الجمعة الخمسين / الثالث والعشرين من ذي الحجة 1435هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الواحدة بعد المائة ( 101 ) في تعداد الجمع ، والجمعة الخمسين ( 50) من عام 1435 هـ وتوافق (1435 / 12 / 23 ) بحسب الرؤية ، والتقويم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أيها الأماجد اليوم نقف معا ، مع القمم ، ومع أحبابنا وقدواتنا وسلفنا ، مَن ( حبهم دين وإيمان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ) – العقيدة الطحاوية – إنهم النجوم في السماء  إنهم ( أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم – وكفى بها منقبة .

الدكتور : جاسم بن محمد المطوع -جزاه الله خيرا -أصدر في هذا العام ( 1435 هـ ) الطبعة الأولى من كتابه ( الصحابة المبدعون )  عن طريق دار اقرأ للنشر والتوزيع – الكويت –  ( طباعة فاخرة ملونة )

وقال على غلاف الكتاب : ( أول مرجع مهم في القصص الاستدلالي والتصنيف المنهجي الدقيق للأحداث والأخبار لخير  جيل فريد من البشر  الصحابة المبدعون ) .

يقع الكتاب في ( 429 ) من الصفحات ويتكون من مقدمة وأربعة فصول وخاتمة  :

الفصل الأول : تميز الصحابة في علاقتهم بالله تعالى .

الثاني : تميز الصحابة في علاقتهم العائلية .

الثالث : تميز الصحابة في أخلاقهم و علاقتهم  الإنسانية  .

الرابع : تميز الصحابة وإبداعهم في مجالات الحياة . ( الإدارة والتخطيط ، الإبداع  والتطوير ، العمل الخير  والاجتماعي ، الإعلام والاتصال ، الاقتصاد والعمل التجاري ، المجال  الرياضي ، العمل السياسي  ) .

ابي حكيم7

ونقف وإياكم في المجال الرياضي ومع سلمة بن الأكوع رضي الله عنه .

قال أبو حكيم : تأمل جيدا وانظر في هذه القصة المخرج أصلها في صحيح مسلم ، لتجد فيها مقدار اللياقة البدنية العالية التي يتمتع بها هذا الصحابي الجليل والشجاعة المفرطة والمبادرة الفردية  وحفظ الحقوق والأدب الجم .

قال سلمة  : خرجت أنا ورباح غلام النبي -صلى الله عليه وسلم- بظهر النبي – صلى الله عليه وسلم- وخرجت بفرس لطلحة ، فأغار عبدالرحمن بن عيينة الفزاري  على الإبل ، فقتل راعيها ، وطرد الإبل هو وأناس معه في خيل . فقلت : يا رباح ! اقعد على هذا الفرس ، فألحقه بطلحة ( قال أبو حيكم : الفرس أمانة عنده فلم يرد أن يضيعها ، وهو راجل وليس بفارس  )  ، وأعلم رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وقمت على تل ، ثم ناديت ثلاثا : يا صباحاه ! ( قال أبو حكيم : كلمة استغاثة وإنذار وطلب للنجدة والعون ) ، ( قال أبو حكيم : وفي رواية : فأسمعت ما بين لابتيها –  حرتيها الوبرة وواقم – ) واتبعت القوم ( قال أبو حكيم : على قدميه ) ، فجعلت أرميهم ، وأعقر بهم ، وذلك حين يكثر الشجر فإذا رجع إلي فارس ، قعدت له في أصل شجرة ، ثم رميته ، وجعلت أرميهم ، وأقول . أنـا ابـن الأكوع     واليوم يوم الرضع

وأصبت رجلا بين كتفيه ، وكنت إذا تضايقت الثنايا ، علوت الجبل ، فردأتهم بالحجارة ، فما زال ذلك شأني وشأنهم حتى ما بقي شيء من ظهر النبي – صلى الله عليه وسلم- إلا خلفته وراء ظهري ، واستنقذته .

ثم لم أزل أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحا ، وأكثر من ثلاثين بردة يستخفون منها ، ولا يلقون شيئا إلا جعلت عليه حجارة ، وجمعته على طريق رسول الله – صلى الله عليه وسلم- حتى إذا امتد الضحى ، أتاهم عيينة بن بدر مددا لهم ، وهم في ثنية ضيقة ، ثم علوت الجبل ، فقال عيينة : ما هذا ؟ قالوا : لقينا من هذا البرح ، ما فارقنا بسحر إلى الآن ، وأخذ كل شيء كان في أيدينا . فقال عيينة : لولا أنه يرى أن وراءه طلبا لقد ترككم ، ليقم إليه نفر منكم . فصعد إلي أربعة ، فلما أسمعتهم الصوت ، قلت : أتعرفوني ؟ قالوا : ومن أنت ؟ قلت : أنا ابن الأكوع . والذي أكرم وجه محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يطلبني رجل منكم فيدركني ، ولا أطلبه فيفوتني .

فقال رجل منهم : إني أظن .

فما برحتُ ثَم ( قال أبو حكيم : لم يتحرك من مكانه )  ، حتى نظرت إلى فوارس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتخللون الشجر وإذا أولهم (الأخرم الأسدي ، وأبو قتادة ، والمقداد) ; فولى المشركون . فأنزلُ ، فأخذت بعنان فرس الأخرم ، فقلت له : لا آمن أن يقتطعوك ، فاتئد حتى يلحقك المسلمون ( قال أبو حكيم ( اتئد) : انتظر أو أبطئ من سيرك )  ; فقال : يا سلمة ! إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر ، وتعلم أن الجنة حق والنار حق ، فلا تحل بيني وبين الشهادة ، فخليت عنان فرسه ، ولحق بعبدالرحمن بن عيينة ، فاختلفا طعنتين ، فعقر الأخرم بعبد الرحمن فرسه ( قال أبو حكيم : أصاب فرسه )  ، ثم قتله عبد الرحمن ، وتحول عبد الرحمن على فرس الأخرم ، فيلحق أبو قتادة بعبد الرحمن ، فاختلفا طعنتين فعقر بأبي قتادة ، فقتله أبو قتادة ، وتحول على فرسه .

وخرجت أعدو في أثر القوم حتى ما أرى من غبار أصحابنا شيئا ، ويعرضون قبيل المغيب إلى شعب فيه ماء يقال له : ” ذو قرد ” فأبصروني أعدو  وراءهم ، فعطفوا عنه ( قال أبو حكيم : تركوا الماء ) ، وأسندوا في الثنية ، وغربت الشمس ، فألحق رجلا ، فأرميه ; فقلت : خذها وأنا ابن الأكوع ، واليوم يوم الرضع . فقال : يا ثكل أمي أكوعي بكرة ؟ ( قال أبو حكيم : معنى قوله أي أنت الأكوع الذي معنا من الصباح ) ، قلت : نعم يا عدو نفسه . وكان الذي رميته بكرة ، فأتبعته سهما آخر ، فعلق به سهمان . ويخلفون فرسين ، فسقتهما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على الماء الذي حليتهم عنه – ” ذو قرد ” – وهو في خمس مائة ، وإذا بلال نحر جزورا مما خلفت ، فهو يشوي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-( قال أبو حكيم : وبينت رواية أنه يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها )  فقلت : يا رسول الله ! خلني فأنتخب من أصحابك مائة ، فآخذ عليهم بالعشوة ، فلا يبقى منهم مخبر . قال : أكنت فاعلا يا سلمة ؟ قلت : نعم . فضحك حتى رأيت نواجذه في ضوء النار . ثم قال : إنهم يُقرون الآن بأرض غطفان   . (قال أبو حكيم : وفي رواية أنه قال له صلى الله عليه وسلم ( ملكت فأسجح ) ، أي خذ بالرفق واللين فالنكاية في العدو حصلت والحمد الله ( شرح النووي على مسلم ) )

قال : فجاء رجل ، فأخبر أنهم مروا على فلان الغطفاني ، فنحر لهم جزورا ، فلما أخذوا يكشطون جلدها ، رأوا غبرة ، فهربوا . فلما أصبحنا ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : خير فرساننا أبو قتادة ، وخير رجّالتنا سلمة . وأعطاني سهم الراجل والفارس جميعا . ثم أردفني وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة .

فلما كان بيننا وبينها قريبا من ضحوة ، وفي القوم رجل كان لا يسبق جعل ينادي : ألا رجل يسابق إلى المدينة ؟ فأعاد ذلك مرارا . فقلت : ما تكرم كريما ولا تهاب شريفا ؟ قال : لا ، إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت : يا رسول الله بأبي وأمي ، خلني أسابقه . قال : إن شئت . وقلتُ : امض (قال أبو حكيم : أي طلب من الرجل أن ينطلق قبله ) . وصبرت عليه شرفا أو شرفين حتى استبقيت نفسي ، ثم إني عدوت حتى ألحقه ، فأصك بين كتفيه ، وقلت : سبقتك والله ، أو كلمة نحوها ، فضحك ، وقال : إن أظن ، حتى قدمنا المدينة . أخرجه مسلم مطولا .

قال أبو حكيم : كتاب جميل جدير بالقراءة  تكرارا .

والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

اترك تعليقاً