الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله : القدس
كانت وما زالت مدينة القدس في وجدان كل مسلمٍ كيف لا وهي مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول متوجه إليها في الصلاة قبلة ، أما كونه حرماً فإليك ما قاله الشيخ العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد ( ت 1428 رحمه الله ) في كتابه (معجم المناهي اللفظية في طبعة ابن الجوزي الأولى (ص 130 ) ، وفي طبعة دار العاصمة الثالثة ص ( ص 209 ) (قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – :(وأما المسجد الأقصى : فهو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال … إلى أن قال : والأقصى : اسم للمسجد كله ، ولا يُسمى هو ولا غيره حرماً ، وإنما الحرم مكة والمدينة خاصة ، وفي وادي وج الذي بالطائف نزاع بين العلماء ) ا هـ . وحيث إن المسجد الأقصى لا يسمى (( حرماً )) فلا يُقال حينئذٍ : ( ثالث الحرمين ) . والظاهر أنها مولدة الاستعمال في هذا العصر ، ولم أرها لدى السلف والله أعلم . انتهى
وأما نص كلام “ابن تيمية” في ” الفتاوى طبعة دار العبيكان في المجلد الرابع عشر ص 13 “، وفي طبعة ابن قاسم مجلد ( 27 / 15 ) فقال رحمه الله ، فصل : وليس ببيت المقدس مكان يسمى ” حرما ” ولا بتربة الخليل ولا بغير ذلك من البقاع إلا ثلاثة أماكن : أحدها : هو حرم باتفاق المسلمين وهو حرم مكة شرفها الله تعالى .
والثاني : حرم عند جمهور العلماء وهو حرم النبي صلى الله عليه وسلم من عير إلى ثور بريد في بريد ؛ فإن هذا حرم عند جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد وفيه أحاديث صحيحة مستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والثالث : ” وج ” وهو واد بالطائف . فإن هذا روي فيه حديث رواه أحمد في المسند وليس في الصحاح وهذا حرم عند الشافعي لاعتقاده صحة الحديث ، وليس حرما عند أكثر العلماء ، وأحمد ضعف الحديث المروي فيه فلم يأخذ به . وأما ما سوى هذه الأماكن الثلاثة فليس حرما عند أحد من علماء المسلمين ، فإن الحرم ما حرم الله صيده ونباته ولم يحرم الله صيد مكان ونباته خارجا عن هذه الأماكن الثلاثة ” مجموع الفتاوى وقال بهذا الشيخ ابن عثيمين والألباني رحمهما الله وغيرهم كالعباد .
عادت القدس هذا الأسبوع لتكون واجهة الأخبار في العالم ، لما أعلن الرئيس الأمريكي أنه سيفي بوعده وتكون القدس عاصمة إسرائيل ، فكان بين الوعدين المشؤمين ( 100 ) سنة ( وعد “بلفور” 1917 ووعد “ترامب” 2017 )، وهو وعد ممن لا يملك لمن لا يستحق ، ولكن هكذا هي المقادير والله لا يقدر إلا الخير ، والأمة ما تزال في انتظار النصر ، – وهو لا شك آتٍ – ولكن هل هو بأيدينا أو على الأقل هل سنشهد تحرير القدس – إن العلم عند الله – والأمل والظن به حسن ، ولكن دعونا في الممكن .
أولا : نؤمن إيمانا يقينيا لا يدخله شك ولا ريب بالقدر وهو أحد أركان الإيمان الستة ، ونؤمن إيمانا يقينيا أن الله لا تعالى لا يقدر الشر ففي صحيح مسلم رحمه الله من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ” عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ .. ) والحديث في صلاة قيام الليل .
وفي حادثة عظيمة واستمرت شهرا والمعني بها بيت النبوة وحبيبة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، أم المؤمنين عائشة رضي الله عهنا الطاهرة الشريفة لما ساق الله براءتها في سورة النور (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) .فكل قدر الله خير .
ثانيا : من الممكن لنا ، بيان موقع القدس في وجدان الإنسان المسلم ورفع هذا الرصيد المعرفي في أنفسنا و فيمن تحت يدنا بالكتابة عنها والقراءة حولها وجعلها مدار حديث المجالس حتى لا تنسى ، فبالله عليكم كيف تتعامل وتحب شيئا لا تعرفه ، إن لم تسمع عنه أو تقرأ أو حتى – إن يسر الله لك – تراه . فمن العجب أننا كنا لا نعترف بإسرائيل كدولة أصلاً فأصبحنا نناقش هل القدس عاصمة لها ؟!! .
ثالثا : النصر لا شك أت من الله تعالى ونسأله أن نكون أهلا لأن نُنصر ونُمكن في الأرض ، وذلك بصلاح أنفسنا والتزامنا بديننا ظاهرا وباطنا ، وأن نحافظ على الصلاة بالمساجد التي قرب بيوتنا ، قبل أن نفكر بالصلاة في الأقصى ، فالشام محفوظة بخبر الصادق قال صلى الله عليه وسلم في حديث عن عبدالله بن حوالة رضي الله عنه لما طلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يختار له جندا يكون فيه ، فجاء في آخر الحديث : (فإن الله توكل وفي رواية ” تكفل ” لي بالشام وأهله) ( رواه أبو داود وابن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد ، صحيح الترغيب والترهيب للألباني رحمه الله (رقم الحديث 3078 – المجلد الثالث طبعة مكتبة المعارف الأولى 1421 ) أما حدود الشام فكما نقلت من “ملتقى أهل الحديث” من كتابة أبي محمد منار في موضوع “بعض ما صح في الشام” : يقول ياقوت الحموي في معجم البلدان عن الشام : “وأما حدُها فمن الفرات إلى العريش المتاخم للديار المصرية وأما عرضها فمن جبلَي طيءٍ من نحو القبلة إلى بحر الروم وما بشأمة ذلك من البلاد وبها من أمهات المدُن مَنبج وحلب وحماة وحمص ودمشق والبيت المقدس والمعرة وفي الساحل أنطاكية وطرابلس وعَكا وصور وعسقلان وغير ذلك. وهي خمسة أجناد جُنْدُ قنسرين وجند دمشق وجند الأردُن وجند فلسطين وجند حمص وقد ذكرت في أجناد. ويُعدُ في الشام أيضاً الثغور وهي المصيصة وطرسوس وأذنَة وأنطاكية وجميع العواصم من، مَرعش، و الحدَث وبغراس والبلقاءُ وغير ذلك. وطولها من الفرات إلى العريش نحو شهر وعرضها نحو عشرين يوماً، “.
و العزاءُ كل العزاء في وعد الله عز وجل الذي لا يخلف ميعاده:
“فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا” انتهى .
ومما أرشد إليه عن القدس من كتب ( ولا يعني ذكرها أن فيها تميزا عن غيرها إنما هذا ما تيسر ) :
كتاب :الأطلس المصور لستة آلاف سنة من الحضارة في مدينة القدس د. إبراهيم الفني ، والناشر مؤسسة القدس للبحث والتوثيق .
كتاب فلسطين الوعد الحق وهو كتاب كتب فيه نخبة من المفكرين والكتاب وقدم له د. مانع الجهني الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي وهو كتاب أكاديمي علمي وجماهيري تمنى القائمون عليه أن لا يخلوا منه بيت … الناشر شركة الزاد المحدودة أسبانيا .
كتاب: قبل الشتات لوليد الخالدي وقد سبق أن كتبتُ عنه في مختارة سابقة (الرابعة عشرة بعد المائة (114) في تعداد الجمع ، والجمعة الثانية عشرة ( 12 ) من عام 1436 هـ وتوافق ( 25 / 3 / 1436 هـ )
وكتاب د. طارق السويدان فلسطين التاريخ المصور ، وهو مليء بالصور ، وقليل من الكتابة .
وكتاب : بيت المقدس وما حوله الخصائص العامة وأحكامه الفقهية للدكتور محمد عثمان بشير المدرس بكلية الشريعة جامعة الكويت ، الناشر مكتبة الفلاح الكويت .
وكتاب محمد علي أبو حمدة عضو هيئة التدريس بجامعة الأردن ، المسجد الأقصى المبارك وما يتهدده من حفريات اليهود .
وكتاب الدكتور عبدالفتاح حسن أبو عيلة ، القدس دراسة تاريخية حول المسجد الأقصى والقدس الشريف .
وكتاب الدكتور عدنان علي رضا النحوي على أبواب القدس .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .