الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله :
في مختارة سابقة رقمها ( 110 ) من عام ( 1436 ) كتبت عن الوقف على النفس وحكمه من كلام لشيخنا ابن عثيمين – عليه رحمات الله – في الشرح الممتع … واليوم بإذن الله سيكون حديثنا عن أوقاف نادرة من كتاب : ( عجائب الفكَر وغرائب العِبَر لمحمد خير رمضان يوسف وهو كتاب مجمع من سبعين كتابا أو تزيد انتقى فيها فوائد أعجبته طبعته دار ابن حزم طبعته الأولى عام ( 1421 ) ويقع في ( 211 صفحة ) ، وهذا المنهج ليس بغريب على أهل العلم وسبق أن تكلمنا مثلا عن لطائف الفوائد للشيخ سعد بن تركي الخثلان وكناشة الشيخ عبدالسلام هارون وغيرهما
قال محمد خير رمضان : في الفائدة التاسعة : لما كثرت مؤسسات الأوقاف في ديار المسلمين كثرة فاقت كل تقدير ، أخذ المسلمون يسلكون في طرق الخير دروبا لا تخطر على بال ، ويبتدعون منه صنوفا ما عنَّت لفكر .
ففي دمشق مثلا وقف ذو عقارات ثمينة وغلال وافية ، وقفه أحد المحسنين لينفق لريعه على بضعة رجال ممن يتصفون بصباحة الوجه وخفة الظل وحلاوة الحديث وطيب المجالسة … أما مهمتهم فالطواف على أحياء دمشق لعيادة مرضى المسلمين بغية إيناسهم ، بالكلمة الحلوة وإبهاجهم بالخبر السار وإمتاعهم بالطرفة المستبشرة .
فلا يخرج أحدهم من عند المريض إلا وقد شحن نفسه بالأمل ، وأترع فؤاده بالطمأنينة ، وبث في جسمه القوة وصب في أعصابه النشاط .
ووقفٌ آخر على أثمان ما يكسره الخدم الصغار أو يتلفونه لأسيادهم ، فإذا كسر غلام من هؤلاء أنية غالية لأسياده أو أتلف قطعة ثمينة وخشي أن يعاقب على فعلته ، مضى إلى دار هذا الوقف ، ومعه ما كسره أو أتلفه ، فإما أن يعوض عنه بما يناظره ، وإما دُفع له الثمن إذا عز النظير …
ووقف في ” مرجة الحشيش ” وهي منطقة فسيحة الجنبات خصيبة التربة ، تقع على ضفاف بردى حيث يقام معرض دمشق الدولي اليوم ، هذه المرجة وقفها صاحبها على الدواب التي تصاب في ساحات الجهاد إصابة تعجزها عن العمل ، أو أدركتها الشيخوخة فسرحها أصحابها لعدم جدواها لهم … وقفها عليها لترعى من حشائشها الغضة ، وتشرب من مائها الثرة ، وتحيا في أكنافها إلى أن يدركها الأجل المحتوم . ( أخذها محمد من كتاب الدين القيم لعبدالرحمن رأفت الباشا ) .
قال أبو حكيم : ما أحوجنا إلى فقه الوقف وتعدد صوره …
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد