الجمعة السادسة والأربعين / الثالث والعشرين من ذي القعدة لعام 1437هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الثامنة والتسعين بعد المائة ( 198) في تعداد الجمع ، والسادسة والأربعين ( 47 ) في عام ( 1437هـ ) وتوافق (1437 / 11/23 ) بحسب التقويم

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته  

التاريخ أحداث تتكرر قد  تختلف الشخوص و الأزمان ولكن نتيجة النظام الإلهي في تصريف حياة الإنسان لا تتغير فسبحان من له البقاء ، ومصر من بلاد الإسلام التي دخلها الإسلام مبكرا على يد الصحابي الجليل و القائد المظفر عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه ،وسيبقى رغم كيد الكائدين بإذن الله ، وما زال الحديث عن مصر ذا شجون ويقف الإنسان حيران فيما يرى من أحداث في مصر ، -ومن تسلط رؤوس الإعلام من مختلف المشارب ولكن من أراد بمصر فتنة أو شرا قصمه الله كما نقل مؤلف الكتاب الذي -سيأتي بعد إن شاء الله – عن كعب الأخبار رضي الله عنه .

و الكتاب (لابن وصيف شاه) عن مصر أسماه ب (جواهر البحور ووقائع الأمور وعجائب الدهور ) المعروف ب(فضائل مصر وأخبارها) ،وهو في تاريخ مصر منذ نشأتها  والمحقق والمعلق على الكتاب د. محمد زينهم  وطبعته الدار الثقافية للنشر بالقاهرة الطبعة الأولى عام (١٤٢٥) ب (١٩١) صفحة من القطع العادي وحققه الدكتور على نسخة مخطوطة محفوظة بدار الكتب المصرية .

ومما جاء في الكتاب عن مصر :

– قال المسعودي (المؤرخ ) : (لو زرعت أرض مصر كلها لوفت بخراج الدنيا بأسرها) . ونقلت أيضا عن (القضاعي) من علماء الشافعية بمصر وتوفي بها سنة (٤٥٤) وزاد ( لم يكن في أرض ملك أعظم من ملك مصر … ( قال أبو حكيم : فما بالها اليوم تعاني، وتشرد أهلها في شتى بقاع الأرض ) .

– ومن جميل الشعر هذان البيتان أوردهما المؤلف في موت ملك مصر من الجبابرة (تدرسان) لما غرق بنهر النيل

 

تمتع من الدنيا بلذتك التي

ظفرت بها ما لم تعقك العوائق

فما أمسك الماضي عليك بعائد

ولا يومك الآتي به أنت واثق

( قال أبو حكيم : هذا بالحلال واستغلال يومك بأفضل ما يكون فليس لك من الوقت إلا ما أنت فيه ).

-ملك مصر الجبابرة قبل طوفان (نوح) صلى الله عليه وسلم وبعده وفي الكتاب عجائب من أخبارهم لا تدخل عقلا ، إنما هي أساطير يُتسامر بها في المجالس أشبه بحكايات ألف ليلة وليلة لمن اطلع عليها ، ويميل الكتاب إلى أن منهم بناة الأهرامات -قبل الطوفان-  و مدينة إرم  ، ثم جاء بعدهم الفراعنة وهم ستة أولهم (فرعون إبراهيم) صلى الله عليه وسلم الذي أخذ (سارة) واسمه (طوطيس)، وثانيهم الفرعون الذي اشترى وزيره (قطفير )( يوسف) صلى الله عليه وسلم واسمه أي الفرعون (الريان بن الوليد بن أرسلاوس) (!!) ويزعم المؤلف إيمانه وأنه كتمه ، وكان إسلامه على يد (يعقوب) صلى الله عليه وسلم،  وفي سيرته من عجائب الرحلات والحروب ووصف لبعض الناس ، ما لا يعقل ، وثالثهم ابنه (دارم )وكان جبارا عنيدا مولعا بشرب الخمر وحب النساء الحسان ( قال أبو حكيم : ومن ليس كذلك أقصد الحسان  ،فما العجب في ذلك ؟!) ، والرابع اسمه عند القبط ( دريموس ) وكان ساحرا ، وخامسهم ( ميلاطيس الفرعوني بن دريموس )   وآخرهم فرعون موسى واسمه ( الوليد بن مصعب ) (!!) وأصله من بلخ ،وقيل من ضياع الشام ،ثم تجمعت عليه ديون فخرج هاربا لمصر ، وصفته :أعور العين اليسرى ، طويل اللحية ( طولها سبعة اشبار ) !!!!(هكذا هي في الكتاب ) والعجيب أنه قصير القامة أعرج ، وزعموا أنه هلك في زمنه ثلاثة قرون من الناس وهو ملك ، وأنه ملك (٤٠٠) سنة !!!! لم ير طول هذه المدة تنكيدا ، فدّعى الربوبية ، حتى هلك باليم في القصة القرآنية ويرى المؤلف أن اليم هو ( بحر السويس في بركة الغرندل ) هو وقومه حتى لم يبق في مصر إلا العبيد و الأجراء والنساء ، فأعتقت النساء العبيد واتخذتهم أزواجا أو تزوجن من الأجراء واشترطن عليهم أن لا يفعلوا شيئا إلا بإذنهن ،وصارت هذه عادة في القبط لا يشتري أحدهم أو يبيع إلا بإذن زوجته ،وبعد الفرعون الهالك اتفقت النساء على تولية امرأة منهن تسمى (دلوكة)ذات عقل ومعرفة وكان عمرها (١٦٠) سنة !!! وحكمت ( ١٣٠ ) سنة !!! وجاء بعدها الأقباط في الحكم حيث تولى الحكم بعدها أولهم  (دركون بن بكطوش) ،ثم تولوها واحدا إثر آخر حتى كان آخرهم ( المقوقس واسمه جريج بن مينا ) الذي أدرك النبوة وأهدى للنبي صلى الله عليه وسلم الهدايا ، في سنة (٦)من الهجرة  حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه حاطب بن أبي بلتعة اللخمي رضي الله عنه  (ت٣٠ ) للهجرة. و حكم (٣١) سنة ، حتى فتحها عمرو بن العاص عام (٢٠ ) للهجرة في مستهل محرم في خلافة عمر رضي الله عنهم أجمعين .

-ثم صارت مصر في ملك بني أمية وآخر ولاتها منهم  ( عبيدالله بن مروان ) -وجاء بعدهم الدولة العباسية وكان أول أمير لها منهم (صالح بن علي العباسي) وهو من تعقب (مروان بن محمد) آخر خلفاء بني أمية وقتله في قرية ( بوصير) أواخر عام (١٣٢)  وهو عم (السفاح) فولاه مصر أوائل عام (١٣٣) .

واستمر الولاة  واحدا إثر آخر حتى جاء أحمد بن طولون تركي مستعرب وكان شجاعا جوادا حسن السيرة  في زمن المعتزبالله العباسي  سنة (٢٥٤ )  وخرج عليه واستقل بمصر حتى توفي عام (٢٧٠) وخلفه أبناؤه فيما يعرف بالدولة الطولونية و(أحمد ) هو الأمير الوحيد من أمراء مصر الذي استقل بخراج مصر بنفسه ، ثم جاء بعدهم الدولة الأخشيدية وآخرهم كافور الذي اشتهر بحكمته في ملكه وأشهره (المتنبي) بقصائده طمعا فيما عنده وكان مما هيج (المتنبي) للحاق به أن كافورا كافأ الشاعر (محمد بن عاصم) بألف دينار لما قال له بيت الشعر الشهير حين زلزلت مصر زلزلة عظيمة:

ما زلزلت مصر من خوف يراد بها

لكنها رقصت من عدلكم طربا

. وبكافور ختم الأمراء في مصر  فمن عمرو بن العاص رضي الله عنه لكافور ( ٧٢ ) أميرا .

حيث جاءت الدولة الفاطمية العبيدية وحكمت من عام (٣٥٨) حيث دخلها قائدهم جوهر الصقلي  وقصص خلفائها فيها من العجب وأخص ( الحاكم بأمر الله ) وفي قصصه ما تنزه المجالس عن ذكرها ،حتى سقطت هذه الثمرة الفاسدة بموت العاضد آخر خلفائها حيث سمم نفسه لما قطع  صلاح الدين رحمه الله  الخطبة له بأمر نور الدين الشهيد رحمه الله عام (٥٦٧ ) حيث حكموا مصر ما يقارب (  ٢٠٦ ) سنين ولم يبق في مصر من ترفضهم إلا سبة بالشارع المصري ( يابن الرفضي ) والحمد لله .

ثم جاء بعدهم الدولة الأيوبية ثم الترك والجراكسة ( المماليك )وآخرهم قنصوه الغوري و الأشرف طومان باي الذي قتله سليم الأول العثماني سنة (٩٢٢)

( قال أبو حكيم )  وبعده سنوات من ولاة العثمانيين لمصر من المماليك  تولى محمد علي بك الألباني من قبل العثمانيين ثم استقل بمملكتها لما قتل المماليك في مذبحة القلعة الشهيرة ولم ينج من مقتلته إلا ( الألفي )وكان آخر أبناء محمد علي الملك فاروق وابنه أحمد ثم حكم العسكر بثورتهم عام (١٩٥٢ م )على الملكية وأولهم محمد نجيب صوريا  ثم جمال عبد الناصر وبعده السادات وبعدهما محمد حسني مبارك ثم الرئيس المنتخب  محمد مرسي  ثم حكم العسكر مرة ثانية بالسيسي ولا يزال .

وقال ابن وصيف شاه : وأكثر من ملك مصر الغرباء

 

  حفظ الله مصر وجميع بلاد المسلمين من كل مكروه

وهي محفوظة بإذن الله بالإسلام

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

اترك تعليقاً