الجمعة الثانية والعشرين / الثاني من جمادي الاخر لعام 1437هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الرابعة والسبعين بعد المائة (174) في تعداد الجمع ، و الثانية والعشرين ( 22) في عام ( 1437هـ ) وتوافق (1437 / جمادى الآخرة /2 ) بحسب التقويم .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

( مصطفى صادق الرافعي ) له كتاب ( تاريخ آداب العرب )  طبعته دار الكتاب العربي الطبعة الأولى عام ( 1424 هـ )  وهو ثلاثة أجزاء وضعت في مجلد واحد ( 792 ) صفحة وقد جمع فيه وأوعى حيث تفرغ له من منتصف ( 1909 – حتى ظهر 1911 )  ،  وقد ظهرت الطبعة الأولى من الكتاب عام ( 1329هـ  – 1911 م ) ، ثم طبع أخرى بعد ثلاثين سنة ( كما قال محمد سعيد العريان في مقدمة الكتاب – الجزء الأول  )  ،   ومما قاله العريان في الجزء الثاني: ( هذه هي الطبعة الثامنة من إعجاز القرآن )  لم نزد فيها شيئا على ما كان في الطبعات السابقة  ، إلا ما كان من تعليق بعض الحواشي التي كان أعدها المؤلف – رحمه الله –  وكتبها بخطه ثم أودعها غلافها إلى أوان فأعجله الموت عما أراد  … )

قال المؤلف في ص (156 )  (  الجمل وكلماتها )  وتكلم عن القرآن : ( وقد ينسى أحدهم الآية من القرآن فينقطع إلى الصمت من قراءته ، أو تتدخل في لفظه بعض الآيات المتشابهة في السور ، أو يسقط بعض اللفظ في تلاوته فيضل في ذلك ، ثم لا ييسِّره للذكر ، ولا يُذَكِّره بالآية المنسية أكثر ما يتذكر ، إلا نسق الحروف في بعض كلماتها ، ولا يُبين له مواقع الكلم المتشابهات ، إلا نظام كل كلمة من آيتها ، ولا يهديه إلى ما أسقطه من اللفظ  غير إحساسه باضطراب النظم وتخلخل الكلام ، وقد كان ذلك أكبر ما نستعين به أيام الحداثة على اتقاء الغلط والمداخلة   والسهو ، وكنا نفزع إليه إذا جلسنا بين يدي فقيهنا – رحمه الله – مجلس القراءة و ( التسميع ) وقد عرفنا أن تأذي سمعهِ مقرونٌ بأذى عصاه . وكم تواصفنا مع أذكياء الصبيان في ( الكتّاب ) فما رأينا  منهم إلا من ادخر لمحنته من ذلك أشياء) .

ثم قال معلقا في هامش الصفحة (160 ) :  نحن نأسف أشد الأسف  وأبلغه  ، بل أحراه أن يكون هماً يعتلج في الصدر ويستوقد في الضلوع ، إذا نرى نشء هذه الأيام  قد انصرفوا عن جمع القرآن واستيعابه وإحكامه قراءةً وتجويداً . فلا يحفظون منه – إن حفظوا- إلا أجزاء قليلة على أنهم ينسونها بعد ذلك ، ثم يشب أحدهم كما يشب قرن الماعز .. ينبت على استواء ولا يثبت إلا على التواء ، ويخرج وقد عق لغته ،  وأنكر قومه ، وانسلخ من جلدته واستهان بدينه ، وخرج من آدابه ، ولا يستحي من ذلك أن يقول :هأنذا فاعرفوني ! .

قد عرفناك – أصلحك الله – فهل أنت إلا أدب مسلوب ، ولسان مقلوب ، وضمير مغلوب ، ورأس ارتقى .. حتى أنكر في النسب أعطافه ، وجلدة من جلود العلم لكن حشوها خرافة …

حسبكم أيها القوم حسبكم ، إنما أتيتم من جهل العربية وآدابها ، وإنما جهلتم منذ  خلوتم من القرآن ، فإنه العقل والضمير واللسان ، وإنه ما أفلح كاتب عربي قط ( مسلم وغير مسلم ) بلغ من صنعة البلاغة  وشغف بهذه الآداب  التي يستمسك بها الأمر كله إلا وقد حفظ القرآن أو أكثره ، وكان مع ذلك لا يدع أن ينظر فيه ويتأدب به ويزين لسانه بألفاظه ويصفى طبعه بنظمه ، فإن هو نشأ على غير ذلك فهيهات أن ترسخ له قدم فيها . وما نزعم زعما ، ولكن الدليل حاضر والبرهان شاهد والتاريخ بين أيدينا من لدن نشأت صنعة الكتابة في الإسلام أو في العربية  ، فكلاهما شيء وأحد ) .

والله  أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد 

اترك تعليقاً