الجمعة الثانية والأربعين / السادس والعشرين من شوال 1435هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الثالثة و التسعين ( 93 ) في تعداد الجمع ، والجمعة الثانية والأربعين ( 42 ) من عام 1435 هـ وتوافق (1435 / 10 / 26 ) بحسب الرؤية ، والتقويم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لغة العرب لغة ثرية كثيرة المعاني متعددة الكلمات ، فتجد الكلمة الواحدة لها عدة معان ، والمعنى الواحد يعبر عنه بكلمات ، وتجد اللفظة الواحدة لها معنى مختلف -كما سيرد بعد قليل إن شاء الله -، ويكفي لغتنا شرفا أنها لغة القرآن الكريم – الكتاب الخالد المعجز في لفظه-  ولعل نعيها ، والنذير بطمسها من المبالغات التي يجب أن تنتهي ، فهي باقية ما بقي القرآن ، حتى ولو فرط فيها  أهلها واستصعبوها أو استثقلوها ففيهم العيب لا فيها وعليهم النقص لا عليها  ، وممن  نعاها  في قصيدة قد اشتهرت  شاعر النيل حافظ إبراهيم ومطلع قصيدته :

رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصاتي   …   وَنادَيتُ  قَومي فَاحتَسَبتُ حَياتي

ولكن هي باقية خالدة تالدة،  ولو نعيتها يا شاعر النيل .

وممن درستها على يديه في الجامعة -( كلية الدعوة )  بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض- ، شيخ قد أسن بعمره وأكثر من علمه منها  ،  يحمل الشهادة العالمية فيها وهو من دولة تشاد الأفريقية ( غير عربية ) يقول تعلمت العربية حبا فيها . (وقد نسيت اسمه قصورا مني ولا يضره) جزاه الله خيرا حيث كان ينعى علينا أننا أبناء العرب ولا نهتم بلغتنا !!.

إخوتي : هذا كتاب جميل في العربية ( جمع أشتاتا وقرب متفرقا ) :

المؤلف :  أبو منصور الثعالبي ( ت  430 هـ ) ، ولد بنيسابور  ومات فيها وسمي بالثعالبي نسبة إلى مهنة خياطة جلود الثعالب وإصالحها

الكتاب : ( فقه اللغة وأسرار العربية ) وحتى ينجز الكتاب ( وفيه درس لمن أراد التأليف )  اعتزل الثعالبي في ضيعة له بعد أن طلب  منه الأمير ( عبيد الله بن أحمد المكيالي ) أمير خرسان ( ت 436 هـ ) أن يجمع له كتابا في العربية يجمع ما يدور في مجلسه من ( نكت أئمة الأدب في أسرار اللغة وجوامعها ، ولطائفها وخصائصها ، مما لم يتنبهوا لجمع شمله … )  ، وأخذ الثعالبي من خزانة كتب الأمير ما يعينه على إنجاز كتابه ، فاعتزل مع الأدب وكتبه وصحب فيها ( 23 ) من الأدباء وعلماء اللغة أخذ مما دونوه في كتبهم ،  وبعد إنجاز كتابه عرضه على الأمير ليضيف ويصلح ما أراد ، فاقترح الأمير أن يسمى ( فقه اللغة ) وأضاف المؤلف ( وأسرار العربية ) .

المحقق :  د. ياسين الأيوبي وطبعته الدار العصرية بلبنان عام ( 1422 – 2002 ) ، وقد طبع الكتاب قبل هذه الطبعة طبعات ، وزعم المحقق أن تحقيقه الأكمل والأجمل بمثل هذا الكتاب ، ويقع  مع فهارسه في (611 ) صفحة من القطع العادي .

من فوائده بتصرف يسير :

في اللغة  العربية كلما اشتد القبح واتسعت دائرة السوء غلظت اللغة ، وتقعر اللفظ ولا يُلمح هذا في الأوصاف الحسنة  ( فالمرأة إذا كانت متثنية اللين والنعمة فهي (غيداء وغادة) ، بينما هي في وصف القبح ( قَيْعلة ) إذا كانت ضخمة البطن مسترخية اللحم ) , وهكذا …

في تفاصيل أسماء حُفر مختلفة الأمكنة والمقادير :

( إذا كانت الحفرة في الأرض ، فهي ( هُوة ) ، فإذا كانت في الصخر ، فهي ( نُقرة ) ، فإذا حفرها ماء الميزاب ،  فهي ( ثبْجارة ) ، فإذا كانت ترمي بها الصبيان بالجوز ، فهي ( المِزْدَاة ) ، فإذا كانت للنار ، فهي ( إِرَاة ) ، فإذا كانت لكمون الصائد فيها ، فهي ( ناموس و قُتْرة ) فإذا كانت لاستِدفاء الأعرابي فيها،  فهي ( قُرمُوص ) ، فإذا كانت في الثريد ، فهي (أُنْقُوعة ) ، فإذا كانت في ظهر النواة ، فهي ( نَقير ) ، فإذا كانت في نحر الإنسان ، فهي ( ثُغرة ) ، فإذا كانت في أسفل إبهامه ، فهي ( قَلْت )، فإذا كانت تحت الأنف ، في وسط الشفة العليا ، فهي ( خِثْرمة ) ، فإذا كانت عند شدق الغلام المليح ، وأكثر ما يحفرها الضحك ، فهي ، ( الغِينة )،  فإذا كانت في ذَقنه ، فهي ( النُّونة ) ، وفي حديث عثمان رضي الله عنه ، ” أنه نظر إلى صبي مليح ، فقال : دسموا نونته ” أي : سدِّدُها ( هكذا في الأصل ولعلها ( سوّدوها ) لئلا تصيبه العين .

ومن موقع إسلام ويب : (قال ابن القيم رحمه الله: فصل: ومن علاج ذلك -العين- أيضا والاحتراز منه ستر محاسن من يخاف عليه العين بما يردها، كما ذكر البغوي في كتاب شرح السنة: أن عثمان رضي الله عنه رأى صبيا مليحا فقال: دسموا نونته لئلا تصيبه العين، ثم قال في تفسيره: ومعنى دسموا نونته: أي: سودوا نونته، والنونة: النقرة التي تكون في ذقن الصبي الصغير، اهـ. من زاد المعاد.

اضغط هنا

إن نظرت في هذا الكتاب  تجد اللفظ الوحشي الغريب وتجد الفائدة اللطيفة التي جُمع شتاتها ولو ذهبت تتصيدها في كتب اللغة لأخذت منك وقتا ، فجزاك الله خيرا أيها الثعالبي ،  وقوّم الله ألسنتنا بالعربية .

 والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

اترك تعليقاً