الجمعة الحادية والخمسين / الثلاثين من ذي الحجة اليوم الاخير من العام 1435هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الثانية بعد المائة ( 102 ) في تعداد الجمع ، والجمعة الحادية و الخمسين ( 51) من عام 1435 هـ وتوافق (1435 / 12 / 30 ) بحسب الرؤية ، والتقويم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اليوم هو اليوم الأخير من العام

ولعله لا يغيب عن أذهانكم أن التاريخ الهجري أُقر في عهد الخليفة الراشد و الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه  بمشورة من الصحابة رضي الله عنهم ، وسببه أنه مرت على عمر مسألة ذكر فيها موعد في شعبان بدون ذكر سنة محددة فقال أي شعبان أفي هذا العام أم ما مضى أم العام القادم ؟ ، وقيل : أنه رضي الله عنه ترده كتب من أمراء المناطق غير مؤرخة فلا يدري السابق من اللاحق  ، فجمع الصحابة واستشارهم ، فمن قائل نأخذ بتاريخ من قبلنا من الأمم ، ومن قائل نأخذ بتاريخ وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وآخرون قالوا بمبعثه ، وغيرهم قال بالهجرة ، فمال عمر رضي الله عنه لهذا الرأي ،لأنه فيه تميز  الحق  من الباطل ، واختاروا المحرم ليكون أول شهر في السنة ، فرضي الله عنهم أردوا التميز بكل مميز ، ومع الأسف الآن لا يكاد يوجد من يؤرخ بالتاريخ الهجري غير بلدنا المبارك حرسه الله من كل كيد وفتنة .

أيها الفضلاء بما أننا في اليوم الأخير من العام ، وكذا حال الدنيا البداية ثم النهاية  والتمام وبعده الزوال ،  قال أمين سليم جرجورة – فلسطيني ( 1304  – 1395هـ ) من قصيدة خاطب فيها الاحتلال الفرنسي  :

وقـل لفرنسـا إذا مـا سمتْ    …   وجـارتْ عـلـيـنــا وزادت عِظَم

إذا تم  شيء بدا نقصه    …     ترقب زوالا إذا قيل تم .

أيها المحترمون : بين يدي كتاب لطيف في مبناه مهم في معناه يجب على المسلم أن يعرف مسائله لأنه به يكّمل أركان إيمانه ، وويل ثم ويل لمن هدم ركنا من أركان الإيمان الستة ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ) .

فهذا (أحمد بن محمد الصادق النجار) –  من المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم – طبع كتبا طبعة أولى عام ( 1434 هـ ) أسماه : ( الإيمان بما بعد الموت ( مسائل ودلائل )) .

ومما جاء فيه :

قال ابن تيمية في كتاب الاستقامة : (  جميع الرسل أخبرت بيوم القيامة  ، خلاف ما تزعم طوائف من الفلاسفة وأهل الكلام : أن المعاد الجسماني لم يخبر به إلا محمد وعيسى ) صلى الله عليهما وسلم . ا . هـ.

ومما ينبغي التنبيه عليه : أنه يجب الإيمان بكل ما أخبر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من تفاصيل يوم القيامة ، وإن لم يُعلم معناه لأنه لا يشترط في الإيمان المجمل  : العلم بمعنى كل ما أخبر الله به ، وليس هناك شيء في القرآن والسنة لا يعلم معناه .

الشريعة ولله الحمد لم تجئ بما يعلم بالعقل بطلانه وإنما قد تخبر بما يعجز عقل الناس عن فهمه وتصوره .

 الإيمان باليوم الآخر ( قال أبو حكيم : و بكل أمور الغيب )  يكون على ضربين ( مجمل ومفصل )

فالمجمل : هو القدر الذي لا يتم إيمان العبد باليوم الآخر إلا به  . وهو الإيمان بأن هناك يوما آخر يبعث الله فيه العباد فيجازيهم فيه على أعمالهم .

أما الإيمان المفصل : فهو القدر الذي يكون تبعا للعمل التفصيلي الذي يبلغ المكلف من نصوص الكتاب والسنة .

كل ما يبلغ المسلم من نصوص الكتاب والسنة فيما يتعلق باليوم الآخر فيجب عليه الإيمان به .

الناس متفاوتون في إيمانهم باليوم الآخر وسبب هذا التفاوت  ، تفاوت العلم ، فمن علم أكثر آمن أكثر ، فيزيد إيمانه على غيره .

قال ابن رجب : وتفسر زيادة المعرفة – أي معرفة الله بالقلب – بمعنيين  :

1 . زيادة المعرفة بتفاصيل أسماء الله وصفاته ، وأفعاله ، وأسماء الملائكة ، والنبيين  والكتب المنزلة ، وتفاصيل اليوم الآخر  ، وهذا ظاهر لا يقبل نزاعا .

2 . زيادة المعرفة بالوحدانية بزيادة معرفة أدلتها ، فإن أدلتها لا تحصر ، إذ كل ذرة في الكون فيها دلالة على وجود الخالق ووحدانيته  ، فمن كثرت وحدانيته زادت معرفته على من ليس كذلك .

ومن هنا فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين مقام الإسلام و مقام الإحسان ، وجعل مقام الإحسان أن يعبد ربه كأنه يراه ، والمراد : أن ينور قلبه بنور الإيمان حتى يصير الغيب عنده مشهودا بقلبه كالعيان ” فتح الباري .

الأثر المترتب على إيمان العبد باليوم الآخر من جهة السلوك والعمل : أن العبد إذا آمن باليوم الآخر فسيحرص على الأعمال التي تنجيه من عقاب الله ، وسيسعى للأسباب الموصلة للنجاة من أهوال يوم القيامة .

  والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

اترك تعليقاً