الجمعة الثامنة والعشرين / السابعة عشر من رجب لعام 1438هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة المائتين وإحدى وثلاثين (231) في تعداد الجمع ، والثامنة والعشرين(28 ) في عام ( 1438هـ ) وتوافق ( 17 / 7 / 1438 هـ ) بحسب التقويم .

هذا اليوم سأقول رسالة على لسان كل منا  لكل معلم ومعلمة بما أن لا أحد منا إلا وله سبب بهم ما بين أن يكون ( معلما / ة  وبين أن يكون طالبا ، أو ولي أمر طالب … )   ، وهي أن دور وأجر المعلم – إن احتسب عند الله ما يلقي –  كبير لا حد له  .

ومن ذلك أنه  في يوم  الخميس ( 16  / 7 / 1438 هـ  ) جلست في حصة فراغ مع معلمين كريمين في غرفة المعلمين في ثانوية الخبراء المحروسة من منطقة القصيم   ، وكان أحدهما قد جرى لي معه موقف قبل حصة حيث أنه رفض دخول طلاب تأخروا عن حصته  – وكان عذرهم شرعيا ووقع لكل طلاب المدرسة حيث كانت مباراة في الأدوار النهائية لدوري كرة القدم ( فتنة العصر )  فرأت الإدارة ، مع قسم التربية البدنية –  أن تمد الفسحة قليلا ليكون الدوري أكثر إثارة ، ولم يعلم المعلم بهذا ! ،  لأنه يكمل في مدرستنا من مدرسة أخرى ، وجاء على وقت حصته ، فلم يجد من الطلاب إلا أربعة ، من أصل ست وعشرين  !! ،    وبما أنني رائد الصف ( المميز ) جئت لهم شفيعا ، ولم يقبل شفاعتي !! لاعتبارات رآها هو صحيحة ولم أعلمها فاحترمت أن الحصة حصته والصف صفه   ، فاستعنت ( بالجهات الإدارية ممثلة  بالمرشد الطلابي  ، (ثم جاء المدير بعده ولم أعلم  بتدخل المدير إلا من معلمنا صحاب القصة لما جاء في الفسحة )  ، ولم تفلح الجهود  – فقد كان جبلا لا يتزحزح – ويبدو أن حياته العسكرية السابقة علمته الثبات على الأمر فإذا صدر الأمر فنفذ – فقد كان عسكريا سابقا قبل أن يشمر عن ساعد الجد ويكمل دراسته في علم الأرض ويكون معلما  – باركه الله ووفقه –  )  ،  ثم – لما رآني في الفسحة – جاء معتذرا مع كل الاحترام والتقدير  وقال : إنه يريد إيصال رسالة للطلاب : (  أن الواسطة لا يمشي معها كل شيء ) حتى ولو كان الشافع رائد الصف ، أو أعضاء من الإدارة الموقرة    . وأضاف مع الاحتفاظ بكل تقدير واحترامٍ  للمدير والمرشد و  لشخصك الكريم ، وشكرني على اهتمامي بالطلاب  وأنه سيعوضهم شيئا ما  ، تقديرا لي –  رفع الله قدره  – .

 فقال معلمنا الآخر  الجالس معنا واسمه الأستاذ أحمد :  ( وأنقل القصة بأسلوب أبي حكيم مع عدم تغيير المعاني إن استطعت )  : إنني قبل ثلاثة عشر عاماً كنت في الصف الثالث المتوسط في ( حفر الباطن المحروسة )  ودرّسنا معلم من عائلة ( الربيعان )  الكريمة ، وأكن له كل الاحترام والتقدير ، وكان من فعله الذي لا ينسى ، أنه في نهاية ذلك العام كتب لكل واحد  من طلابه من زملائي في الصف رسالة وداعية تذكيرية أودع فيها وصاياه الأبوية لنا  ،  ووضع ملاحظة في آخرها ( احتفظ بهذه الرسالة فهي ذكرى ) ، ويقول الأستاذ أحمد  : وبالفعل كنت أحتفظ بهذه الرسالة ، ( ثم اطلعنا على صورة منها  على جهازه الجوال )  ، يقول :  ثم بحثت قبل أيام عن هذا المعلم ، حتى وجدته عن طريق معلم آخر لنا في المدرسة ، وجدتُ رقمه عبر برامج معرفة الرقم بالجوال ، وأخبرني أنه في أحد مدارس بريدة – حرسها الله – فاتصلت عليه وسلمت عليه وأرسلت له صورة رسالته  ، وراسلني  يشكرني – وأرانا محادثته مع معلمه السابق-  وشكرهما لبعضهما ، فكلاهما قد أحسنا بارك الله فيهما ، وأجزل لهما المثوبة ، المعلم بما قدم والطالب بما حفظ من ود  .  

 يقول أبو حكيم – أحكم الله أمره –  : في مدارسنا عمرها الله تعالى بالعلم النافع ، يكون عندك العدد من الطلاب الأفاضل  ، أرسلهم أباؤهم ليتعلموا العلم وليأخذوا _ شئنا أم أبينا – من طباعنا ويتخلقوا ببعض أخلاقنا  ، ألسنا من معلميهم ؟!! ، فالمسؤولية كبيرة والأمر جلل لمن أخذ أهبته واستعداده  ، فانظر أيها الزميل المبارك لما بعد سنوات الدراسة ماذا سيقول عنك طلابك  ؟؟  ومن باب ( وأما بنعمة ربك فحدث)   ، ومن باب تبادل الخبرات بين الزملاء الكرام أقول :    ثم يكون لك خصوصية معينة مع طلاب معينين ( بحسب رأيي )  حيث يوجد في النظام المدرسي  ما يسمى (برائد الصف ) وتقول العرب ( لا يكذب الرائد أهله )  فخذوا رأيي  في الريادة  ،  رائد الصف بحسب (ما أراه ) بمنزلة الوالد لطلاب  صفه ( فالمفروض ) – بحسب رؤيتي – لهذا الأمر أن يهتم بصفه من جميع جوانبه ، وأن يعمل على كل صغيرة وكبيرة فيه ، وأن يرفع من قدر وقدرات  طلابه ويكون سورا وحصنا منيعا يرجعون إليه إذا حزبهم أمر في المدرسة  مثل ( الشفاعة لدي أحد الزملاء المعلمين في رفع درجة يراها الطالب مستحقة له في بحث أو واجب  أو تأجيل اختبار أو طريقة بحث …الخ مما يتعلق بعمل اليوم الدراسي بجميع تفاصيله وتداخلاته  )   أو خارجها  إن لزم الأمر ، وأن تجعل في أنفسهم أنهم الأفضل من جميع النواحي  ، حتى في تجربتي الشخصية   في غالب الأسبوع يبدأ يومي معهم من أوله بتفقد المتأخر عن الطابور صباحا وسبب تأخره ( ولا أقول هذا من عمل الوكيل فأنا رائد الصف  )  ، والمرور على طلابي في الطابور الصباحي واحدا واحدا لأسلم عليهم وأتأكد من جاهزيتهم  ،  ثم أُتباع معهم اليوم الدراسي في تنفيذ خطط النشاط الطلابي بمختلف أنواعه وفي انتظام الوظائف الدراسية اليومية  ، ومتابعة من يحتاج إلى متابعة  ، ( وليس في هذا زيادة تكليف  كما يتصوره البعض ، ففي حصص الفراغ أقوم ببعض هذا وفي الفسح  وبالسؤال والمتابعة مع الوكيل والمرشد ومع الزملاء المعلمين الأفاضل   ، وفي متابعة نتائج الفترة الأولى والثانية  حيث أطلب من الزميل ( وكيل المدرسة ) بموفاتي بنتائج الصف  بعد طباعتها ، لأكون من يوزعها عليهم بعد أن أطلع عليها وأعرف مكنونها .

  أما في المساء فبين فترة وأخرى أشارك طلابي  باجتماعات مسائية – بصفة شخصية وليست رسمية – مع  التأكيد أن يكون لدى أولياء أمورهم العلم بذلك ويكون الاجتماع ( في استراحة أو مخيم بري قريب من البلد )  إن كان الجو مناسباً  وتكون في الغالب نهاية الأسبوع  لتزيد من الرابطة بيني وبينهم  ، ولأطلع على مكنون طلابي ، ليكون حكمي عليهم  سليما – قدر المستطاع-  ، كما أن من فوائد الجلسة المسائية أخذ حريتنا في الحديث ، حيث أن وقت الدوام غالبا يكون محكوماً بجدول محدد ، كما أن جو المدرسة الصباحي يفرض نفسه ، ( فعليّ عباءة المعلم وعلى أبنائي عباءة الطالب ) ، أما الجلسات المسائية ففي الغالب تتسم بالأريحية ونخلع فيها عباءة المعلم والطالب وتكون جلسة فيها من الأنس والتبسط بما لا يخرج عن حدود الأدب ، وقد جربتها سنوات فألفيتها من أنفع أنواع الروابط مع الطلاب ، و مع توفر وسائل التواصل الاجتماعي أنشأنا  مثلا في العام الفائت في (الوتس أب )  مجموعة الصف الثالث شرعي ( وما تزال هذه المجموعة قائمة  حتى بعد أن دخل معظم طلابي التعليم الجامعي  ، وما أزال أتواصل معهم في جلسات مسائية وإن كانت متباعدة )  ، و هذا العام ( 1438 ) كانت في الوتس أب ( مجموعة الصف المميز 2 ط ج )  ويُطرق فيه – فقط  – ما يتعلق بالدراسة من جميع جوانبها ( واجبات اختبارات بحوث تنبيهات من الإدارة أوالمعلمين … الخ )  ، وأوجدنا مع طلابنا الكرام   في الصف المميز  مجموعة أخرى أطلقنا عليها اسم (  دردشة الفصل ) يطرح فيها كل ما يفيد مما لا يتعلق بالدراسة   ، ويشرف بعض الطلاب على المجموعتين ، ولي حق الإشراف العام  ، وتنبيه من يحتاج إلى تنبيه إن خرج عن الجادة المرسومة – وفي الغالب يكون خروجا غير بعيد – ولكن هي الزاوية تبدأ بنقطة ثم  تنطلق فتتسع حتى لا يتلاقى الخطان ، فننبه من البداية حتى لا يصعب الحل إن تمكن الداء … ) .

وقد تفيد هذه التجربة معلما  حيث أنني  لا أختار صفا معينا ( فأكون رائدا لهم دون أخذ موافقتهم أولا )فأذهب إليهم وأستشيرهم هل يقبلون بي رائدا لصفهم أم  لا  ؟ ، ولن أخفيكم أنني قد أواجه ( بالرفض !! ) ، ( ويعجبني أن يقول الطالب رأيه فيما يخصه بلا مواربة  ) ، وقد حصل ذلك فعلا  معي فقبل ثلاث سنوات ( وهي أول سنة لي في المدرسة ( 1435 / 1436 )  ) وكان توزيع الرواد بعد أكثر من شهر من بداية الفصل الأول  فاختار الزملاء السابقون لي فصولهم وبقي ثلاثة فصول أرادت إدارة المدرسة ومشرف النشاط إسناد أحدها لي ، فطلبت منهم التريث حتى أستشير الطلاب  ، فبدأت بالصف الأول  ، ولكن يبدو أني لم أترك انطباعا جيدا  عند أحد الطلاب في الصف الأول  ( الآن هو في الصف الثالث  )  خلال شهر دراسي واحد  ،حيث رفض أن أكون رائدا لهم  ، وبما أنه كان أرفع صوتا استطاع أن يغلب بصوته بقية الزملاء في صفه فاحترمت قرارهم ، ( وبما أن الباقي من مجموع الفصول ثلاثة فصول ، فهذا الأول رفضني ( ولم أجد حقيقة غضاضة في نفسي ، أو أنه أنقص من قدري شيئا )   ، فذهبت للصف ( الثاني الشرعي )  فأخبرتهم بحقيقة الأمر وأنه لم يخترهم أحد وأنا لا أعرفكم جيدا ، ولكن سأخوض التجربة معكم   ( واستشرتهم في الأمر ) فوافقوا ، فاشترطت عليهم  قبل الموافقة النهائية أن ينظروا في شروطي  فعددتها عليهم  ،  وكان من أهمها أننا في هذا العام – بإذن الله – نريد أن نغير النظرة ( السلبية القاتمة ) عن الصف الثاني الشرعي في مدراس المملكة ،  ونبدلها بصورة (صف مميز  في أخلاقه وعلمه)  ، فوافقوا  وبدأ العمل وأزعم أنني حققتُ نجاحا جيدا جدا ( بالنسبة لصف ثاني شرعي قد طغت سنوات من النظرة السلبية عليه ) فمثلا في ذلك العام  ( أخذنا في اليوم المفتوح المركز الأول بدرجة 98 من 100  ، وبفارق عشر درجات عن أقرب منافس  والحمد الله ، كما أن صفنا  في ذلك العام كان من أقل الصفوف في تسجيل القضايا التربوية لدى الوكيل خلال عام ،  بل تكاد تنعدم  ، ولا أدري هل هذا حسن خلق من وكلينا التعليمي وقتها الأستاذ  ( أبي مهند طارق بن عبدالله الوهيبي  ) حيث أنه لم يطلعني على قضايا تخص الصف وكان يثني على صفنا خيرا أم أن هذا هو الواقع بالفعل  ( وهذا ما أعرفه فليس لنا إلا الظاهر )  ،  كما أن المستوى الدراسي تحسن كثيرا ففي ذلك العام أخذ ستة طلاب أكثر من ( 90 % ) بمستواهم الدراسي  ،  ولتعلم أهمية هذه النسبة  فاعلم أنه خلال التسع سنوات الماضية في تاريخ المدرسة في القسم الشرعي  لم يأخذ أحد الطلاب نسبة أكثر من ( 90  % ) إلا طالبين اثنين أو ثلاثة في جميع الدفعات التسع ،  ومما أعتبره نجاحا أنهم اشترطوا عليّ أن أستمر معهم رائدا لصفهم في العام القادم حينما يكونون في صف ثالث فوافقت ، واستمر نجاحي معهم – فيما أزعم –  و فزنا بالصف الثالث في مسابقة أحسن الفصول انتظاما ونظافة وترتيبا لمدة فصل دراسي كامل ودون منافس  والحمد الله ، وخسرنا منافسة الإذاعة الصباحية بفارق ( نصف درجة فقط ) عن المتصدر ، ونافسنا بالدوري في كرة القدم بكل اقتدار رغم أننا لم نصل للأدوار النهائية ، رغم أن فريقنا كان مرشحا عند المنافسين أن يكون محطة استراحة وتطبيق خطط …

 ثم رأيت هذا العام ( 1437 / 1438 ) أن أغير الوجهة وأكون رائدا لصف طبيعي ( علمي ) فاخترت ( الصف المميز الثاني ج ) وشاورتهم فوافقوا ، وأنا الآن أعمل معهم  والحمد الله وتوفيقه ثم بجهودهم لا جهودي  ، ففي نتائج الفصل الدراسي الأول لهذا العام  الثلاثة الأوائل من العشرة الأوائل على مستوى المدرسة من صفي ،  وتسعة من العشرين الأوائل على مستوى الثاني الطبيعي من صفي   ، والطالب رقم ( 21 ) في ترتيبه على الصف الثاني الطبيعي من  واحد وثمانين طالبا تقريبا من صفي نسبته ( 95 % )  والحمد الله  . وزادهم الله وجميع طلابنا توفيقا

وبممارستي  لهذا الدور  بكل ما أستطيع – وأزعم  أني جيد فيه  – فإنني أكون مع طلابي على طول الخط ،  بحدِّ قد يوصف أحيانا ( بالتطرف ) ، ويقال لي :  إنني –أحيانا – أهتم  بإيجاد ( المسالك النظامية والتبريرات – ربما غير المنطقية ( ولا أقول غير النظامية ) –   من وجهة نظر الآخرين وليست من وجهة نظري  – لتبرير  أخطاء يقع فيها أبنائي في صف أكون رائدهم  – حفظهم الله  وجميع أبناء المسلمين –  ولكن هذا من ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوما ) ( فتجدني أطلق على طلاب صفي  حين أكون رائدهم منذ سنوات كلمات مثل :  ( الصف الأول ، الصف المميز  ، الصف الأفضل  ، أفضل صف في المجموعة الشمسية … الخ ) ،

هذا ما تيسر  ، وأرجو أن تكون تجربة ناجحة يُستفاد منها  ، وأرجو من الجميع ممن له أي نوع مداخلة ( + أو –  موافق أو معارض )  على هذا الموضوع أن يرسل لي على الخاص  فإن وجدتها توافي مختارة كاملة أو بعضها  ، فسوف أنشرها في الجمعة القادمة إن شاء الله تعالى  ، ولعل الله ييسر لنا كتابة عن ( همِّ بعض المعلمين في حصص الانتظار ) ويعتبرها العبد الضعيف الغنيمة الباردة .

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

اترك تعليقاً