الجمعة السادسة والأربعين / الرابع والعشرين من ذي القعدة 1435هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة السابعة و التسعين ( 97 ) في تعداد الجمع ، والجمعة السادسة والأربعين ( 46 ) من عام 1435 هـ وتوافق (1435 / 11 / 24 ) بحسب الرؤية ، والتقويم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يا سادة يا كرام هذه الجمعة سأقف معكم مع شيخنا ( علي الطنطاوي ) رحمه الله تعالى

فهذا يا سادة يا كرام ( محمود بن عبدالقادر الأرناؤوط ) ابن المحقق الكبير ( عبدالقادر المتوفى عام (2004 ) رحمه الله تعالى عن عمر قارب الثمانين عاما  ) واسم( عبدالقادر) في الأوراق الثبوتية ( قدري) كما يذكر ابنه ( محمود ) ولكنه اشتهر في الناس بـ( عبدالقادر ) رحمه الله ، و( محمود ) هذا امتهن مهنة والده في تحقيق كتب التراث وتفرغ لهذا العمل منذ عام ( 1980 م) فحقق عدة كتب منها ( شذرات الذهب في أخبار من ذهب ) لابن العماد  وذلك عام ( 1985 م) كما شارك في (موسوعة نظرة النعيم ) تحت إشراف الشيخ (صالح بن حميد) حفظ الله الجميع ونفع بهم وله ما يزيد عن ( 70 ) كتابا إما بالتأليف أو التحقيق  أو المشاركة فيها .

ولـ (محمود) كتاب لطيف في مباه غزير في مادته جمع فيه من طريف  الكتب في وقت تأليف الكتاب المطبوع عام ( 1405 هـ ) ومن تالدها القديم ،  أسماه ( عناقيد الثقافة ) طبعته دار المأمون للتراث .

وفي ص (77 ) وما بعدها جاء فيه كلام عن كتاب ( مكتب عنبر ) لظافر بن جمال الدين القاسمي  ، وجمال الدين القاسمي إمام الشام في عصره  . ( في خزانتي نسخة إلكترونية منه ومصورة ورقية عنها )

توفى( ظافر ) عام ( 1984 م ) في فرنسا ونقل لسورية رحمه الله رحمة وسعة وهو أديب بارع وعالم كبير بالعربية .

فما مكتب عنبر هذا ؟

 إنه :المدرسة ( الثانوية الرسمية ) الوحيدة والكاملة في دمشق خرجت أبرز رجالات القطر السوري في آخر حكم العثمانيين ووقت الثورات العربية والاحتلال الفرنسي  وما بعده .

 لما ألف المؤلف (القاسمي) كتابه عن (مكتب عنبر) جعل مقدمة الكتاب للشيخ (على الطنطاوي) – رحمه الله -( لكونه سبق المؤلف في المكتب – دارسا -) فأضاف الشيخ علي رحمه الله بقلمه ( وحسبك بقلم الطنطاوي –رحمه الله – أدبا وعذوبة ورقة ورصانة وجودة عبارة مع طرائف لا تُخل وحزم لا يُمِل ) وأجزم أخي الكريم إن لم تقرأ كتب الطنطاوي فقد فاتك خير كثير ولعلمك فقد كان الشيخ المحقق عالم الشام (عبدالقادر الأرناؤوط) يثني كثيرا على أدب الشيخ في مجالسه الخاصة .

أقول : أضاف الشيخ (الطنطاوي ) أنورا على نور تاريخ المكتب .

ومما قاله الطنطاوي : (كان موعد دخولي لمكتب عنبر عام ( 1920 م) ، ولكن ما دخلت إليه إلا بعد سنتين ، ما قصر عنه سني ، ولا عاقني عنه كسلي ، ولكن طال إليه طريقي ، ذلك أننا شهدنا في سنتين مولد انقلابين ، وموت حكومتين ، أدركنا عهد الترك ، ورأينا ذهاب الترك ، وعشنا في حكم فيصل ، وأبصرنا انهيار حكومة فيصل ، فكانوا كلما جدت حكومة ونحن في الصف الخامس أعادونا إلى الصف الرابع  ، فلم نستقر في الصف الخامس إلا سنة ( 1921 م) على عهد الفرنسيين  ، وقد كنا فيه سنة ( 1918 م ) على أيام العثمانيين ، لقد كان أول درس حضرناه في مكتب عنبر للشيخ ( عبدالرحمن سلام ) فاستقبلنا  – رحمه الله – بخطبة رنانة ، أعلن فيها أنه غدا ذلك اليوم مدرسا للعربية حقا ، وذلك أن من كان قبلنا من التلاميذ ، قد درسوا في العهد التركي ، فنشؤوا – إلا من عصم الله – على ضعف بالعربية ، ومن كان معنا في المكتب درسوا في العهد العربي فكانوا أقوى ملكة وأقوم لسانا .

ثم يذكر (  الطنطاوي ) -رحمه الله-المستوى الرفيع للأساتذة الذين تعاقبوا على التدريس في المكتب – ويعدد بعضا منهم – وفيهم العدد من الأساتذة الذي يحمل شهادة الدكتوراة  .

قال المؤلف ( القاسمي ) في الهامش : كان هناك  من حملة الدكتوراة بين المدرسين  في مكتب عنبر على الرغم أن عدد من يحمل شهادة الدكتورة في ذلك العصر يعدون على أصابع اليدين ، ومع ذلك لم يترفع أحدهم على التدريس في المكتب رغم كونه ( ثانوية ) فحسب ، وفي زمننا هناك المئات ممن يحملون شهادة الدكتوراة ، ووضع نصب عينيه التدريس في الجامعات فإن لم تتح له ، اتجه إلى وظيفة مكتبية قد لا تمت إلى تخصصه بصلة  ، وهكذا تخسره منابر التعليم .

ومن أراد الزيادة فعليه ( بعناقيد الثقافة ) .

والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

اترك تعليقاً