الجمعة الثامنة عشر / السادس من جمادي الاول 1435هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة التاسعة والستين ( 69 ) في تعداد الجمع ، والجمعة الثامنة عشرة ( 18 ) من عام 1435 هـ وتوافق (1435 / 5 / 6 ) بحسب التقويم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته  :

في مختارة الجمعة الفائتة ذكرت ( أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم هو الذي سمانا المسلمين كما جاء في سورة الحج  ) وكتب إليّ الأخ الكريم : أبو علي سليمان بن على السلامة  ساكن البدائع وخطيب الجامع القديم بها  – غفر الله له – أن الضمير في ( هو ) يعود على الله تعالى ( واستشهد بمقطع من التفسير الميسر )

قال أبو حكيم : ما قلتَه أحد القولين وأقواها ، والقول الآخر هو : ما ذكرتُه وقد سبقني إلى القول به : ( المفسر عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ( ت 182 هـ  ) رحمه الله وإن كان رُد عليه وتُعقب ، وإن أردته مبسوطا فعليك بأضواء البيان للعَلَمِ النحرير الشنقيطي – رحمه الله – عند تفسير هذه الآية ،  فالصواب ما ذكره شيخنا أبو علي السلامة ، والله أعلم .

وفي هذه الجمعة نقف مع العظمة والفضل والأبهة والسؤدد مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم و مع ( مرثد بن أبي مرثد الغنوي ) – رضي الله عنه – كما ذكر ذلك الصفدي في الوافي بالوفيات مع ( تعليق وإضافة وبيان وتصحيح لما يحتاج ) :

اسمه : مرثد بن كناز بن حصن الغنوي

شهد بدرا مع أبيه وشهد أحدا ، وقتل يوم الرجيع شهيدا حيث رفض النزول مع آخرين على حكم مشرك في صفر من عام ( 4 هـ ) .

كان مع أبيه حليفا لحمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنهم .

آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أوس بن الصامت أخي عبادة رضي الله عنهم .

أمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على السرية التي وجهها معه إلى مكة وذلك في صفر على رأس ست وثلاثين شهرا من مبعثه صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك ابن سعد رحمه الله في طبقاته الكبرى ( أقصد تاريخ السرية لا التأمر )   .

قال ابن إسحاق : إنه أمّر على السرية التي بعث فيها عاصم بن ثابت بن الأفلح ( قال أبو حكيم : هو (حمي الدُّبُر) وذلك لما قتلته بنو لحيان من هذيل على بئر الرجيع  وأرادوا أخذ رأسه ليبيعوه لامرأة في قريش يقال لها سلافة كانت آلت لتشربن في قحف رأسه الخمر لما قتل ولديها في أحد وأشرافا من قريش في بدر ، وكان رضي الله عنه آلى أن لا يمس مشركا بعد إسلامه فلما قتل بر الله بيمينه فلم يمسه مشرك فقد تركه المشركون لآخر النهار حتى يذهب عنه الدبر فجاء الوادي فاحتمل جثمانه فلم يوقف له على خبر رضي الله عنه  ) .ا. هـ

وعند غير ابن إسحاق أن الأمير  :عاصم بن ثابت رضي الله عنه : (وذكر معمر، عن ابن شهاب ـــ أنّ أميرهم كان عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح. والسّتة: مرثد بن أبي مرثد، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وخبيب بن عديّ، وخالد بن البكير، وزيد بن الدَّثِنَة، وعبد الله بن طارق حليف بني ظفر، كان هؤلاء الستّة قد بعثوا إلى عضل والقارة ليفقّهُوهم في الدّين، ويعلِّموهم القرآن وشرائع الإسلام، فغدروا بهم، واستصرخوا عليهم هذيلًا، وقتل حينئذ مرثد بن أبي مرثد، وعاصم، وخالد، وقاتلوا حتى قُتِلوا، وألقى خبيب وعبد الله وزيد بأيديهم، فأسروا.

قال أبو حكيم : وفي هذه السرية وأسر خبيب وقصته ما يستدر الدمع من مآقيه وصدق محمود غنيم (  شاعر مصري معاصر ، (25 ديسمبر 1902 – 1972 ) :

والله يعلم ما قلبت سيرتهم

يوما وأخطأ دمع العين مجراه

يا سادة يا كرام هل تعرفون كيف كان يخدم مرثدا الإسلام ؟

كان رضي الله عنه يحمل الأسرى من مكة إلى المدينة وفي ليلة كان واعد أسيرا ليحمله فجاء إلى حائط من حيطان مكة وكانت ليلة مقمرة فرأت سواد ظله امرأة ( بغي ) يقال لها عناق  فعرفته ، وكان لها خدنا قبل الإسلام فقالت : مرثد ! قلتُ : مرثد ، فقالت : مرحبا وأهلا ، بت عندنا الليلة ، قال : يا عناق إن الله حرم الزنا ، قالت : يا أهل الخباء هذا الذي يحمل الأسرى ، فتبعه ثمانية رجال ، قال : وسلكت الخندمة حتى انتهيت إلى كهف أو غار  وجاؤوا حتى وقفوا على رأسي فأعماهم الله عني حتى رجعوا .

( قال أبو حكيم : قال د. تنيضيب الفايدي في ملحق جريدة المدينة في الجمعة الماضية ( 1435 هـ / 4 / 28 ) ما نصه : (جبل خندمة وهو أحد جبال مكة يقع في الجهة الشرقية من الحرم المكي ويشكل جزءاً من ذاكرة تاريخ البلد الحرام وتتصل به مجموعة من الجبال تتجه جنوباً وتسمّى جبال الخندمة أو الخنادم وتمتد جنوباً حتى تقترب من جبل ثور، وهي جبال يميل لونها إلى السمرة وفي بعضها جدد بيض، وفي داخلها مجاهل وسلاقيط يصعب التنقل فيها، أما شمالها فيشرف على الأبطح والحجون ولايكاد يعرف عامة الناس منها إلا هذا الجانب، وهو الجانب المأهول عليه كثيرٌ من أحياء مكة) ا. هـ وذكر مثله معتق بن غيث البلادي رحمه الله .

قال مرثد : ورجعت إلى صاحبي فحملته – وكان رجلا ثقيلا – حتى انتهيت إلى الإذخر ، ففككت عنه كبله ، فجعلت أحمله حتى قدمت المدينة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم  فقلت : يارسول الله أنكح عناقا ؟فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرد علي شيئا حتى نزلت هذه الآية ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة  ) النور (3 ) فقرأها رسول اله صلى الله عليه وسلم علي وقال : ( لا تنكحها )  متفق عليه .

والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

اترك تعليقاً