الجمعة الثانية والعشرين / الثالث من جمادي الثاني لعام 1440هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة السادسة والعشرين بعد الثلاثمائة ( 326) في تعداد الجمع ، والثانية و العشرين ( 22 ) في عام ( 1440هـ ) وتوافق ( 3 / 6 / 1440 هـ ) بحسب التقويم

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

نقل الشيخ عبدالملك القاسم في كتابه الموسوم ب ( العالم العابد الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن قاسم رحمه الله حياته وسيرته ومؤلفاته ) لما تكلم عن العمل والسفر والجهد الذي بذل  في جمع ( فتاوى ابن تيمية رحمه الله ) من الشيخ  عبدالرحمن وابنه محمد عليهما رحمات الله تعالى  قال : في ص (56 ) :

” ومن لطائف هذا المجموع العظيم وعِبَره ، ما ذكره الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد – ت  1428 هـ رحمه الله – في كتابه : ( المدخل إلى آثار ابن تيمية )   : أن ابن مُرّي المتوفى بعد سنة “728 هـ ” ، يكتب رسالة لتلاميذ شيخ الإسلام ، وقد ضمنها الوصية بكتب شيخ الإسلام ونشرها ، ثم قال رحمه الله : ( ووالله – إن شاء الله – ليقيمن الله سبحانه لنصر هذا الكلام ونشره ، وتدوينه وتفهمه ، واستخراج مقاصده ، واستحسان غرائبه وعجائبه رجالاً هم الآن في أصلاب آبائهم … )

قال الشيخ بكر أبو زيد معلقا : ” وقد برت يمين ابن مُرّي – بحمد الله ومنته – فقام الشيخ عبدالرحمن بن قاسم المتوفى سنة ( 1392 هـ ) بمساعدة ابنه محمد المتوفى سنة ( 1421 هـ ) رحمه الله تعالى – بعد نحو ستة قرون بهذه المهمة الجليلة في ” مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية” . ا. هـ

( عبدالرحمن بن محمد بن قاسم  1312  – 1392 هـ )  عالم نحرير ومؤلف جهبذ قطع زمانه في العلم ، ونتاجه في التأليف والكتابة  ونفع الله به وبعلمه فقل أن تجد مسألة لأهل العلم إلا ولابن تيمية فيها قول ،  والمرجع المعتمد عند كثير من أهل العلم والمشتغلين به في عصرنا  في أقوال ابن تيمية هذا المجموع المبارك ، قال العلامة ابن جبرين رحمه الله  وهو من عظيم كتبه : ( ترتيب مجموعة رسائل  وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية )   ، عثر على بعضها أثناء جمعه لرسائل علماء نجد ، فواصل البحث في المكتبات القريبة والبعيدة  بمساعدة ابنه محمد

وقد تكبد في سبيل جمعها من الشدة والمشقة ما يرجى له به جزيل البر والأجر عندالله وقد رتبها وقسمها فنونا وأبوابا ، وأضاف إليها المطبوع من الرسائل الصغيرة والفتاوى فبلغت ( خمسة وثلاثين مجلدا مع جلدين للفهارس  ) ا. هـ

قال أبو حكيم :  والطبعات اللاحقة لهذه الطبعة تحيل إليها فهي الأم لغيرها فمثلا طبعة دار العبيكان في ( عشرين  مجلدا بالفهارس  ) ، وضعوا في كل صفحة رقم ما يقابلها من طبعة الخمس والثلاثين مجلدا .

وذكر الشيخ عبدالملك قصة بحث  في هذا المجموع  كاملة والتعريف به وبموضوعاته  في كتابه ” سالف الذكر ” عن أبيه محمد بالإضافة للمستدرك وثناء العلماء عليهما، عليهما رحمات الله  .  

 و له ( الشيخ عبدالرحمن ) المؤلفات المشهورة ومنها : ( حاشية الروض المربع ) قال أبو حكيم : هو في الفقه وهو من أهم مراجع الكليات الشرعية في الفقه في جامعات بلدنا – حرسها الله من كل سوء –  ( قال مؤلفه في مقدمة حاشيته بما حاصله : ”  يحصل منهما ( قال أبو حكيم : أي زاد المستقنع في اختصار المقنع  وشرحه الروض المربع *  )

حظ  المبتدي والفصل للمنتهي  ، وخدمهما علماء العصر كالشيخ عبدالله أبا بطين ، والشيخ عبدالله العنقري ، وعبدالوهاب بن فيروز بالحواشي مفردة و على الهوامش . من لا أحصيهم مكثر ومقل . فتلطفت بوضع هذه الحاشية ، منتخبة من تلك الحواشي . ومن تقرير شيخنا محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، ومن كتب الأصحاب كالتنقيح والمغني والزركشي والشرح  والمبدع . والمطلع والمحرر ، والفروع والتصحيح ، والإنصاف .والإقناع ، والمنتهى ، وحواشيهما ، ومن كتب وفتاوى شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وابن رجب ، ومن كتب الحديث وشروحها ، وكتب أهل المذاهب كالبغوي 

، والنووي  ( قال أبو حكيم : شافعيان )  وابن رشد ( قال أبو حكيم : مالكي ) ، وغيرهم ، مجتهدا في نقل الإجماع عمن تقدم ذكرهم ، وعن ابن جرير ، وابن كثير ، وابن عبدالبر ، وابن المنذر ، وابن هبيرة وغيرهم من أهل التحقيق ، مفتشا على خلاف يُعتبر ، ومجتهدا في إبراز الدليل والتعليل ، وتوضيح القول الصحيح )

وفي الهامش هذه اللطيفة فاشدد عليها : ( اثبات المسألة بدليها تحقيق ، وبدليل آخر تدقيق ، والتعبير عنها بفائق العبارة ترقيق ، وبمراعاة علم المعاني والبديع في تركيبها تنميق ، والسلامة فيها من اعتراض الشرع توفيق …) .

ومن كتبه البارزة  : ( حاشية على كتاب التوحيد ) قال الشيخ ابن جبرين عليه رحمة الله : ( طبعت قريبا – قال أبو حكيم كان هذا الكلام في عام  1405 هـ ) وهي من أنفس ما كتب على هذا الكتاب .

وللشيخ محمد بن عبدالرحمن بن قاسم  رحمه الله من الكتب  : ( مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية مع والده  وقد سافر محمد لعدة بلدان في طلب رسائله  ، وله المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام ، وله مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ، وله بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية،  وله آل الرسول وأولياؤه ، وله أبو بكر الصديق أفضل الصحابة وأحقهم بالخلافة ، وله شرح كتاب كشف الشبهات من تقريرات الشيخ محمد بن إبراهيم  ، وله كتاب آداب المشي إلى الصلاة من تقريرات الشيخ محمد بن إبراهيم ، وله موضوعات صالحة للخطب والمواعظ  وكل هذه الكتب  والعلم الجم الغزير بيّن كيف تحصيله ابنه عبدالملك في كتابه سالف الذكر ولترى عظيم الجهد ذكر عبدالملك  أن من نباهة الشيخ محمد تقييده كلام شيخه ابن إبراهيم كاملا حتى لو تكرر مرات فكتاب كشف الشبهات مثلا سجل الشيخ محمد كلام شيخه ابن إبراهيم عليه ست مرات  واحتفظ بهذه الدفاتر لأكثر من خمسين سنة ثم أخرج منها هذه الكتب والتقريرات  فمثلا في فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم أكثر من ( 1800 ) ألف وثمانمائة تقرير .

وفي الكتاب بيان لكتب “الشيخ محمد” ونبذة عن حياته وسيرته العطرة  من أفواه من عايشوه عليه وعليهم وعلى كل علماء الإسلام الرحمات الوابلة من رب كريم عفو غفور  ، اللهم انفعنا بعلمهم وأجزهم عنا خير الجزاء واجعلنا على منسكهم ومنهجهم حتى نلقاك  فبالدين ترفع البلاد وتوضع  ، فاللهم ارفعنا بدينك . 

وأخيرا من بركة الله على هذه الدولة وأتم عليها النعمة وسار بها على الدرب السالك المطروق أن تكفل ملوكها بطباعة  كتب ابن تيمية المختلفة حفظا على العلم وخدمة لطلابه ، وكذلك فتاوى الشيخ ابن إبراهيم من الملك سعود ثم فيصل ثم خالد ثم فهد عليهم رحمات الله تعالى  ورزق ولاة أمرنا العزيمة على الرشد والسلامة من كل إثم .

* قال شيخنا ابن عثيمين عليه رحمات الله : كتاب : ” زاد المستقنع في اختصار المقنع ) تأليف أبي النجا موسى بن أحمد بن موسى الحجاوي كتاب قليل الألفاظ ، كثير المعاني ، اختصره من ( المقنع ) ، واقتصر فيه  على قول واحد وهو الراجح من مذهب الإمام أحمد ابن حنبل ، ولم يخرج فيه عن المشهور من المذهب عند المتأخرين إلا قليلا . وقد شغف به المبتدئون من طلاب العلم على مذهب الحنابلة ، وحفظه كثير منهم عن ظهر قلب . وان شيخنا عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله تعالى ، يحثنا على حفظه ، ويدرسنا فيه ، وقد انتفعنا به كثيرا ولله الحمد … الشرح الممتع  مجلد 1 ص ( 5 )  طبعة ابن الجوزي .

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

اترك تعليقاً