الجمعة الثامنة / الثاني والعشرين من صفر لعام 1437هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الستين بعد المائة (160) في تعداد الجمع ، وهي الثامنة ( 8) في عام ( 1437هـ ) وتوافق (1437 / صفر /22 ) بحسب التقويم .

بحمدك اللهم  نقف اليوم معكم مع بعض ألفاظ العربية  والداعي لذلك ما طالعته في كتاب : شرح صحيح مسلم للإمام النووي رحمه الله بتقديم وتقريظ (الأستاذ د. وهبة الزحيلي )  وإعداد مجموعة من الأساتذة بإشراف  : ( علي بن عبدالحميد أبو الخير ) ،   طبعة دار الخير في بيروت ودمشق أعاد الله أمنهما ورفع راية السنة فيهما وكفاهما شر كل ذي شر ، الطبعة الخامسة ( 1420 – 1999 ) . (ص 347 )

في الباب السابع عشر( 17 )  السحر  ، وحديث سحر اليهودي ( لبيد بن الأعصم من بني زريق ) ،  لنبينا الحبيب صلى الإله عليه وسلم ما هبت الصبا ،  بمشط ومشاطة ، وجف أو جب  طلع ذكر ، ووضعه في بئر   ( ذي أروان أو  ذروان )  ، وكان السحر على بدنه الشريف صلى الله عليه وسلم ولم يسلط على قلبه وعقله شيء  وإنما كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله ، قال النووي : قوله : ( في مشط مشاطة وجب طلعة ذكر ) أما( الْمُشَاطَةُ ) : فبضم الميم  ، وهي الشعر الذي يسقط من الرأس واللحية عند تسريحه . وأما ( الْمُشْطُ ) ففيه لغات :

(مُشْط  و مُشُط و مِشْط) ( الأولى: بضم الميم وإسكان الشين ، والثانية :  بضم الميم والشين ، والثالثة :  بكسر الميم وإسكان الشين ) و (مُمَشِّطٌ  ) ، ويقال له : ( مَشْطَأٌ )   – بالهمز وتركه – و (مَشْطَاءُ  ) ممدود ، وَمُمَكِّدٌ ، وَمُرَجِّلٌ ، وَقَيْلَمٌ بِفَتْحِ الْقَافِ ، حَكَاهُنَّ  أبو عمر الزاهد  ، ( قال أبو حكيم : أبو عمر الزاهد  ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء فكان مما قال فيه : هو تلميذ ثعلب واتهم في الأدب واللغة لسعة حفظه ، أما في الحديث فشيوخنا يوثقونه … ت 345 هـ رحمه الله )  .

( وفي المخصص لابن سيده ت 458 هـ  – سيأتي بعد -) في المجلد الأول ( ص 378 )  : ( قال مثلما ذكرنا آنفا )  ثم قال والجمع : أَمْشاط وقد مَشَطه يَمْشِطُه مَشْطا . غير واحد : الـمَدَارَى – الأمشاط ، واحدها : مِدْرىٌ ، وأصل الـمَدَارَى القرون … المِشقأ – المشط والـمَشقَأ – الـمَفْرِق …  النَّوْفَلِيَّة – ضرب من المشط … ) .  

(المخصص ) لابن سيده ( الضرير )   عالم الأندلس رحمه الله وهو معجم في الألفاظ ومرادفاتها مرتب على الأبواب ،  قال الدكتور ( خليل إبراهيم جفال – أستاذ الأدب و اللغات السامية في الجامعة اللبنانية ) – واضع فهارسه ومرتبها  – لتكون الفائدة من الكتاب أسهل وتناول المعلومة منه أيسر  : فإني نظرت في كتاب ( المخصص ) لأبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي ، فوجدته كنزا من كنوز العربية ، جمع بين دفتيه علما غزيرا وفضلا عظيما ، لا يستغني عنه عالم ، ولا بد منه للمتعلم  الذي يطمح للغوص في بحر العربية والكشف عن جوهرها ، واستخراج لآلئها . إلا أنه كتاب ،  وإن أحكم صاحبه تأليفه وأحسن تبويبه وضمنه من الفوائد ما لا يحصى عده ، قد افتقر – شأنه شأن كنوزنا القديمة  – إلى فهارس تسهل النظر فيه  ، وتهون على الباحث الوصول إلى مراميه ) .   ، قال أبو حكيم :   طبعته دار إحياء التراث العربي في خمسة مجلدات من القطع الكبير  وطبعته الأولى عام ( 1417 هـ ) ، وبلغ من نباهة ابن سيده وعبقريته رغم فقد بصره أن عالما يقال له ( الطلمنكي )  نسبة لطلمنكة غرب الأندلس وقد طلب العلم في بلده وفي المشرق وعاد للأندلس بعلم غزير توفي عام ( 429 هـ ) حكى أنه دخل مرسية   ، فتشبث به أهلها يسمعون عليه كتابه “غريب المصنف ” ، فقال لهم : انظروا لي من يقرأ لكم وأمسك أنا كتابي فأتوني برجل أعمى يُعرف بابن سيده  ، فقرأه علي من أوله إلى آخره ، فتعجبت من حفظه   ” .

أيها الأكارم ومن طالع كتاب أبي منصور الثعالبي ( فقه اللغة وأسرار العربية ) وجدا شيئا لطيفا في لغة العرب وسعة مفرداتها في مسميات الأشياء  ، وهو مطبوع في عدة مكتبات قديما وحديثا ، وطبعته الدار العصرية  في مجلد واحد ( 1422 هـ )  ذكر محقق الكتاب الدكتور ( ياسين الأيوبي ) أنه تدارك ملحوظات الطبعات التي سبقته وقام بجهد يشكر في تحقيقه  وقد سبقت الإشارة لهذا الكتاب في مختارة سابقة.

وبعد أيها الأكارم من طالع في كتب الأدب واللغة وجد شيئا ربما يحسن التنبه إليه  : ( ليس كل ما يُعلم يُقال ) حيث أنه وصلني هذا الأسبوع في برنامج (الوتس أب)  صورة من ورقة في كتاب أدبي يُذكَر فيها أسماء فروج المرأة  في لغة العرب  ، وكأن مصورها وقع على كنز يحسن بالناس معرفته ، فمهلا فما هكذا تورد الإبل  ، فإنك واجد شيئا كثيرا في كتب الأدب واللغة ، ولا نقول هذا من باب الورع البارد ، فقد رُويت هذه وأكثر منها في كتب الأدب واللغة ، ورواها من له باع في العلم طويل  ويشار إليه بالبنان ومن كالسيوطي مثلا ، ولكن  إن كنت مثله فافعل فعله  ، أما نشر أشياء كأنه لم يبق لنا من العلم إلا هذه المعلومة  !! فهنا قف وتأمل ، ثم إنه قد  يكون للحديث في مجلس محصور أو في جلسة سمر خلوية مسوغ  ولكن   لا يحسن أن يُنشر على الملأ في وسائل التواصل الاجتماعية  ما يحكى هناك ولكل مقام مقال ، ومنهجنا في هذا منهج الحافظ الصحابي أبي هريرة رضي الله عنه ( حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم  وعائين أما  أحدهما فقد بثثته وأما الآخر فدونه قطع الحلاقيم ” .

    والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

اترك تعليقاً