الجمعة السابعة والعشرين / العاشرة من رجب لعام 1438هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة المئتين وثلاثين (230) في تعداد الجمع ، والسابعة والعشرين(27 ) في عام ( 1438هـ ) وتوافق ( 10 / 7 / 1438 هـ ) بحسب التقويم .

الحمدالله  لغة العرب لغة خالدة ببقاء القرآن الكريم  فنسأل الله أن يقوم ألسنتنا  ، وأن يفقهنا في لغة كتابه  ، فقد كانت عند العرب من الأهمية بمكان حتى أن العرب في الحاضرة يرسلون الأبناء للبادية من أجل تلقي اللغة على السليقة فصيحة نقية  ، وكان مما حكى أهل التاريخ والعهدة عليهم  ما جنى عبدالملك الخليفة الأموي العظيم – عليه رحمة الله –  على ابنه الوليد – رحمه الله –  ما حكاه ابن كثير – رحمه الله –  في البداية والنهاية في المجلد التاسع  في ترجمة الوليد بقوله : (وكان مولده سنة خمسين، وكان أبواه يترفانه، فشب بلا أدب ، ( قال أبو حكيم :  أبوه أموي وأمه عبسية )   … وقد رُوي أن عبد الملك أراد أن يعهد إليه ثم توقف  ( لأنه لا يحسن العربية )  فجمع الوليد جماعة من أهل النحو عنده فأقاموا سنة، وقيل ستة أشهر، فخرج يوم خرج أجهل مما كان، فقال عبد الملك: قد أجهد وأعذر، وقيل إن أباه عبد الملك أوصاه عند موته فقال له: لا ألفينك إذا مت تجلس تعصر عينيك، وتحن حنين الأمة، ولكن شمر واتزر، ودلني في حفرتي، وخلني وشأني، وادع الناس إلى البيعة، فمن قال برأسه هكذا فقل بسيفك هكذا.

وما دمنا قد خضنا في هذا فلننقل مما ذكر ابن كثير – رحمه الله –  مما له تعلق بأمر العربية ( وإلا فقصة الوليد من الجميل تتصفحها من مصدرها   )   قال ابن كثير – رحمه الله – هكذا : (قالوا: وكان الوليد لحانا كما جاء من غير وجه أن الوليد خطب يوما فقرأ في خطبته: يا ليتُها كانت القاضية فضم التاء من ليتها، فقال عمر بن عبد العزيز: يا ليتها كانت عليك وأراحنا الله منك، وكان يقول: يا أهلُ المدينة.

وقال عبد الملك يوما لرجل من قريش: إنك لرجل لولا أنك تلحن، فقال: وهذا ابنك الوليد يلحن، فقال: لكن ابني سليمان لا يلحن، فقال الرجل: وأخي أبو فلان لا يلحن) .

  وفي هذا قرأت فصلا  بعنوان : ( المبحث التاسع : العناية باللغة العربية لفهم نصوص الشرع  ، من كتاب ( تعظيم النص الشرعي المعالم والمآلات قراءة في هدي سلف الأمة ) للأستاذ الدكتور ( عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم العويد  – أستاذ  أصو ل الفقه بكلية الشريعة  والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم المحروسة   ) طبعته دار العقيدة بالرياض الطبعة الأولى ( 1438 هـ )  وهو صغير في مبناه حيث حوى على (مائة وستين  160 ) صفحة بالمراجع والفهارس ، ولكنه كتاب قيم  في معناه نسأل الله له المثوبة : وأنقل لكم النصوص الواردة في هذا المبحث :

فمن كتاب الموافقات للشاطبي نقل ما نصه : (  القرآن نزل بلسان العرب على الجملة ، فطلب فهمه إنما يكون من هذا الطريق خاصة  لأن الله تعالى يقول)  : إنا أنزلناه قرآنا عربيا (   ( يوسف : 2 (فمن أراد تفهمه; فمن جهة لسان العرب يفهم ، ولا سبيل إلى تطلب فهمه من غير هذه الجهة ) .

ومن كتاب اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم لابن تيمية  : (وأيضا فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به؛ فهو واجب  ) .

ومن كتاب الرسالة للشافعي : (القرآن نزل بلسان العرب دون غيره ؛ لأنه لا يعلم من إيضاح جمل علم الكتاب أحد جهل سعة لسان العرب ، وكثرة وجوهه ، وجماع معانيه وتفرقها . ومن علمه انتفت عنه الشبه التي دخلت على من جهل لسانها ) .

قال المؤلف : ولما قرر الطوفي اشتراط العلم بالعربية للمجتهد لما لها من أثر في فهم الكتاب والسنة وأثر في الأحكام الشرعية ختم بقوله : ( وعلم تتعلق به الأحكام الشرعية هذا التعلق جدير أن يكون معتبرا في الاجتهاد ) . شرح مختصر الروضة . …

وأختم قوله بما نقله عن ابن باز عليه رحمة الله تعالى  : ( لما سئل ابن باز : ما هي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره ؟ كان مما عدد وذكر : ( 3 ـ تنشيطه لتعليم اللغات الغربية في البلدان الإسلامية، وجعلها تزاحم لغة المسلمين، وخاصة اللغة العربية لغة القرآن الكريم التي أنزل الله بها كتابه، والتي يتعبد بها المسلمون ربهم في الصلاة والحج والأذكار وغيرها، ومن ذلك تشجيع الدعوات الهدامة التي تحارب اللغة العربية وتحاول إضعاف التمسك بها في ديار الإسلام في الدعوة إلى العامية، وقيام الدراسات الكثيرة التي يراد بها تطوير النحو وإفساده، وتمجيد ما يسمونه بالأدب الشعبي والتراث القومي.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

اترك تعليقاً