الجمعة السادسة عشر / الرابع والعشرين من ربيع ثاني لعام 1436هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الثامنة عشرة بعد المائة (118) في تعداد الجمع ، والجمعة السادسة عشرة ( 16 ) من عام 1436 هـ وتوافق ( 24 / 4 / 1436 هـ ) بحسب التقويم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أيها الكرام ( الدكتور قتيبة الشهابي ) من سورية ألف كتابا جميلا عنونه ب ( الطيران ورواده في التاريخ الإسلامي ) من منشورات وزارة الثقافة في الجمهورية السورية( 1999 م)  أعاد الله الأمن لربوعها وجميع بلاد المسلمين ، يقع الكتاب في ( 198 صفحة ) بفهارسه من القطع العادي  .

جاء في أوله من قول شيخ العروبة ( أحمد زكي باشا ) :

أن يركب الغربُ متن الريح مبتدعا    …   ما قصرت عن مداه حيلة الناس

فإن للشرق فضل السبق نعرفه    …   ( للجوهري ) و ( عباس بن فرناس )

قد مهدا سبيلا للناس تسلكها    …   إلى السماء بفضل العلم والباس .

قال المؤلف في بعض مقدمته لكتابه : وآن للغرب أن يعترف بعد طول إغفال ، وتعمد إهمال ، بأننا وضعنا الأسس العلمية الأولى للطيران ، وجعلنا من فكرته فعلا واقعا ، وأنه لولا ( قال أبو حكيم : ( الله  )   ثم ) ،  ( عباس  بن فرناس وإسماعيل بن حماد الجوهري والعربي الثالث المجهول الاسم – في القسطنطينية – ، لما وصلت دراساتهم وأبحاثهم وتجاربهم في حقل الطيران إلى ما وصلت إليه اليوم .

قال أبو حكيم : وضع المؤلف في كتابه أساطير الأمم عن الطيران ، ومحاولة الطيران الأولى من قبل مختلف الأشخاص ، وشرحا عن آلية الطيران ، ثم علق على محاولات الطيران الأولى العملية في تاريخ الإسلام وهي محالة  عباس بن فرناس المولود في أواخر القرن الثاني والمتوفى على خلاف في عشر السبعين بعد المئتين . وقد أطلق عليه صاحب نفح الطيب ( حكيم الأندلس )

ابي حكيم7

قال أبو حكيم : اشتهر عباس بن فرناس بالطيران ومما يُجهل من سيرته أنه مخترع عبقري وصانع حاذق ومفكر مبدع وطبيب نطاسي وعالم رياضيات  وصاحب ذوق وإنتاج متميز  وله في الشعر والعروض ، وخذ على ذلك مثالا :

هو أول من استنبط  صناعة الزجاج من الحجارة والرمل ( السيليكا ) في الأندلس ،ومنه انتشر فيها .

مارس علم الفلك وصنع آلته المشهورة ( ذات الحلق ) المطورة من الأقدمين حيث ذكرها ( بطليموس ) في كتابه ( المجسطي ) وتستخدم لرصد الكواكب والنجوم ومنازل القمر .

عمل أول آلة لمعرفة الوقت وسماها ( المنقانة ) أو ( الميقاته ) ، تقوم هذه الآلة على قياس وحساب درجات الظل وزواياه ، التي تمثل الساعة والدقيقة والثانية وتعرف في المغرب العربي باسم ( المنجانة ) …  ( قالت زيغريد هونكه ) : ومن ( هرمان الكسيح ) في دير ( رايخنو ) الذي وصف هذه الآلة العجائبية وصفا عمليا انتشرت في الغرب .

 مثل في بيته قبة للسماء بكواكبها وشمسها وقمرها ونجومها وغيومها وبروقها بل ورعودها ، وقد هجاه شاعر بسبب هذه القبة هجاء مضحكا بذيئا ذكره المقري التلمساني  في نفح الطيب:

سماء عباس الأديب أبي ال  …   قاسم ناهيك حسنُ رائقها

 ( قال أبو حكيم وبعده بيتان  : أنزه أبصاركم عنهما في هذا اليوم المبارك ، فمن أرادهما فليطلبهما في المجلد الرابع ص 335 طبعة دار الكتب العلمية)

أول من أبدع آلة اسطوانية تتغذى بحبر سائل تستخدم في الكتابة ، وللأسف ضاع وصف هذه الآلة مع كتبه ومؤلفاته المفقودة .

درس الطب وعلم النبات وخواص الأحجار ،  وراجع الأطباء والصيادلة فيما وصل إليه ، حتى برع فيه جدا وترقى في سلمه حتى صار  معالج الأسرة  الأموية الحاكمة .

جاء في( تاريخ الحضارات ) نقلا عن المقريزي :  أن عباس بن فرناس اخترع النظارات  ، والساعة الدقاقة المعقدة التركيب كما اخترع آلة طائرة ، قال المؤلف : لكنني لم أعثر على ذكر النظارات  في المصادر التي راجعت .

مارس صنع نافورات المياه وإقامة النصب وابتكر منها ( ذوات الصدور ) الجميلة والحركات البديعة بتلونها وإفراغها المياه منها في البرك وغيرها .

رحل في طلب العلم للمشرق ( العراق  ) وجلب معه إلى الأندلس كتاب ( السند هند ) المعروف في الرياضيات والعلوم ومعناه ( الدهر الداهر ) .

وهو أول من فك علم الخليل ( العروض ) في الأندلس ، كما كان موسيقيا !!!

عقد المؤلف مقارنة طريفة بينه وبين ليوناردو دافنشي المخترع ألإيطالي الشهير  وبينهما ستة قرون ونصف ، فما أكثر شهرة دافنشي وما أجهلنا بسيرة ابن فرناس .

قال أبو حكيم : الكتاب قيم ، ولا يخلو من نقد لبعض ما ورد في كتب التاريخ عن قصة الطيران وتوجيه ما حصل فيها  لكون المؤلف طيارا شراعيا مختصا ، فظهرت خبرته في نقد بعض ما كتب أهل التاريخ عن محاولة الطيران وأسباب عدم النجاح .

وقال أبو حكيم : وختم الكتاب بفصله السادس  بذكر أول طائرتين عثمانيتين ، تهبطان في الشام ، قادمتين من اسطنبول وذلك في  سنة ( 1330 هـ ) وكانت وجهتها الأخير القاهرة فسقطت الأولى  عند بحيرة طبرية وقتل قائداها  فرحمهما الله ودفنا في دمشق  . أما الثانية فبعدها بأسبوع  وأيضا سقطت في البحر  مقابل مدينة يافا الفلسطينية  وقتل أحد قائديها ودفن عند زميليه بجوار قبر صلاح الدين ،  ونجى الآخر ، هذا الحدث ذكره أكثر من شاهد عيان في مذكراتهم ،  وفيه بعض الصور له .

وطعّم الكتاب بصور ورسوم مبسطة للطائرات وأسمائها باللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية .

والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

اترك تعليقاً