الجمعة الرابعة والثلاثين / الخامسة والعشرين من شعبان لعام 1439هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة المائتين والسابعة و الثمانين ( 287) في تعداد الجمع ، والرابعة والثلاثين ( 34) في عام ( 1439هـ ) وتوافق ( 25/ 8 / 1439 هـ ) بحسب التقويم .

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله   :

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، استجابة للأمر الرباني ، ففي النحل  : (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98( ،  وفي فصلت :  (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36(  ، وفي الإسراء بيان لخطورته على الإنسان بأسهل ما يُعْمَل وهو الكلام : (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (53 ) . وفي سورة الناس : (  قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1 ) مَلِكِ النَّاسِ (2إِلَٰهِ النَّاسِ (3مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)) .

 ولكن هل عمل الشيطان الوسوسة فقط أم له حبائل أخرى  ؟ .

بحمد الله  شهر رمضان أقبل – بُلِّغْنَاهُ – ومن رحمة اللهِ في الإعانة على فعل الخير في رمضان  تصفيدُ مردة الشياطين فلا يخلصون  فيه إلى ما كان باستطاعتهم قبله  ، والحكيم سبحانه وصف طريق الشيطان بأنه خطوات ففي سورة النور  زادنا الله من نوره  :  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21 ) .

 تعالوا بنا نتعرف على  بعض خطوات الشيطان مع الإنسان وطرق الضلال التي يسلكها – نعوذ بالله منه – ليحقق وعده كما حكى ربنا الحدث في سورة الأعراف : ( قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (15)قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ (18) .

  الأستاذ ” محمد عفيفي ” في مقدمته على كتاب : إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان ( 1 ) للإمام ابن القيم عليه رحمة الله  قال  :

أما العمل – وهو كما يقولون : بيت القصيد –  فهو :

1 . الإغواء  قال الحفيظ في ص : ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) ) . وفي الحجر  : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ 39 ) .

2 . الاستزلال :  يقول العفو  في آل عمران : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ۖ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ 155 )

3 . الكيد :  يقول القوي في النساء  : (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا 76 ) .

4 . الوعد  :يقول المعطي  في النساء   : (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120( .

5 . العداوة والبغضاء : يقول المهيمن  في المائدة : (  إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91( .

6 . التزيين : يقول القاهر في النمل  : (  وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) .

7 .  الوسوسة : يقول الملك  في الأعراف   : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) .

8 . النسيان لذكر الله :  يقول الحفيظ  في يوسف : (  وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42)  ).

9 . النزغ  : يقول اللطيف في بعض آية من الإسراء  : ( … إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ …( 35) الإسراء .

10 . الغرور  : يقول الولي  في الإسراء ( يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120 )

11 . عبادته  : يقول المليك في مريم : (يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا (44  ) .

12 . الفتنة  : يقول الرؤف في الحج  : ( لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53( .

13 . الفحشاء والمنكر  :يقول النصير في النور :  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21) 

14 . الخذلان يقول النصير  في الفرقان : ( لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29(.

15 .  الصد عن الخير : قال تعالى في الزخرف  : ( وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (62) .

16 . الاستحواذ: قال سبحانه في المجادلة  : ( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19) .

17 . الإيحاء قال الخلاق في الأنعام : ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121(  .

18 . التبذير :  قال الكريم في الإسراء   : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27 ) .

19 . السحر : قال الحفيظ سبحانه في البقرة  :  (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ …  102 ) …

وإن كان ما ذكر ليس جامعا لكل حيل وألاعيب الشيطان ، والصورة الكاملة من مكائده ودسائسه غير بينة ولا واضحة ، لذا تولى الإمام القيم ابن القيم هذا الأمر في كتابه ( إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان ) وإن كان سبقه ابن الجوزي في كتابه ( تلبيس إبليس ) إلا أن ابن القيم يمتاز في كتابه بالصبر والأناة وطول البال في شرح كل أمر من أموره شرحا وافيا مع الاستناد إلى الأدلة القرآنية والأحاديث النبوية ، والبراهين العقلية حتى يشفي الغليل …  .

 ( 1 )  الإغاثة مطبوع طبعات  من أواخرها ما قام به مجمع الفقه الإسلامي بطبعه ضمن سلسلة آثار ابن القيم وما لحقها من أعمال ( 25 ) ،  بتحقيق عزيز شمس وفق منهج الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد في مجلدين كبيرين ، طبعته الثانية عام ( 1436 )  من دار عالم الفوائد.

والنسخة التي نقلت منها بمجلدين أيضا طبعها المكتب الإسلامي  ومكتبة الخاني بتحقيق وتعليق الأستاذ محمد عفيفي  ،  وهي طبعة قديمة حيث الطبعة الثانية عام ( 1409 ) .

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

اترك تعليقاً