الجمعة الخمسين / العشرون من ذي الحجة 1434هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الخمسين ( 50 )من عام 1434 هـ وتوافق 20 / 12 / 1434

الحسن والحسين رضي الله عنهما سيدا شباب أهل الجنة وكان لهما من الشهرة ما يغني عن الحديث عنهما ولكن أخ لهما من الأب عرف باسم ( محمد بن الحنفية ) رضي الله عنه سأعرف به اليوم إن أذن المولى القدير ،  وما سأنقله ذكره ابن خلكان رحمه الله في كتابه القيم ( وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ) ملخصا بتصرف يسير غير مخل إن شاء الله .

محمد بن الحنفية  أبو القاسم محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه المعروف بابن الحنفية أمه الحنفية :  خولة بنت جعفر بن قيس بن سلمة بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة بن لجيم ، ويقال :  بل كانت من سبي اليمامة وصارت إلى علي رضي الله عنه ، وقيل : بل كانت سندية سوداء وكانت أمة لبني حنيفة ولم تكن منهم ، وإنما صالحهم خالد بن الوليد رضي الله عنه   على الرقيق ولم يصالحهم على أنفسهم  ، وذكر البغوي في كتاب ( شرح السنة في باب قتال ما نعي الزكاة ) :  أن طائفة ارتدوا عن الدين وأنكروا الشرائع وعادوا إلى ما كانوا عليه من الجاهلية واتفقت الصحابة على قتالهم وقتلهم ورأى أبو بكر رضي الله عنه سبي ذراريهم ونسائهم وساعده على ذلك أكثر الصحابة .

واستولد علي رضي الله عنه جارية من سبي بني حنيفة فولدت له محمد بن علي الذي يدعى محمد بن الحنفية ثم لم ينقرض عصر الصحابة رضي الله عنهم حتى اجمعوا على أن المرتد لا يسبى .

وأما كنيته بأبي القاسم فيقال إنها رخصة من رسول الله وإنه قال لعلي رضي الله عنه :  سيولد لك بعدي غلام وقد نحلته اسمي وكنيتي ، ولا تحل لأحد من أمتي من بعده . ( قال أبو حكيم : وقد قرأت أن هذا الحديث مرسل والله تعالى أعلم بصحته )

وممن يسمى محمدا ويكنى أبا القاسم : ( 1 ) محمد بن أبي بكر الصديق و( 2 ) محمد بن طلحة بن عبيد الله و( 3 ) محمد بن سعد بن أبي وقاص و( 4 ) محمد بن عبد الرحمن بن عوف و( 5 ) محمد بن جعفر بن أبي طالب و( 6 ) محمد بن حاطب بن أبي بلتعة و( 6 ) محمد بن الأشعث بن قيس .

وكان محمد المذكور : كثير العلم والورع ، وقد ذكره الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء ، وكان شديد القوة وله في ذلك أخبار عجيبة منها :  ما حكاه المبرد في كتاب الكامل إن اباه عليا رضي الله عنه استطال درعا كانت له فقال لينقص منها كذا وكذا حلقة فقبض محمد إحدى يديه على ذيلها والأخرى على فضلها ثم جذبها فقطع من الموضع الذي حده أبوه وكان عبد الله بن الزبير رضي الله عنه  إذا حدث بهذا الحديث غضب واعتراه أفكل ( وهو الرعدة ) لأنه كان يحسده على قوته وكان ابن الزبير رضي الله عنه  أيضا شديد القوى .

 ومن قوته أيضا ما حكاه المبرد في كتابه : أن ملك الروم في أيام معاوية رضي الله عنه   وجه إليه إن الملوك قبلك كانت تراسل الملوك منا ويجهد بعضهم أن يغرب على بعض أفتأذن في ذلك فأذن له فوجه إليه برجلين أحدهما طويل جسيم والآخر أّيْدٌ ( قال أبو حكيم :هو القوي الشديد ) ، فقال معاوية لعمرو بن العاص رضي الله عنهما : أما الطويل فقد أصبنا كفؤه وهو : ( قيس بن سعد بن عبادة ) رضي الله عنه وأما الآخر الأيد فقد احتجنا إلى رأيك فيه فقال عمرو رضي الله عنه  : ها هنا رجلان كلاهما إليك بغيض محمد بن الحنيفة وعبد الله بن الزبير ( رضي الله عنهما ) فقال معاوية رضي الله عنه  : من هو أقرب إلينا على كل حال ، فلما دخل الرجلان وجه إلى قيس بن سعد بن عبادة يعلمه فدخل قيس فلما مثل بين يدي معاوية نزع سراويله فرمى بها إلى العلج فلبسها فبلغت ثندوته ( قال أبو حكيم :هي بمنزلة الثدي بالنسبة للمرأة أي بلغت صدره )  فأطرق مغلوبا .

فقيل : إن قيسا لاموه في ذلك وقيل له لم تبذلت هذا التبذل بحضرة معاوية رضي الله عنه  هلا وجهت إليه غيرها فقال :

 ( أردت لكيما يعلم الناس أنها * سراويل قيس والوفود شهود )

 ( وان لا يقولوا غاب قيس وهذه * سراويل عادي نمته ثمود ) 

( وإني من القوم اليمانين سيد * وما الناس إلا سيد ومسود ) 

( و بذ جميع الخلق أصلي ومنصبي * وجسم به أعلو الرجال مديد ) .

 ثم وجه معاوية رضي الله عنه  إلى محمد بن الحنفية رضي الله عنه   فحضر فخبر بما دعي له فقال : قولوا له إن شاء فليجلس وليعطني يده حتى أقيمه أو يقعدني وإن شاء فليكن القائم وأنا القاعد فاختار الرومي الجلوس فأقامه محمد وعجز الرومي عن إقعاده ثم اختار أن يكون محمد هو القاعد فجذبه محمد فأقعده وعجز الرومي عن إقامته فانصرفا مغلوبين .

 وكانت راية أبيه يوم صفين بيده ويحكى أنه توقف أول يوم في حملها لكونه قتال المسلمين ولم يكن قبل ذلك شهد مثاله فقال له علي رضي الله عنه : هل عندك شك في جيش مقدمه أبوك ؟ فحملها .

وقيل لمحمد : كيف كان أبوك يقحمك المهالك ويولجك المضايق دون أخويك الحسن والحسين !؟ فقال :لأنهما كانا عينيه وكنت يديه فكان يقي عينيه بيديه .

 ومن كلامه : ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بدا حتى يجعل الله له فرجا .

وكانت ولادته لسنتين بقيتا من خلافة عمر وتوفي رحمه الله في أول المحرم سنة إحدى وثمانين للهجرة وقيل سنة ثلاث وثمانين وقيل سنة اثنتين أو ثلاث وسبعين بالمدينة وصلى عليه أبان بن عثمان بن عفان وكان والي المدينة يومئذ ودفن بالبقيع .

وقيل : إنه خرج إلى الطائف هاربا من ابن الزبير رضي الله عنه  فمات هناك . وقيل : إنه مات ببلاد أيلة .

 و( الفرقة الكيسانية )تعتقد إمامته وأنه مقيم بجبل رضوى  وإلى هذا أشار كثير عزة بقوله من جملة أبيات وكان كيساني الاعتقاد  ( وسبط لا يذوق الموت حتى * يقود الخيل يقدمها اللواء )  ( تغيب لا يرى فيهم زمانا * برضوى عنده عسل وماء )  .

وكان المختار بن أبي عبيد الثقفي يدعو الناس إلى إمامة محمد بن الحنفية ويزعم أنه المهدي وقال الجوهري في كتاب الصحاح كيسان لقب المختار المذكور وقال غيره كيسان مولى علي رضي الله عنه  والكيسانية يزعمون أنه مقيم برضوى في شعب منه ولم يمت ، ومعه أربعون من أصحابه ولم يوقف لهم على خبر وهم أحياء يرزقون ويقولون :  إنه مقيم في هذا الجبل بين أسد ونمر وعنده عينان نضاختان تجريان عسلا وماء وإنه يرجع إلى الدنيا فيملؤها عدلا . !!!!!؟؟؟؟؟

وانتقلت إمامته إلى ولده أبي هاشم عبد الله ومنه إلى محمد بن علي والد السفاح والمنصور .

 ورضوى : بفتح الراء وبعدها ضاد معجمة وبعد الواو ألف قال ابن جرير الطبري في تاريخه الكبير : في سنة أربع وأربعين ومائة رضوى جبل جهينة وهو في عمل ينبع وقال غيره بينهما مسيرة يوم واحد وهو من المدينة على سبع مراحل ميامنة طريق المدينة ومياسرة طريق البر لمن كان مصعدا إلى مكة وهو على ليلتين من البحر والله أعلم .

قال ابن حوقل في كتابه المسالك والممالك : ومن رضوى تحمل حجارة المسن إلى سائر الأمصار.

وذكر أبو اليقظان في كتاب النسب : أن ابن الحنفية له ابن اسمه الهيثم وكان مؤخذا عن مسجد رسول الله لا يقدر أن يدخله والأخذة في اللغة : الأسير ، والأُخذة بضم الهمزة : رقية كالسحر فكأنه كان مسحورا .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا  .

اترك تعليقاً