الجمعة الحادية والثلاثين / السادس من شعبان لعام 1437هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الثانية والثمانين بعد المائة (182) في تعداد الجمع ، الحادية والثلاثين ( 31) في عام ( 1437هـ ) وتوافق (1437 / 8 /6) بحسب التقويم .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

( حلب الشهباء ) كانت على مسرح أحداث هذا الأسبوع  والذي قبله  في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الإعلام ، وهي ستبقى كذلك حتى آخر الزمان وسيأتيك نبأه – بحول الله بعد حين – .

في الجمعة الماضية ومن أول فتحها صلحا في سنة ( 16 هـ أو 15  )  ، وإلى اليوم لم يُعرف أنه انقطعت فيها صلاة الجمعة غير  الجمعة الماضية ( 22 / 7 / 1437 هـ )  حيث أفتى أهل الحل العقد من علماء الشرع  في المدينة ،  بعدم الاجتماع لصلاة الجمعة ،  لأن العدو يستهدف التجمعات في صواريخه وقذائفه ، وقد استهدف عدة مساجد فيها ،   فلنتعرف على حلب الشهباء  أو( البيضاء ) : تقع مدينة حلب في القسم الشمالي الغربي من سوريا ،  تبعُد عن العاصمة دمشق ثلاثمائة وعشرة كيلو مترات تقريبا ، وتتشارك في قسمها الشمالي الحدود مع تركيا، وهي مدينة مبنيّة على هضبة، تُعرف باسم هضبة حلب   . قال ابن كثير -رحمه الله – في البداية والنهاية : قال شيخنا أبو عبدالله الحافظ الذهبي : وفي هذه السنة ، ( قال أبو حكيم : يعني سنة ست عشرة ) بعث أبو عبيدة عمرو بن العاص( رضي الله عنهما) بعد فراغه من اليرموك إلى قنسرين ، فصالح أهل حلب، وأنطاكية ، ومنبج على الجزية )

( حلب ) خلدت في الشعر كشعر ( أبي الطيب المتنبي ) لما خلد ذكر (الحمدانيين  )وشأنهم كما قال شارح ديوان المتنبي عبدالرحمن البرقوقي : ويجمل بنا أن نشير هنا إلى أنه غُلب العباسيون على أمرهم ، وأصبح الأمر في أيدي القواد والأمراء ، نشأت في قبائل العرب أربع دول ، : بنو حمدان في (الموصل وحلب)   ( 317 / 394 هـ ) وبنو المرداس وبنو المسيب وبنو مريد … وكان للحمدانيين نفوذ وسلطان إبان الخلافة العباسية منذ سنة ( 260 هـ )  وولي أمراؤهم ولايات كثيرة ، وكان علي سيف الدولة الحمداني يملك واسطا وما حولها  ( قال أبو حكيم : مدينة واسط مدينة عراقية  بناها الحجاج بين البصرة والكوفة فسميت واسطا ، وسميت أيضا واسط القصب ،  واليوم هناك محافظة واسط ضمن لواء الكوت في العراق ) .قال البرقوقي :  ثم أخذ لنفسه بسيفه مملكة من الأخشيديين شمال الشام وأستولى على ( حلب وحمص ) سنة ( 333هـ ) …

وفي كتاب (الاعتبار لأسامة بن منقذ) – رحمه الله –  ذكر (لحلب ) ، وكيف لا ؟ ، وهي قصبة من قصبات ملكهم قال المحقق في مقدمة الكتاب أي كتاب الاعتبار  : ( بنو منقذ من كنانة ينتهون بنسبهم ، على ما ذكره مؤرخوهم إلى يعرب بن قحطان ، أسرة كبيرة من الأسر الحاكمة في تاريخ العرب كانت لها أملاك في (حماة وحلب) . قبل أن يُقطِعها صالح بن مرداس ( 415 هـ) الذي ملك الأمر في ( حلب )  ،من بعد الحمدانيين  إقطاعا في جوار قلعة شيزر الأثرية شمالي حماة .

(الطنطاوي ) رحمه الله تعالى ذكر حلب في مذكراته( 57 مرة ) فمثلا  في الجزء الأول (ص 86 ) قال : ( وبعد أن كانت الشام مع لبنان ومملكة الأردن الآن ولاية من ولايات بني عثمان ، ثم صارت جزءا من المملكة العربية التي أرادها الحسين بن علي ، لما قام بثورته ، أو بنهضته ، فلست أدقق الآن في الأسماء ، بعد ذا كله ، صارت الشام لما دخلها ( غورو)  (قال أبو حكيم : غورو قائد فرنسي – عليه من الله ما يستحق – فجيشه قاتل يوسف العظمة – رحمه الله – وزير الحربية في حكومة فيصل الذي سلّم للفرنسيين  و رفض يوسف  التسليم وقاتل مع ( 3000 ) متطوع ، دفاعا عن شرفه وبلاده قبل ( 98 سنة )  في معركة ميسلون الشهيرة  ( 1339 هـ )  وكان للخيانة دور في هزيمته – رحمه الله – وغورو هذا القائل  لما وقف على قبر صلاح الدين : الآن انتهت الحروب الصليبية ، ها قد عدنا يا صلاح الدين ) .  قال الطنطاوي  ( قسمت الشام إلى أربعة دول  ، دولة دمشق ، ودولة حلب ، ودولة العلويين ، ودولة الدروز ) .

( سليمان الحلبي ) ومن لا يعرف ( سليمان ) قاتل  (كليبر ) أو ( ساري عسكر ) أو ( كلهبر ) كما يسميه ( الجبرتي المؤرخ المصري  )  ، قائد الحملة الفرنسية  على  مصر (1798م-1801 م   )  في حديقة المنزل الذي سكنه بالأزبكية ، وحُكم عليه – رحمه الله بحرق يده اليمنى و( بخوزقته ) ( قال أبو حكيم : في أمثالنا الدراجة أكل خازوقا ، وربما القليل من يعرف الخازوق وكيفية تنفيذه عافانا الله وإياكم ) ، ويترك للطيور حتى تأكله  ، مع إعدام من علم بنيته من المصريين ولم يخبر عنه ، وقال (الجبرتي) أن عددهم ثلاثة  ، ولما رحل الفرنسيون أخذوا جثة سليمان – رحمه الله – معهم وما يزال معروضا في  (  متحف الإنسان ) في فرنسا  ، وفي هذا المتحف من فضائع تاريخ الإبادة والإرهاب الفرنسي ما يجل عن الوصف ، ومن رام المزيد فعليه ب( قوقل)  وسيجد ما يندى بل يدمى له الجبين  ،وإن تعجب فاعجب من سماجة هؤلاء وتحدثهم عن حقوق الإنسان .

قصة (الحلبي ) وقصة محاكمته من قبل الفرنسيين ذكرها ( الجبرتي )  في تاريخه (عجائب الآثار في التراجم والأخبار )  مفصلة  ( مج 2 ص 358 ) طبعة دار الجيل بيروت ، بل ونقل  منشور الفرنسيين عن الواقعة باللغات العربية والتركية والفرنسية  على ركاكة الترجمة العربية ،  لتشوق كثير من الناس لمعرفة ما حصل في محاكمة الحلبي – رحمه الله – رغم أنه أعرض عنها أول وقته

أبشري ( حلب) مما قال الشيخ المنجد في بشائر حلب  :  حلب أرض مباركة، كل ما جاء في فضل الشام وأهلها ثابت لحلَب وأهلها:خيرة الله من أرضه، بها يستقر العلم والإيمان،أرض رباط وثغر إلى يوم القيامة.

* جيش حلب من خيار أهل الأرض آخر الزمان:(لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض)[مسلم].

* قال بعض شرّاح الحديث : قوله : “من المدينة” أي من حلب وهي أقرب المدن إلى دابق وفي هذا فألٌ أن حلب منصورة، وأعداؤها مقهورة، والفرجُ قريبٌ بإذن الله.

* لم تنقطع الحروب والاعتداءات والغارات على حلب منذ الفتح الإسلامي لها؛ فغزاها: الرُّوم والمغول مرَّات ومرَّات، وكان النصر لها.  ذكر ابن العديم في أحداث سنة (518هـ ) أنه ضاق الأمر بالحلبيّين إلى حد أكلوا فيه الكلاب والميتات وفشا فيهم المرض فكان المرضى يئنُّون لشدة المرض ، فإذا نادى الصارخ لزحف الروم قام المرضى كأنما أُنشطوا من عقال وزحفوا إليهم وردُّوهم إلى خيامهم، ثم يعودون إلى مضاجعهم! زبدة الحلب (1/294).

والبشارات غيرها كثير 

والله  أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد  

اترك تعليقاً