْمِه في صورة النصح ، فهو يقول له : يا فاعل كذا وكذا يا مستحقا للذم والإهانة ، في صورة ناصح مشفق ، وعلامة هذا أنه لو رأى من حُبَّه إليه على مثل عملي أو شر منه لم يتعرض له ، ولم يقل له شيئا ، ويطلب وجوه المعاذير  له ، فإن غُلب قال : وإني ضمنت له العصمة ؟! ، والإنسان عرضة للخطأ  ،ومحاسنه أكثر من مساوئه ، والله غفور رحيم ونحو ذلك ، فيا عجبا كيف كان هذا لمن يحبه دون من يبغضه ، وكيف كان حظ هذا منك التأنيب في صورة النصح ، وحظ هذا رجاء العفو والمغفرة وطلب وجوه المعاذير .

ومن الفروق بين الناصح والمؤنب ، أن الناصح لا يعاديك إذا لم تقبل نصيحته ، وقال : قد وقع أجري على الله ، قبلت أو لم تقبل ، ويدعو لك بظهر الغيب ولا يذكر  عيوبك ولا يبينها للناس ، والمؤنب بضد ذلك . 

( جعلنا الله من الناصحين لا المؤنبين )     

   والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

اترك تعليقاً