الجمعة السابعة / السابع عشر من صفر 1435هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الثامنة والخمسين ( 58 ) في تعداد الجمع والجمعة السابعة ( 7 ) من عام 1435 هـ وتوافق ( 1435 – 2 – 17 ) بحسب التقويم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته     يا سادة يا كرام

صلوا على النبي المختار في عيد أسبوعكم – اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آل محمد وأزواج محمد وصحب محمد ومن تبع محمدا إلى يوم القيامة ، – اللهم اجزه عنا خير الجزاء كما دلنا على طريقك وأنار لنا دربك .

أيها المحترمون : ابن القيم وما أدراك ما ابن القيم (691 هـ751 هـ ) من علمائنا في القرن الثامن ، وهو علم في رأسه نار ، كنت في مجلس يوما فقال قائل : كلما أعجبهم الشيء قالوا ذكره ابن القيم !! .

قال أبو حكيم  : ابن القيم أعجب من العجب وكلامه ألذ من السكر عقد بالشهد ، والشاهد الكتب التي ألفها والتراث العلمي الذي خلفه * فهو والله طبيب للقلوب وللنفس  ، ومع جلالة قدره وعلو كعبه هو حسنة من حسنات شيخه ابن تيمية  العالم الرباني ،  فقد كان ابن القيم في أول أمره على طرق الصوفية حتى وفق الله له شيخه ابن تيمية فانتشله مما هو فيه ، وقد قال ابن تيمية رحمه الله : ( العبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات ) وهل على ذلك أظهر من حال الصحابة ؟ ما كانوا ثم ما صاروا رضي الله عنهم .

ابن القيم له كتاب اسمه ( الفوائد ) وهو اسم على مسمى فلو اقتنيت هذا الكتاب  ( يوجد منه نسخ إلكترونية عدة ) وجعلت لك منه زادا في الطريق إلى الله لوجدت منه ثمارا يانعة ، وبلغة للقلب وسلوة للنفس توصلك بإذن الله تعالى للدار الآخرة فهو النطاسي الخبير والآس الرفيق يجس من قلبك موضع العطب فيأتيك بالبلسم رائقا   ومما قطفته لكم من كلامه ما يلي :

قال رحمه الله تعالى :  في شأن الدنيا  : مثل الدنيا

  • الدنيا كامرأة بغي لا تثبت مع زوج , إنما تخطب الأزواج ليستحسنوا عليها فلا ترضى إلا بالدياثة.

ميزت بين جمالها فعالها                           فإذا الملاحة بالقباحة لا تفي

حلفت لنا ألا تخون عهودنا                        فكأنها حلفت لنا ألا تفي

  السير في طلبها سير في أرض مسبعة , والسباحة فيها سباحة في غدير التماسيح, المفروح به منها هو عين المحزون عليه. آلامها متولدة من لذاتها, وأحزانها من أفراحها.

مآرب كانت في الشباب في أهلها                عِذابا, فصارت في المشيب عَذابا

*طائر الطبع يرى الحبة, وعين العقل ترى الشرك, غير أن عين الهوى عمياء.

وعين الرضا عن كل عيب كليلة                 كما أن عين السخط تبدي المساويا

*تزخرفت الشهوات لأعين الطباع, فغض عنها الذين يؤمنون بالغيب, ووقع تابعوها في بيداء الحسرات,

 ف: { أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} البقرة  ( 5 ), وهؤلاء يقال  لهم: { كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون} المرسلات (46) .

لما عرف الموفقون قدر الحياة الدنيا وقلة المقام فيها , أماتوا فيها الهوى طلبا لحياة الأبد, ولما استيقظوا من نوم الغفلة, استرجعوا بالجد ما انتهبه العدو منهم في زمن البطالة, فلما طالت عليهم الطريق, تلمحوا المقصد, فقرب عليهم البعيد, وكلما أمرّت لهم الحياة, حلى لهم تذكر :{هذا يومكم الذي كنتم توعدون} الأنبياء( 103) .

اللهم اجعلنا من الموفقين لكل باب خير   ورحم الله شيخنا ابن القيم وأنفعنا اللهم بعلمه .

 والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

فائدة ملحقة :  في عام ( 1440 )  صدر تراث ابن القيم كاملا في قرابة ( 69 ) مجلد بعناية الشيخ علي العمران  .

اترك تعليقاً