الجمعة الثامن عشر / الثالث من جمادي الاول لعام 1437هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة السبعين بعد المائة (170) في تعداد الجمع ، وهي الثامنة عشرة ( 18) في عام ( 1437هـ ) وتوافق (1437 / جمادى الأولى /3 ) بحسب التقويم .

الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد : 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،  ( قصور الأفراح ) كنتُ أحسبها  من بدع عصرنا لما كثر الخير بأيدي الناس – والحمد الله رب العالمين – ، حتى طالعتُ كتاب ( السيرة المأمونية أو أخبار مصر 501 – 519 هـ ) للأمير جمال الملك موسى بن المأمون بن البطائحي  ، والمأمون ليس هو الخليفة العباسي المشهور صاحب دار الحكمة وفتنة خلق القرآن  ، بل هو وزير  في مصر في بداية القرن السادس  ومؤلف الكتاب ابنه . وقبل أن نشرع بالمقصود إليك هذه الفائدة  : في ( التويتر ) حساب بمسمى ( سوق الكتبيين )  تجد عندهم جملة من الكتب في فنون شتى ومما وجدته عندهم ، هذا الكتاب الآنف الذكر وكتاب ( المنتقى من تاريخ مصر لقطب الدين محمد بن عبدالكريم بن عبد النور الحلبي المتوفى سنة ( 735 هـ ) والمنتقى من أخبار مصر لابن ميسر المتوفى سنة ( 677 هـ ) ، ولحبي لمصر ولأهلها المسلمين واتباعا لقول رسولنا صلى الله عليه وسلم : (أخرج مُسلم عَن أبي ذَر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّكُم ستفتحون أَرضًا يذكر فِيهَا القيراط فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خيرا فَإِن لَهُم ذمَّة ورحما…)  اقتنيت هذه الكتب والعمل – بحمد الله –  متيسر فتطلب منهم الكتب -على صفحتهم في الشبكة – وتحول لهم القيمة ، ويرسلون لك الشحنة عن طريق شركات النقل – كرواحل أو زاجل أو غيرها –  فتجد الكتاب بين يديك بأيسر طريق  ، ومما استفدته منهم مثلا كتاب ( موسوعة العذاب ) لعبود الشالجي  في سبعة مجلدات ولعل دراهمه غالية بعض الشيء ، ولكن أن تظفر بكتاب تسأل عنه من آمد ، لفرحة لا يعرفها إلا من يحب اقتناء الكتب وكنت قرأت عن هذا الكتاب في أحد مؤلفات غازي القصيبي – رحمه الله وعفا عنا وعنه الله –  وبحثت عنه فلم يتيسر لي إلا بعد سنوات وعن طريق موقعهم فشكر الله لهم – ولا يهولنكم اسم الكتاب فقد جمع المؤلف  فأوعب – وإن كان ترك أشياء لغيره كما قال في مقدمة كتابه -، و فيه من  الفظائع أشياء وأشياء ، ومن الطرائف مثلها وهاكم واحدة منها : ( قال يوسف بن عمر لرجل ولاه عملا : يا عدو الله ، أكلت مال الله ، فقال له : فمال مَن آكل منذ خلقت إلى الساعة !؟ ،  والله لو سألتُ الشيطان درهما واحدا ما أعطانيه ( وفيات الأعيان )  .  والحديث ذو شجون وخرجنا عن المقصود فنعود لما كنا فيه :

في مصر( وقد خصصتهم في المختارة الحادية والثمانين – إن كنتم تذكرون – ) من العجائب ما يلذ للإنسان مطالعة تاريخهم ، وهي  في تاريخ الإسلام منعطف ، فتجد كل من رام بلاد الإسلام فعليه بمصر فإن خضعت خضع له البقية وإن عصت فالبقية أعصا  ،  الملوك والأمراء والوزراء  والقواد العسكريون من أين أُتوا ؟  وليس بآخرهم ( لويس التاسع الملك الفرنسي  صاحب الحملة السابعة من الحروب الصليبية قبل ما يقارب ( 764 سنة من الآن )   ، حيث سجن بالمنصورة بعد هزيمته ، فكان تفرغه بالسجن سببا في إعمال فكره ، فاتجهت الحروب العسكرية إلى الغزو الثقافي …)    ،

ونعود لنصنا في السيرة المأمونية وهي مصورة من دار الكتب والوثائق القومية بلا تاريخ وتقع في (200 ) صفحة بالفهارس  وأعاد بناءها وقدم لها  (الأستاذ  أيمن فؤاد سيد )  قصور الأفراح :  قال المؤلف في (ص 117 )  : ( وعمل بعض التجار لابنته فرحا في إحدى الآدُر المعروفة بالأفراح  ( قال  أيمن : يدل هذا النص المهم ، الذي أورده ابن المأمون على وجود قاعات خاصة ، لإقامة الأفراح في مصر الفسطاط بالكراء ، كان يكتريها مياسير القوم  من التجار والحرفيين وغيرهم ، لإحياء مثل هذه المناسبات ) فتسوّر ملاك الدار على النساء ، وأشرفوا عليهن والعروس في المجلى ( قال أبو حكيم  : لعلها ما نعرفه اليوم بالكوشة ) فأُنكر عليهم ذلك ، فأساءوا وأفسدوا على الرجل ما صنعه ، فخرج مستغيثا ، فخشوا عاقبة فعلهم ، فما زالوا به حتى كف عن شكواهم ، فلما حضر والي مصر بالمطالعة في الصباح إلى الوزير على عادته ، قيل له : لم لا ذكرت في مطالعتك ما جرى للتاجر الذي عمل فرح وابنته ؟ فاعتذر بأن المرسوم له ، أن لا يذكر ما يخرج عن السلامة والعافية ولم يتصل ما جرى به في الفرح . فأسمعه ما أمضّه ، وبين عجزه وتقصيره ، وقال له : ” والسلامة والعافية أن يُخرج  بالرجل ويُهان وتُنتهك حرمته ولا يجد ناصرا ؟ ! ” فرُسم بإحضار شاهِدين ومهندسين  ، وتوجهوا إلى سائر الدور المختصة بالأفراح ، وإحضار ملاكها ، فمن يرغب باستمرار ملكه على حاله فليُزل التطرق إليه ، ويُكتب عليه حجة بالقَسَامة بذلك . ومن لم يرغب فلتؤخذ عليه الحجة بأن لا يؤجر ملكه للأفراح ويتصرف فيه على ما يريد ، فامتُثل ذلك ” .  

والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

اترك تعليقاً