السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
كتاب ( أدب الكاتب ) لابن قتيبة المولود على خلاف في بغداد عام ( 213 هـ ) ووفاته ، قيل : قتلا ، وقيل : أكل هريسة فوجد حرارة فصاح صيحة عظيمة سمعت من بعد ، ثم أغمي عليه إلى قريب الظهر ثم اضطرب ساعة ثم هدأ وما زال يتشهد حتى توفي في وقت السحر -رحمه الله تعالى – في عشر المئتين والسبعين -على خلاف في تحديد العام- وكتابه هذا مرآة تعكس شخصيته ، فهو أديب رفيع الذوق ، ذو ثقافة واسعة ، تجد في كتابه الأدب ،والتاريخ ، والنحو ، والصرف ، واللغة ، ولذا حق لابن خلدون أن يقول في مقدمته :
( وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول هذا الفن ( الأدب ) وأركانه أربعة دواوين : وهي أدب الكاتب لابن قتيبة ، و كتاب الكامل للمبرد ، و كتاب البيان والتبيين للجاحظ ، وكتاب النوادر لأبي علي القالي ، وما سوى هذه الأربعة فتوابع لها ، وفروع عنها ) .
ابن قتيبة ألف كتابه هذا للوزير العباسي ( أبي الحسن عبيد الله بن يحي بن خاقان ، وسبب تأليفه له ما قاله في المقدمة : فإني رأيت أكثر أهل زماننا عن سبيل الأدب ناكبين ، ومن اسمه متطيرين ، ولأهله كارهين … )
ومما جاء في هذا الكتاب ما يلي : مما يطلق من أسماء على مختلف أوقات الشهر والليل والنهار
( سَِرار الشهر ) – بفتح السين وكسرها – و ( سَرَره ) آخر ليلة منه ، لاستسرار القمر فيه ، وربما استسر ليلة وربما استسر ليلتين .
و ( البَرَاء ) آخر ليلة من الشهر ، سميت بذلك لتبرؤ القمر فيها من الشمس .
و ( المَِـُحاق ) -بكسر الميم وفتحها وضمها – ثلاث ليال من آخر الشهر ، سميت بذلك لإمحاق القمر فيها ، أو الشهر .
و ( النَّحيرة ) آخر يوم من الشهر ، لأنه ينحر الذي يدخل فيه ، أي : يصير في نحره .
و ( الهلال ) أول ليلة والثانية والثالثة ، ثم هو ( قمر ) بعد ذلك إلى نهاية الشهر .
و ( ليلة السَّواء ) ليلة ثلاث عشرة ، ثم ( ليلة البدر ) لأربع عشرة ، وسمي (بدرا) لمبادرته الشمس بالطلوع كأنه يعجلها المغيب ، ويقال : سمي ( بدرا ) لتمامه وامتلائه ، وكل شيء تم فهو بدر ، ومنه قيل : لعشرة آلاف درهم ” بدرة ” لأنها تمام العد ومنتهاه ، ومنه قيل : “عين بدرة ” أي : عظيمة .
والعرب تسمي ليالي الشهر كل ثلاث منها باسم ، فتقول :
( ثلاث غُرَر ) جمع ( غُرة) وغرة كل شيء أوله ، و( ثلاث نُفَل ) ، و ( ثلاث تُسَع ) لأن آخر يوم منها يوم التاسع ، و( ثلاث عُشَر ) لأن أول يوم منها يوم العاشر ، و ( ثلاث بِيض) لأنها تبيض بطلوع القمر من أولها إلى آخرها ، و ( ثلاث دُرَع ) وكان القياس ( دُرْع ) سميت بذلك لاسوداد أوائلها ، وابيضاض سائرها ، ومنه قيل : ( شاة درعاء ) إذا اسود رأسها وعنقها وبيض سائرها ، و ( ثلاث ظلُم ) لإظلامها ، و ( ثلاث حنادس ) لسوادها ، و ( ثلاث دَآدِيُّ ) لأنها بقايا ، و ( ثلاث محاق ) لانمحاق القمر أو الشهر .
والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .