من مختارات أبي حكيم في الجمعة السادسة والستين ( 66 ) في تعداد الجمع والجمعة الخامسة عشرة ( 15 ) من عام 1435 هـ وتوافق (1435 / 4 / 14 ) بحسب التقويم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :إتماما لما بدأنا بحمد الله تعالى في كتاب : جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب للسيد أحمد الهاشمي ، وتلبية لطلب من لا نستطيع رده لكرامته ابن العم حمد بن صالح الطاسان أولانا الله وأولاه وكل مسلم من كرمه ما يغنينا به عمن سواه .
أولا : مراجعة لما رقماه في ماضي أسبوعنا فالملك (جُنْدُج بن حجر الكندي ) فقد رقمناه بالجيم المعجمة وهو بالحاء المهملة ( حُندج ) هكذا صحح لي أبو مالك العزاز جزاه الله خيرا ،وكذا في البيت الأول من المعلقة رقمنا ( اللواء ) بالألف الممدوة وهي بمقصورها كذا ( اللوى )
ثانيا : بقية أصحاب المعلقات ( ونتكلم اليوم عن الرابع والخامس ) : ( بتصرف وبأسلوب أبي حكيم غفر الله له )
الرابع : عنترة بن عمرو بن شداد العبسي أحد فرسان العرب وأغربتها وأجودها اشتهر بالفخر والحماسة اكتسب لون أمه الحبشية ( زبيبة ) أما أبوه فمن سادات عبس ، وعلى عادة العرب نفى نسب ابنه للون أمه ، وكان منبوذا من أبيه بين عُبدانه يرعى إبله وخيله ، ولكنه ربأ بنفسه عن خصال العبيد ومارس الفروسية ومهر فيها حتى قال له أبوه يوما لما سيقت إبل عبس من لدن غزاة من العرب : ( كر يا عنترة ) فقال : ( العبد لا يحسن الكر إنما يحسن الحلاب والصر ! ) فقال له أبوه : ( كر وأنت حر) ، فقاتل قتلا شديدا حتى أبلى وأستلحقه أبوه بعدُ .
لم يكن يهتم بالشعر في مبدأ أمره بل له البيتان والثلاثة حتى عيره بعض قومه بسواده وأنه لا يقول الشعر ، فاحتج لسواده بخلقه وشجاعته ، ولفصاحته بنظم معلقته .
قال أبو حكيم : أيها الأصحاب لا تنزلوا قصص الأدب مكان تحقيق أهل الحديث فهي تروى للاستجمام وفي بعضها للإغراب وإزجاء الوقت ( ولو لاحظت أن حياة عنترة ( كمثال ) تحتاج إلى زناد ليوقد شعلتها ، وهذا الأمر لا يكون في كل حالة من حالات الحياة ، فالعرب مثلا تحب الشعر وتهتم به وهو ديوانها ) .
معلقة عنترة عدد أبياتها في عشر الثمانين
ومطلعها :
هل غادر الشعراء من متردم ؟
أم هل عرفت الدار بعد توهم ؟
ومنها : ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها
قول الفوارس ” ويك ” عنتر أقدم .
واشتهر بحبه ( عبلة ) ابنة عمه وإن منع إيها ، وقال فيها شعرا سارت به الركبان
فوددت تقبيل السيوف لأنها
لمعت كبارق ثغرك المتبسم
ولسهولة ألفاظ شعر عنترة نُحل على لسانه قصائد
ومنها القصيدة المشهورة :
حكم سيوفك في رقاب العذل …
بحسب ما استفدته من شيخي وأستاذي الدكتور : (عبدالله بن سليم الرشيد) أستاذ الأدب واللغة بجامعة الإمام بالرياض .وإن لم أهم ذكر أن أفضل تحقيق لديوان عنترة لمحمد سعيد مولوي .
ومما قرأته عنه تليدا : حديث ( ما وصف لي أعرابي قط فأحببت أن أراه إلا عنترة ) فوجدت في ملتقى أهل الحديث طارفا ما يلي : قال محمد سعيد مولوي في مقدمته على ” ديوان عنترة ” ( ص 32/ حاشية 5/ ط. المكتب الإسلامي – 1370 هـ ): هناك خبر أورده صاحب الأغاني ( 7/ 144 ) بسنده فقال: أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال: حدّثنا عمر بن شبة: حدثنا ابن عائشة قال: أُنشِدَ النبي صلى الله عليه وسلم قول عنترة: ولقد أبيت على الطوى فأظله
حتى أنال به كريم المأكل فقال صلى الله عليه وسلم: (( ما وصف لي إعرابي قط فأحببت أن أراه إلا عنترة )). قال مولوي: وقد سألتُ محدِّث الديار الشامية الأستاذ ناصر الدين الألباني عن هذا الحديث، فأجاب بأن هذا السند معضل، فإنّ ابن عائشة من طبقة شيوخ الإمام أحمد، وبينه وبين الرسول عليه السلام مفاوز. اهـ. وقال عنه الألباني في ” السلسلة الضعيفة ” ( 6510 ): منكر، وقال: ولقد كان الباعث على تخريج هذا الحديث أن حفيدة من حَفَدَتي سألتني عنه؟ فأنكرته. ثم سألتها: أين قرأتيه؟ فقدمت إليّ كتاب “المطالعة والنصوص للصف الأول الثانوي الأدبي والعلمي والتجاري”، فإذا هو فيه ( ص 55 ) جازمين فيه بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم! فبادرت إلى تخريجه أداءً للأمانة العلمية، وتحذيراً من أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل.
الخامس : أبو الأسود عمرو بن كلثوم بن مالك التغلبي ، أمه ليلي بنت مهلهل أخي كليب .
نشأ عمرو في قبيلة تغلب في الجزيرة الفراتية ( قال أبو حكيم : وهي ما بين دجلة والفرات في العراق أعادها الله آمنة ، اشتهرت بالتاريخ باسم الجزيرة أو جزيرة ابن عمر أو الفراتية ) وقد سبق أن مر ذكرها في مختارة سابقة . وتغلب قبيلة نصرانية ) .
اشتهرت تغلب وغريمتها بكر بما يسمى ( حرب البسوس ) وكان عمرو قد ساد قومه في الخامسة عشرة وهو قائد مظفر وآخر صلح جرى بينهما كان على يد عمرو بن هند أحد ملوك المناذرة في الحيرة .
ولكن قضاء الله نافذ فقد حصلت مشاحنة بين عمرو بن هند التغلبي والحارث بن حِلّزة اليشكري البكري ) في مجلس عمرو بن هند وأنشد الحارث قصيدته ( ولعلها تأتي في مستقبل أيامنا ) فظهر لعمرو ميل الملك مع البكريين فحصل أن أمعن الحارث بإرادة إرغام أنف عمرو فدعاه وأمه إلى بيته وطلب من أمه أن تستخدم أم عمرو فصاحت أمه وذلاه !! فقام عمرو وقتل الحارث في مجلسه ورحل إلى ديار قومه في الجزيرة وأنشد معلقته ومات قبل الإسلام بنحو نصف قرن .
معلقته في عشر الثمانين ولم يشتهر من شعره غيرها وإن كان له حظ من شهرة الخطابة
ومطلع المعلقة :
ألا هبي بصحنك فاصبحينا
ولا تبقي خمور الأندرينا
قال أبو حكيم : فاصبحينا : الشرب الصبح ، ويقال للبن إذا شرب صباحا ( صبوح ) وإذا كان في المساء فهو ( غبوق ) أما في البيت فقصد الشاعر شرب الخمر( أعاذنا الله منها ) أول النهار.
الأندرينا : ( جمع الأندر ) قرية بالشام جمعها بما حواليها .
والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .