الجمعة الأربعين / الثاني عشر من شوال 1435هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الحادية و التسعين ( 91 ) في تعداد الجمع ، والجمعة الأربعين ( 40 ) من عام 1435 هـ وتوافق (1435 / 10 / 12 ) بحسب الرؤية ، والتقويم

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

رسائل القرآن من الجزء السابع والعشرين من كتاب ربنا تناسب واقعنا الذي نعيش كما ناسبت الزمن السابق وستناسب اللاحق ولكن أين المتأملون  نشرها علي بن عمر بادحدح  إمام جامع العمودي بحي الخالدية بجدة بموقع ملتقى الخطباء    :

يقول الحق سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ * يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ) (المجادلة: 5-6)، هذه الآيات التي ينبغي أن ننظر إليها مرتبطة بالواقع وكونها رسائل من الله عز وجل، (الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) قال السعدي: “مخالفتهما ومعصيتهما –أي: الله ورسوله- خصوصاً في الأمور الفظيعة –وما هي هذه الأمور الفظيعة؟- كمحادة الله ورسوله بالكفر ومعاداة أولياء الله”.

ابي حكيم7

وكم رأينا اليوم من معاداة صريحة واضحة فاضحة نطقت بها الألسن وصدقتها الأعمال في مواجهة أهلنا وإخواننا المرابطين والمجاهدين في أرض فلسطين غزة وعموم فلسطين، (كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) (كُبِتُوا) أي: أذلوا وأهينوا كما فُعِلَ بمن قبلهم جزاء وفاقا، وأحسب أن هؤلاء كبتوا – بحمد الله- وأذلوا بما خيّب الله من ظنونهم التي كانت ترى أن أعداء الله سينتصرون ويمحقون فإذا بهم يواجهون ويتراجعون وإذا بهم يثخن فيهم الجراح وتقع فيهم المقاتل ويسري إليهم الرعب وتضطرب صفوفهم ويستصرخون حلفاءهم.

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (المجادلة: 14-15) رسائل من ربنا تخبرنا وتعطينا الأوصاف الدقيقة لأولئك النفر من المنافقين الذين يجوسون خلال الديار، يخبر الله – تعالى-  عن شناعة حال المنافقين الذين يقولون للكافرين من اليهود والنصارى وغيرهم ممن غضب الله عليهم ونالوا من لعنة الله – سبحانه وتعالى- أوفى نصيب يتولونهم ويكونون أنصارهم وينطقون بألسنتهم دفاعاً عنهم، (مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ) [النساء: 143]، كما قال -عز وجل- في وصفهم وهو يقول هنا: (مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ)؛ لأنهم يظهرون خلاف ما يبطنون، فهم ليسوا من المؤمنين؛ لأن باطنهم ليس مؤمناً وليسوا من الكافرين لأن ظاهرهم ليس مع الكافرين، وإن كان منافقوا اليوم أظهروا في نفاقهم من منافقي الأمس، فهم اليوم على الشاشات وفي الفضائيات التي تشرق وتغرب، سبحانك ربي، قال السعدي في تفسيره: “فجزاء هؤلاء الخونة الفجرة الكذبة أنّ الله أعد لهم عذاباً شديداً لا يُقادر قدره ولا يُعلم وصفه في الدنيا وفي الآخرة”.

وفي ختام سورة المجادلة : (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ * لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ) [المجادلة: 20-22]، سورة عظيمة، آيات جليلة، أحكام قرآنية قطعية لا مجال للشك فيها عند مؤمن بالله وموحد له (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ) وانظروا إلى التأكيد بـ”إنَّ” وانظروا إلى لام الوصل في (الَّذِينَ) التي تدل على العموم و(يُحَادُّونَ) أي: في كل وقت وأن (أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ) والله كتب عليهم الذل ومن كتب الله عليه الذل فهو ذليل ثم قال: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).

ولا نشك في ذلك لحظة مهما اسودت الصورة، مهما ادلهمت الخطوب، مهما تكالب الأعداء، مهما تدنست السياسة، مهما فجر وكذب الإعلام، مهما حصل ، فالقرآن فوق كل سياسة وأصدق من كل كذب في الإعلام وغيره، والقرآن حاكم يحكم مشاعر قلوبنا حباً وبغضاً يحكم ألفاظنا نطقاً وصمتاً يحكم أعمالنا حركة وسكنة، يحكم حياتنا إن كنا بهذا مؤمنين، ولله -عز وجل- مسلمين، ولرسولنا صلى الله عليه وسلم متبعين، ولهذه الأمة منتسبين وإلا فنحن لا نقرأ القرآن حقاً ولا نراه رسائل من ربنا ولا نتدبر وننفذ كما يجب أن يكون حالنا كمؤمنين، وعيدٌ من الله ورسوله لأولئك الذين كفروا بأنّ كل واحد منهم مخذول مذلول لا عاقبة له حميدة ولا راية له منصورة، (لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ) لا يجتمع هذا وهذا، نقيضان لا يجتمعان، إذا دخل أحدهما فقطعاً سيكون الآخر خارجاً.                                                                               والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

اترك تعليقاً