الحادي والاربعين / العشرون من شوال لعام 1438هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة المائتين وأربع و أربعين ( 244 ) في تعداد الجمع ، والحادية والأربعين ( 41) في عام ( 1438هـ ) وتوافق ( 20/ 10 / 1438 هـ ) بحسب الرؤية و التقويم

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله ، تعقيبا على مختارة الأسبوع الماضي ومن باب الدلالة على الخير والمشاركة فيه ، فقد كتب إليّ الأخ الحبيب و الطالب النجيب في جامعة الملك فهد -رحمه الله- أبو حاتم فيصل الحربي فقال ما نصه :

 

 أفضل طبعات “صيد الخاطر”  ما حققه “طارق عوض الله محمد” ، وقد زيد في الكتاب ما يقارب الثلث، وهي طبعة مدار الوطن، وهي من أنفس ما حقق من صيد الخاطر.

وهذا رابط للكتاب إلكترونيًا:

اضغط هنا

انتهى كلامه حفظه الله

قال أبو حكيم :وقد اقتنيت الكتاب من التدمرية في بريدة فوجدته كما قال  بل الزيادة عليه تزيد على الثلثين من المتن والتحقيق.

 فجزاه الله خيرا ودلنا وإياه على طريق الصواب .

أما هذا الأسبوع فإني قرأت كتابا مترجما من اللغة الإنجليزية عنوانه : ( العرب والغصن الذهبي إعادة بناء الأسطورة العربية ) لياروسلاف ستيتكيفيتش وترجمه للعربية  (سعيد الغانمي)  وطبعه المركز الثقافي العربي الدار البيضاء – المغرب.

الطبعة الأولى عام 2005 وتقع الطبعة في (  256 ) صفحة .

بُني الكتاب على قصة أبي رِغال أو رُغال . ومن هو بالضبط ؟  وما هو الغصن الذهبي الذي معه ؟ ومدى ارتباطه بأساطير أخرى …  لأنني قرأت في غير موضع  أن هناك من ألف في الأساطير ولم يتعرض للأساطير العربية فألف هذا الرجل الكتاب وكان في الأصل الإنجليزي ” محمد والغصن الذهبي … ” فأسماه المترجم ” العرب والغصن الذهبي … “

والعجيب أن المترجم مع أنه نبه – مشكورا – على بعض الملاحظات على المؤلف لأنه من أمريكا وقد لا يحمل من التبجيل ما نحمله لرسولنا صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه لم ينبه إلى أن النصراني قد اعتمد على كتب التفسير كالطبري ، وابن كثير ، وقصص الأنبياء له ،  ونهاية الأرب للنويري ، والثعلبي في قصص الأنبياء ،  في إيراد القصة ولم يرجع للكتب المتخصصة في الحديث

فالحديث الذي ورد فيه قصة أبي رغال مرة في الحجر ومرة بين مكة والطائف ضعيف .

ففي مسند أحمد رحمه الله من حديث جابر – رضي الله عنه- قصة أبي رغال لما مر رسولنا صلى الله عليه وسلم بالحِجْر ” مدائن صالح ” في ذهابه لمعركة تبوك  فقال لأصحابه : ( لا تسألوا الآيات وقد سألها قوم صالح  …  قال عنه الألباني في سلسلة الضعيفة ” ضعيف “

وفي الترمذي من حديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما – يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” حين خرجنا معه إلى الطائف  فمررنا بقبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا قبر أبي رغال وكان بهذا الحرم يدفع عنه فلما خرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان وقد دفن فيه وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب ،إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه فابتدره الناس فاستخرجوا الغصن “.

وفي سنن أبي داود قال عنه الألباني – رحمه الله – ” ضعيف “

وأبو رغال  زعم  مؤلف الكتاب في حديث عند الواقدي في مغازيه  في قصة حديث منسوب لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنه ” مُصدِّقا ” جابي الصدقات ” بأمر رسول الله  صالح صلى الله عليه وسلم  لأخذ العشر من أموالهم ، فجاء  لرجل لديه مائة شاة ليس فيها إلا حلوبة واحدة وعنده يتم قد ماتت أمه فهو يحلب له من الشاة فقال له الرجل خذ بدلها فأبى إلا هي، فقال خذ عشرا أو عشرين أو خمسين أو كل الغنم ، ودع الحلوب لليتم ، فأبى ظلما ، فقال له الرجل : لست بأقل منك حبا للبن ،  فمد يده لسهم في كنانته وهو يصيح : اللهم فاشهد وصوب إليه سهما فقتله . وحين فعل ذلك ، قال : لا يحمل أحدكم هذا الخبر إلى النبي قبلي ، ثم مضى إلى صالح وأخبره بما فعل ،فرفع صالح يديه إلى السماء ثلاثا وقال اللهم العن أبا رغال . وجاء في هذا الحديث أن أبا رغال جد ثقيف ؟!! .

وفي معجم لسان العرب لابن منظور لأبي رغال ثلاث هويات 

الأولى أنه كان ” عشّارا ” في الزمن الأول جائرا وأن قبره بين مكة والطائف يرجمه الناس حتى اليوم . وينقل أنه كان عبدا لشعيب صلى الله عليه وسلم .

والثانية : أن أبا رغال هو من دل جيش أبرهة إلى الكعبة لما هزم أبرهة ثقيف وألزمهم بدليل فكان أبو رغال هو الرجل ومات في الطريق ودفن ، فالناس ترجم قبره لهذا ، وهذا ملخص ما في سيرة ابن هشام .

والثالثة :ما ذكرناها أولا من أنه من ثمود .

وفي نبز ثقيف ” واشتد أورها في زمن الأمويين وقائدهم الحجاج ” يجعل بعض الناس جدهم أبا رغال وهناك أبيات من الشعر تقرر هذا كقول حسان رضي الله عنه في ديوانه :

إذا الثقفي فاخركم فقولوا            هلم فعدَّ شأنَ أبي رغال

وفي رسائل المعري ينقل أن عبيد بن شرية ينقل نسب ثمود من كتب أبيه قبل الإسلام ويكتب في ذلك بيتين من الشعر ينقلهما المعري

ونظرت في كتب لشرية أبتغي    …..  خبر الذين مضوا من آل ثمودها

فإذا ثمود في مدون زبرِه     ….      تُدعى لعبد كان شر عبيدها

وهناك من ينفي هذا بل يجعل أبا رغال قتيل ثقيف كقول أمية بن أبي الصلت الثقفي 

نفوا عن أرض عدنان طرا    …      وكانوا للقبائل قاهرينا

وهم قتلوا السبي أبا رغال   ….     بمكة إذ يسوق بها الوضينا

وتلاحظ أنه جعل مكان القتل ” مكة ” بدل ” نخلة ” بين مكة والطائف .

هذا غيظ من فيض ألزم به السفر وإلا فالكتاب  فيه أشياء تستحق التأمل وفيه ملاحظات يجدر التنبه لها حال القراءة ، وفيه مؤشر لاهتمام العالم الغربي بتراثنا الجاهلي والإسلامي إما اعجابا  أو طعنا أو لمجرد الجمع والاهتمام بثقافة الغير .

 

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

اترك تعليقاً