الجمعة الثامنة / السابع والعشرين من صفر لعام 1436هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة العاشرة بعد المائة (110) في تعداد الجمع ، والجمعة الثامنة ( 8 ) من عام 1436 هـ وتوافق (27 / 2 / 1436) بحسب الرؤية ، والتقويم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أيها الكرام اليوم مع الفقيه النبيه شيخنا ( محمد بن صالح العثيمين ) – رحمه الله – وكتابه : الشرح الممتع على زاد المستقنع  .

قال أبو حكيم :  جواب جاء في موقع (إسلام ويب )  على سؤال عن كتاب الزاد : ( وكتاب زاد المستقنع متن في الفقه مختصر جدا على مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ وأصله هو كتاب ( المقنع ) للموفق ابن قدامة ـ رحمه الله ـ ثم اختصره الحجاوي ـ رحمه الله ـ في هذا المتن المعروف بـ( زاد المستقنع في اختصار المقنع )، والمتن نفسه خال من الأحاديث ، لأن مقصوده هو ذكر المسائل الفقهية دون إكثار من الفروع إلا ما دعت إليه الحاجة ودون ذكر للدليل ولا للتعليل، وهذا متن مهم جدا عند علماء الحنابلة.  ومن أراد طلب العلم والاشتغال بالمذهب الحنبلي فإنه يشتغل به حفظا، مع مطالعة ما كتب عليه من الشروح والحواشي، ومن أمثلتها ( الروض المربع للبهوتي ) ، مع حاشيته لابن قاسم، وكذا ( الشرح الممتع على زاد المستقنع للعلامة العثيمين ) ، فإنه سهل الأسلوب واضح العبارة ، قد حل ألفاظ الزاد، وبين الراجح من الأقوال بدليله، وهناك ( حاشية نفيسة على زاد المستقنع للشيخ صالح البليهي) ـ رحمه الله ـ اعتنى فيها بذكر الأدلة والحكم على الأحاديث وذكر مذاهب العلماء، وبالجملة فكتاب ( زاد المستقنع ) من المتون المهمة لطلاب العلم ومطالعة ما كتب عليه من الأمور النافعة ـ إن شاء الله.

 قال شيخا ابن عثيمين في المجلد الحادي عشر  ( ص 26 ) من طبعة ابن الجوزي – والشرح الممتع  رقمه ( 14 ) في سلسلة مؤلفات الشيخ الصادرة عن مؤسسة الشيخ محمد بن عثيمين الخيرية .

: قال في الشرح : ( قوله : ” والوقف على نفسه ”  يعني لا يصح ، بأن يقول : وقفت على نفسي بيتي الفلاني ، قال الإمام أحمد : لا أعرف الوقف إلا ما أخرجه لله تعالى .

والموقف على نفسه لم يصنع شيئا لأنه أخرج ملكه إلى ملكه فما الفائدة ؟

فإن قالوا : الفائدة أن لا يبيعه ، لأن الوقف لا يجوز بيعه . قلنا : وما الذي أجبره على بيعه ؟! يبقيه حرا غير وقف ولا يبيعه ، فإن قال : أخشى أن تغلبني نفسي على بيعه ، فأوقفه على نفسي ، فهنا تكون الفائدة ، فإذا كان الإنسان يخشى على نفسه أن يبيع بيته فأوقفه على نفسه خوفا من ذلك ، فهذه الفائدة ، ولا شك أن لها وزنا وقيمة ، ولذلك اختلف العلماء – رحمهم الله – هل يصح أن يقف الإنسان على نفسه أو لا ؟ .

فالمذهب ( قال أبو حكيم يقصد : الحنبلي ) : لا يصح ، وعليه فيرجع الوقف إليه ملكا ، لعدم صحته ، فيجعل عقد الوقف وعدمه سواء .

ولكن إذا وقفه على نفسه ثم ذكر أحدا بعد نفسه انتقل إليهم في الحال ، مثل أن يقول : هذا وقف على نفسي ، ومن بعدي على أولاد فلان ، فنقول : ينتقل في الحال إلى أولاد فلان ، ولا يصح أن يقف على نفسه  ، ومثل ذلك لو وقف على نفسه ثم طلبة العلم ، انتقل مباشرة لطلبة العلم . …

والحقيقة أن قولهم : أن يصرف إلى من بعده وقفا ، يؤيد القول : بأن الوقف على النفس صحيح ، لأنه إذا قلنا : إنه لا يصح وجب أن لا يصح ، ولا يصرف إلى من بعده  ، إذ كيف يصرف إلى من بعده وهو لم يكن وقفا صحيحا ؟!

والقول الثاني : أنه يصح الوقف على النفس ، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية  – رحمه الله – وجماعة من العلماء المحققين لأن الوقف على النفس فيه فائدة  وهي : الامتناع من التصرف فيه ، فلا يبعه ولا يهبه ولا يرهنه ، وأنه إذا مات صرف مصرف الوقف المنقطع ، ولم يكن ميراثا للورثة .

ولكن لو فعل هذا تحايلا لإسقاط حق الغرماء ، مثل أن يكون رجلا مدينا ، فأوقف بيته على نفسه لئلا يباع في دَينه  ، فالوقف هنا غير صحيح ، حتى لو فرض أنه وقفه على غير نفسه حيلة أن لا يباع في الدين ، فإنه لا يصح الوقف ، وهذا هو القول الراجح ، أن الإنسان الذي عليه دين يستغرق ماله فإنه إذا أوقف شيئا من ماله لا يصح ، لأن ماله الآن تعلق به حق الغرماء ، ولأن وفاء الدين واجب والوقف سنة ، ولا يمكن أن تقوى سنة على إسقاط واجب  ، ولكن لو وقف وقفا معلقا بصفة ، واتصف الواقف بهذه الصفة ، مثل أن يقول : هذا وقف على طلبة العلم ، أو الفقراء ، ثم أصبح الواقفُ طالبَ علم أو فقيرا  فإنه يصح ، لأنه لم يوقفه على نفسه ابتداء .

والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

اترك تعليقاً