الجمعة الثامنة والثلاثين / السادسة والعشرين من رمضان لعام 1440هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الثانية و الأربعين بعد الثلاثمائة ( 342) في تعداد الجمع ، والثامنة والثلاثين ( 38 ) في عام ( 1440هـ ) وتوافق ( 26 / 9 / 1440 هـ ) بحسب التقويم

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

اللهم لك الحمد هذه آخر جمعة في هذا الرمضان جعلنا الله وإياكم من المقبولين  ،  ولما كان الحديث في الجمعة الماضية عن ( ص ، و  ، م  ) وكيف جاءت في القرآن ، كتب إليّ الشيخ أبو تميم علي بن سليمان بن محمد النوشان إمام جامع الريان وخطيبه ،  في مدينة الخبراء من أرض القصيم – حرسها الله تعالى وكل شبر في بلادنا وبلاد المسلين أجمعين ،  رسالة  نصها : ( أحسنت وحسن الله إليك ، إطلالة رائعة ، وجمع ممتع ،  نفع الله بك ..

وبما أن الكلام عن الصيام فما رأيك لو أضفت إلى هذه المختارة معنى ( السائحون ) في التوبة ، و ( سائحات ) في التحريم ؟ ) .

قال أبو حكيم ومثل أبي تميم يأمر ويلبى طلبه وحبا وكرامة وإنما من حسن أدبه – نحسبه والله حسيبه –  جعلها على شكل استشارة  ، لا حرمنا الله نعمة الاستشارة وسداد القول وصواب الرأي .

وقصد بآية التوبة قوله تعالى  : (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ ( السَّائِحُونَ )  الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) .

أما آية التحريم فهي : (عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ ( سَائِحَاتٍ ) ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5) .

عدت إلى تفسير ( جامع البيان عن تأويل آي القرآن  ) لابن جرير الطبري ( 224 هـ – 310 هـ ) بما أنه الأصل ويجمع الأقوال منسوبة إلى أصحابها ،  والطبعة التي بين يدي طبعة دار عالم الكتب ( 1434 هـ ) بتحقيق الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي – حفظه الله – و الكتب التي يحققها تخرج بعدد كبير من المجلدات ، فهذا التفسير يقع في ( 26 ) مجلدا .

في الجزء الثاني عشر ص ( 10 ) :  وأما قوله ( السائحون ) فإنه الصائمون .

ثم ذكر من قال ذلك وإليكها ملخصة وبحذف تكرار الأحاديث ولو اختلف السند : (عن عبيد بن عمير قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ” السائحين ” فقال: هم الصائمون. قال المحقق : أخرجه مسدد في مسنده …

…عن أبي هريرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” السائحون ” هم الصائمون.

… عن زر, عن عبد الله قال: (السائحون)، الصائمون…. عن أبي إسحاق, عن أبي عبد الرحمن قال: السياحةُ: الصيام.

… عن ابن عباس قال: (السائحون)، : الصائمون . … عن عبد الرحمن قال: (السائحون)، هم الصائمون.

ابي حكيم7

…عن مجاهد قال: (السائحون)، هم الصائمون…. عن ابن عباس قال: كل ما ذكر الله في القرآن ذكر السياحة، هم الصائمون. … عن أبي عمرو العبدي قال: (السائحون)، الذين يُديمون الصيام من المؤمنين. … قال الحسن: (السائحون)، الصائمون. … عن الحسن قال: (السائحون)، الصائمون شهر رمضان…. وكذا عن الضحاك   وعطاء . … قال ابن عيينة: إذا ترك الطعام والشراب والنساء، فهو السائح. …عن قتادة (السائحون)، قوم أخذوا من أبدانهم، صومًا لله. … عن الوليد بن عبد الله, عن عائشة قالت: سياحةُ هذه الأمة الصيام.

أما في سورة التحريم  ففي المجلد الثالث والعشرين  ص ( 101 ) قال ابن جرير  : وقوله: ( سَائِحَاتٍ ) يقول: صائمات.
واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( سَائِحَاتٍ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: صائمات .

ذكر من قال ذلك : ابن عباس و قتادة والضحاك  رضي الله عنهم ورحمهم الله تعالى .

وقال بعضهم : مهاجرات  وممن قال ذلك : …عن زيد بن أسلم، قال: السائحات: المهاجرات.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( سَائِحَاتٍ ) قال: مهاجرات ليس في القرآن، ولا في أمة محمد سياحة إلا الهجرة، وهي التي قال الله السَّائِحُونَ .
وقد بيَّنا الصواب من القول في معنى السائحين فيما مضى قبل بشواهده مع ذكرنا أقوال المختلفين فيه، وكرهنا إعادته. ( قال أبو حكيم : يقصد ما ذكرنا ملخصه أعلاه ) .
وكان بعض أهل العربية يقول: نرى أن الصائم إنما سمي سائحًا، لأن السائح لا زاد معه، وإنما يأكل حيث يجد الطعام، فكأنه أُخذ من ذلك.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

اترك تعليقاً