الجمعة الاولى / الرابع من محرم عام 1435هـ

من مختارات أبي حكيم الجمعة الأولى من عام ( 1435 هـ ) وتوافق ( 4 - 1 - 1435 هـ ) بحسب الرؤية . وهي الجمعة الثانية والخمسون ( 52 ) في مختارات الجمع نسأل الله التوفيق والسداد

اليوم يا سادة لدينا سياحة مع العلم الكبير والإمام الهمام صاحب سير أعلا النبلاء الإمام الذهبي شيخ الإسلام

 وقد قيل :        تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم               إن التشبه بالكرام فلاح

 بعد أن تكلم الإمام الذهبي في سيرة الإمام الكبير والعالم الفذ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ بنِ وَاضِحٍ الحَنْظَلِيُّ

 الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، عَالِمُ زَمَانِهِ، وَأَمِيْرُ الأَتْقِيَاءِ فِي وَقْتِهِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَنْظَلِيُّ مَوْلاَهُم، التُّرْكِيُّ، ثُمَّ المَرْوَزِيُّ، الحَافِظُ، الغَازِي، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ خُوَارِزْميَّةٌ. مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَةٍ. فَطَلَبَ العِلْمَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً.

ذكر من سيرته في علمه وجهاده وقوته وغناه وإنفاقه وبره ونصحه للأمة وما إلى ذلك من المكارم ذكر أن له شعرا جميلا رائقا ومما اختاره له :

رَوَى: إِسْحَاقُ بنُ سُنَيْنٍ لابْنِ المُبَارَكِ:

إِنِّيْ امْرُؤٌ لَيْسَ فِي دِيْنِي لِغَامِزِه * لِيْنٌ، وَلَسْتُ عَلَى الإِسْلاَمِ طَعَّانَا

 فَلاَ أَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَلاَ عُمَراً * وَلَنْ أَسُبَّ – مَعَاذَ اللهِ – عُثْمَانَا

 وَلاَ ابْنَ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ أَشْتِمُهُ * حَتَّى أُلَبَّسَ تَحْتَ التُّربِ أَكْفَانَا

 وَلاَ الزُّبَيْرَ حَوَارِيَّ الرَّسُوْلِ، وَلاَ * أُهْدِي لِطَلْحَةَ شَتْماً عَزَّ أَوْ هَانَا

 وَلاَ أَقُوْلُ: عَلِيٌّ فِي السَّحَابِ، إِذاً * قَدْ قُلْتُ -وَاللهِ- ظُلْماً ثُمَّ عُدْوَانَا

 وَلاَ أَقُوْلُ بِقَوْلِ الجَهْمِ، إِنَّ لَهُ * قَوْلاً يُضَارِعُ أَهْلَ الشِّركِ أَحْيَانَا

 وَلاَ أَقُوْلُ: تَخَلَّى مِنْ خَلِيقَتِهِ * رَبُّ العِبَادِ وَوَلَّى الأَمْرَ شَيْطَانَا

 مَا قَالَ فِرْعَوْنُ هَذَا فِي تَمَرُّدِهِ * فِرْعَوْنُ مُوْسَى وَلاَ هَامَانُ طُغْيَانَا

 اللهُ يَدْفَعُ بِالسُّلْطَانِ مُعْضِلَةً * عَنْ دِيْنِنَا رَحْمَةً مِنْهُ وَرِضْوَانَا

 لَوْلاَ الأَئِمَّةُ لَمْ تَأْمَنْ لَنَا سُبُلٌ * وَكَانَ أَضْعَفُنَا نَهْباً لأَقْوَانَا (8/414)

فَيُقَالُ: إِنَّ الرَّشِيْدَ أَعْجَبَهُ هَذَا، فَلَمَّا أَن بَلَغَهُ مَوْتُ ابْنِ المُبَارَكِ بِهِيْتَ، قَالَ:

إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، يَا فَضْلُ! إِيْذَنْ لِلنَّاسِ يُعَزُّونَا فِي ابْنِ المُبَارَكِ.

وَقَالَ: أَمَا هُوَ القَائِلُ:

اللهُ يَدفَعُ بِالسُّلْطَان مُعْضِلَةً *…

فَمَنِ الَّذِي يَسْمَعُ هَذَا مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَلاَ يَعْرِفُ حَقَّنَا؟

 قال أبو حكيم :ولعله لا يعزب عن ذهنكم الوقاد أبياته لعابد الحرمين

 يا عابد الحرمين أو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب … الخ

 ومما أعجبني من سيرته رحمه الله :

قَالَ شَقِيْقٌ البَلْخِيُّ: قِيْلَ لابْنِ المُبَارَكِ: إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ لِمَ لاَ تَجْلِسُ مَعَنَا؟

 قَالَ: أَجلِسُ مَعَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، أَنْظُرُ فِي كُتُبِهِم وَآثَارِهِم، فَمَا أَصْنَعُ مَعَكُم؟ أَنْتُم تَغْتَابُوْنَ النَّاسَ.

ومما يدل على قوة علمه ما رواه نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ، قَالَ:

قَالَ لِي أَبِي: لَئِنْ وَجَدْتُ كُتُبَكَ، لأُحَرِقَنَّهَا.

قُلْتُ: وَمَا عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ فِي صَدْرِي.

وفي الختام :

قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:

لَمَّا احْتُضِرَ ابْنُ المُبَارَكِ، جَعَلَ رَجُلٌ يُلَقِّنُهُ، قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.

فَأَكْثَرَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: لَسْتَ تُحْسِنُ، وَأَخَافُ أَنْ تُؤْذِيَ مُسْلِماً بَعْدِي، إِذَا لَقَّنْتَنِي، فَقُلْتُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، ثُمَّ لَمْ أُحْدِثْ كَلاَماً بَعْدَهَا، فَدَعْنِي، فَإِذَا أَحْدَثْتُ كَلاَماً، فَلَقِّنِّي حَتَّى تَكُوْنَ آخِرَ كَلاَمِي.

يُقَالُ: إِنَّ الرَّشِيْدَ لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَاتَ اليَوْمَ سَيِّدُ العُلَمَاءِ.

قَالَ عَبْدَانُ بنُ عُثْمَانَ: مَاتَ ابْنُ المُبَارَكِ بِهِيْتَ وَعَانَاتَ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.

قال أبو حكيم : لكي لا ننس مولده ( 118 ) ووفاته ( 181 ) رحمه الله

 رحمنا الله تعالى وإياه رحمة واسعة ونفعنا الله تعالى بعلمه وسيرته .

 والله تعالى أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

اترك تعليقاً