الجمعة التاسعه والثلاثين / الثالث من ايام عيد الفطر المبارك لعام 1437هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الحادية والتسعين بعد المائة (191) في تعداد الجمع ، والتاسعة و الثلاثين ( 39 ) في عام ( 1437هـ ) وتوافق (1437 / 10 / 3 ) بحسب التقويم

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : شهرُ شوالٍ شهرٌ مباركٌ ، فيه الستُ ، وقضاءُ الاعتكافِ ، فقد اعتكفَ النَّبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشراً من شوالٍ لما فاتَهُ الاعتكافُ في رمضانَ ، وربما كان يفوتُهُ في الغزوِ والجهادِ ، وهو شهرُ بناءٍ ونكاحٍ وإعفافٍ  بالحلالِ  وقرأتُ هذا البحثَ الرائقَ والمناسبَ لبدايةِ شوالٍ فأحببتُ مشاركَتُكُم فيه :

كتبَ أبو زارعِ المدني – وفقه الله – في موقع ملتقى أهلِ الحديثِ ( قال أبو حكيم : في رأيي ، هذا الموقعُ متميز يكتب فيه مختصون في الحديثِ ، وربما عَسُرَ على من بضاعتُه مُزِجَاةٌ في علمِ الحديثِ أن يَخلصَ بفائدةٍ مما يكتبونَ لذكرهم الرواياتِ المختلفةِ في الغالب ، فلربما عَسُرَ الجمعُ أو الترجيحُ ، فيقع الإنسان في حيص بيص ) .

 فقال :  أفادني الشيخ : عبدالرحمن الفقيه – جزاه الله خيرا  – بهذه الإحالة والفائدة فأحببت أن أنقلها إليكم :

صَحِيْحُ مُسْلِمٍ : بَابُ اسْتِحْبَابِ التَّزَوُّجِ وَالتَّزْوِيجِ فِي شَوَّالٍ، وَاسْتِحْبَابِ الدُّخُولِ فِيهِ ( قال أبوحكيم في طبعة دار الخير / 16 : كتاب النكاح  ، الباب ( 11 ) في المجلد الثالث الجزء التاسع  ( ص 552 )  وهو الحديث رقم ( 73 ) في كتاب النكاح


   (1423)  (قال أبو حكيم هذا رقم الحديث في صحيح مسلم ) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟» ، قَالَ: «وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا فِي شَوَّالٍ» ،(1423) وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِعْلَ عَائِشَةَ .اهـ

قال النووي رحمه الله تعالى في شرحه لهذا الحديث في المنهاج :
[1423] قَوْلُهُ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي قَالَ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تستحب أن تدخل نسائها فِي شَوَّالٍ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّزْوِيجِ وَالتَّزَوُّجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ وَقَدْ نَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَصَدَتْ عَائِشَةُ بِهَذَا الْكَلَامِ رَدَّ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ وَمَا يَتَخَيَّلُهُ بَعْضُ الْعَوَامِّ الْيَوْمَ مِنْ كَرَاهَةِ التَّزَوُّجِ وَالتَّزْوِيجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ وَهَذَا بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَهُوَ مِنْ آثَارِ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بِذَلِكَ لِمَا فِي اسْمِ شَوَّالٍ مِنَ الْإِشَالَةِ والرفع .اهـ

وقال الشوكاني رحمه الله تعالى في نيل الأوطار عند شرحه لهذا الحديث  : ( قال أبو حكيم : في المجلد الثالث الجزء السادس (ص 189 )) – بطبعة درا الجيل بيروت ، ودار الحديث القاهرة بلا سنة طبع  ( وهي نسخة قديمة في خزانتي حزتها جائزة عام ( 1410 هـ ) .
( بَابُ الْأَوْقَاتِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا الْبِنَاءُ عَلَى النِّسَاءِ وَمَا يَقُولُ إذَا زُفَّتْ إلَيْهِ)
اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْبِنَاءِ بِالْمَرْأَةِ فِي شَوَّالٍ وَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَصَدَ ذَلِكَ الْوَقْتَ لِخُصُوصِيَّةٍ لَهُ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، لَا إذَا كَانَ وُقُوعُ ذَلِكَ مِنْهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَلَى طَرِيقِ الِاتِّفَاقِ، وَكَوْنُهُ بَعْضَ أَجْزَاءِ الزَّمَانِ، فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَقَدْ تَزَوَّجَ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِنِسَائِهِ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ عَلَى حَسَبِ الِاتِّفَاقِ وَلَمْ يَتَحَرَّ وَقْتًا مَخْصُوصًا، وَلَوْ كَانَ مُجَرَّدُ الْوُقُوعِ يُفِيدُ الِاسْتِحْبَابَ لَكَانَ كُلُّ وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ الَّتِي تَزَوَّجَ فِيهَا النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يُسْتَحَبُّ الْبِنَاءُ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ… إلخ .
وجاء في شرح هذا الحديث في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للقاري :
3142 -(وَعَنْهَا) أَيْ: عَنْ عَائِشَةَ (قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي شَوَّالٍ وَبَنَى بِي) أَيْ: دَخَلَ مَعِي وَزُفَّ بِي (فِي شَوَّالٍ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ” يُقَالُ بَنَى عَلَى أَهْلِهِ بِنَاءً أَيْ زَفَّهَا، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ بَنَى بِأَهْلِهِ وَهُوَ خَطَأٌ وَكَانَ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الدَّاخِلَ بِأَهْلِهِ كَانَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا قُبَّةً لَيْلَةَ دُخُولِهِ بِهَا فَقِيلَ لِكُلِّ دَاخِلٍ بِأَهْلِهِ بِانٍ وَعَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخِ التُّورِبِشْتِيِّ وَالْقَاضِي بِأَهْلِهِ كَانَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا وَبَالَغَا فِي التَّخْطِئَةِ حَتَّى تَجَاوَزَا إِلَى تَخْطِئَةِ الرَّاوِي قَالَ الطِّيبِيُّ: إِنَّ اسْتِعْمَالَ بَنَى عَلَيْهَا بِمَعْنَى زَفَّهَا فِي بَدْءِ الْأَمْرِ كِنَايَةٌ فَلَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الزِّفَافِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ بِنَاءٍ فَأَيُّ بُعْدٍ فِي أَنْ يُنْقَلَ مِنَ الْمَعْنَى الثَّانِي إِلَى ثَالِثٍ فَيَكُونُ بِمَعْنَى أَعْرَسَ بِي وَيُوَضِّحُ هَذَا مَا قَالَ صَاحِبُ الْمُغْرِبِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْمُعْرِسَ كَانَ يَبْنِي عَلَى أَهْلِهِ لَيْلَةَ الزِّفَافِ خِبَاءً، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى كُنَّى بِهِ عَنِ الْوَطْءِ . اهـ ، وَفِيهِ أَنَّ كَلَامَ الشُّرَّاحِ إِنَّمَا هُوَ صِحَّةُ تَعْدِيَةِ الْبَنَّاءِ بِالْبَاءِ وَهُمْ لَا يَنْفُونَ تَعْدِيَةَ مُرَادِفِهِ لَهَا، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ بِالتَّضْمِينِ نَعَمْ مَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ بَنَى بِامْرَأَتِهِ بِالْبَاءِ كَأَعْرَسَ بِهَا لَوْ صَحَّ مِنْ غَيْرِ الْمُوَلَّدِينَ فَفِيهِ لُغَتَانِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْقَامُوسِ: بَنَى الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ وَبِهَا: زَفَّهَا، وَفِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ لِلسُّيُوطِيِّ بَعْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ هُوَ أَيْضًا (فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَانَ أَحْظَى) أَيْ: أَقْرَبَ إِلَيْهِ وَأَسْعَدَ بِهِ أَوْ أَكْثَرَ نَصِيبًا (عِنْدَهُ مِنِّي) فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: كَانَ أَحْظَى مِنِّي نَظَرًا إِلَى لَفْظِ أَيِّ وَمِنْ حَقِّ الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: أَيَّةُ امْرَأَةٍ فَاعْتُبِرَ فِي الْإِضَافَةِ الْجَمْعُ وَذَكَرَهُ لِيُؤْذِنَ كَثْرَةَ نِسَائِهِ الْمُفَضِّلَاتِ عَلَيْهِنَّ، وَهِيَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، قِيلَ: إِنَّمَا قَالَتْ هَذَا رَدًّا عَلَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ يُمْنًا فِي التَّزَوُّجِ وَالْعُرْسِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَقِيلَ: لِأَنَّهَا سَمِعَتْ بَعْضَ النَّاسِ يَنْظُرُونَ بِبِنَاءِ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ فِي شَوَّالٍ لِتَوَهُّمِ اشْتِقَاقِ شَوَّالٍ مَنْ أَشَالَ بِمَعْنَى أَزَالَ فَحَكَتْ مَا حَكَتْ رَدًّا لِذَلِكَ وَإِزَاحَةً لِلْوَهْمِ، وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِأَبِي الْمَكَارِمِ: كَرِهَ بَعْضُ الرَّوَافِضِ النِّكَاحَ بَيْنَ الْعِيدَيْنِ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةٍ عَلَى مُسْلِمٍ: رَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ: إِنَّمَا كَرِهَ النَّاسُ أَنْ يَتَزَوَّجُوا فِي شَوَّالٍ لِطَاعُونٍ وَقَعَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ . اهـ. 
قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّزَوُّجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ وَقَدْ نَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَيْهِ وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ حَيْثُ قَصَدَتْ عَائِشَةُ بِهَذَا رَدَّ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ وَمَا يَتِمُّ يَتَخَيَّلُهُ بَعْضُ الْعَوَامِّ الْيَوْمَ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .اهـ 

 

هذا والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

اترك تعليقاً