الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، تأخرت هذا الأسبوع – لعارض حصل – والأمر كما أقصه عليكم – من صورة ذهني- أنني أعتدت أن أصحب في صفي جهازا من تلك الأجهزة الذكية -كما تسمى – لأتصل بها في عالم الشبكة العنكبوتية لأطَّلع وطلابي على ما يهمنا ويخدمنا في درسنا – وهي والله نعمة من الله تستوجب الشكر فقد سهلت الحصول على المعلومة والوصول إلى الوسيلة التعليمية المتنوعة فاللهم حمدا حمدا وشكرا شكرا ، وكان هذا برنامجي لأكثر من سنة ونصف ( حيث جهزت قاعة خاصة بدروسي في المدرسة التي أُعلِّم فيها – وقفا للوالد – رحمه الله وأنار قبره وجعله في عليين – بمشاركة أولاده – ) فكان مما قضاه الله وقدره (أن سلط الله عليه من أخذ الجهاز من صفي ) يوم الاثنين ( 22 – 4 – 1437 هـ )، ولعل أخذه كان من أول النهار ولم أعلم و أفجع فيه إلا في الحصة السادسة – لا أراكم الله مكروها- حين احتجته لعرض مقطع لقراءة القاريء (محمد بن طه الجنيد) – (و له مقاطع جميلة في قراءة القرآن يمكن أن نحفز بها أبنائنا لكونه طفلا أو كان طفلا حينما بدأ التسجيل له ) -، وقد قام الأخوة في إدارة المدرسة ولهم من الشكر أجزله بحالة استنفار ، وقام طالب نجيب – جزاه الله خيرا- بتتبع الجهاز عن طريق ( مصورات – خرائط- القوقل ) وتحديد مكانه بتقنية ، ولم نفلح بنتيجة حاسمة ، فطلبوا تفتيش الطلاب ،فأبيت على طلابٍ أدرسهم أن يقفوا موقف تهمة ، وكنت قد زوّرت في نفسي : إنما هي مزحة ( ثقيلة ) ولن يعدو الأمر يوما أو بعضه وسيعود الجهاز ، ولكن طالت المدة فمضى اليوم الأول والثاني ولم أر شيئا !! وكنت مساء اليوم الأول قد اتجهت للشرطة لأجل التبليغ عن السرقة من أجل إزالة تبعات الأمر لو أستخدم الجهاز بما لا يصلح ، فأخبرني المكلف بالعمل بمركز الشرطة ، بما أن الأمر واقع داخل مدرسة فلا بد من خطاب من إدارة المدرسة ، حتى يمكننا التدخل وعمل الإجراء الرسمي ، فوقعت في ( حيص بيص ) وفي لسان العرب لابن منظور نضر الله وجهه ( وقع القوم في حيصَ بيصَ و حيصِ بيصِ وحاصِ باصِ أي في ضيق وشدة ) ، فاتجهت إلى الطلاب في الفصول التي أعلم فيها ، وطلبت ممن أخذه أن يعيد الجهاز وله ( 500 ) ريال مكافأة وهي حاصلة أيضا لمن يأتي يُخبر عنه يقينا ، وليس شرطا أن أعرف من أخذه فيكون الطالب واسطة بيني وبينه ولو قال : أنا واسطة لم أسأله غيرها ، ثم إني ( حرّجت على طلابي الخاصين – طلاب الصف الثالث الشرعي – أن يخبروني باسم لو وصل إليهم الجهاز ) ، وبعد رُفعت المكافأة إلى ( 1000 ) ريال حيث تبرع الأخ الكريم والصاحب الوفي (أبو محمد صالح بن محمد العريني ) – نزيل رياض الخبراء ومعلم الرياضيات في المدرسة – بمبلغ ( 500 ) أخرى ، وكنت أظن أن الأمر منتهٍ ، فمن يتصور أن عاقلا يرضى بأخذ بضعة دراهم بالحرام ويترك أضعافها حلالا ؟ ولكن انتظرت حتى نهاية دوام الخميس فمر الخميس ك( جهام قد أهريق ماؤه ) ، وكنت ولا زلت في أيامي ألهج بالدعاء لله تعالى أن يعيد إلى ضالتي ( ففيه أعمالي كلها ووسائل تواصلي بالعالم بالإضافة إلى الأشياء الشخصية – ومن يُبيحُ الاطلاع على خصوصياته – ولم أكن وضعت أي رقم سري لأي شيء في الجهاز ) ، ولكن ماذا تظنون بمن قال الله عنهم ( وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) – هداه الله ورده للصواب – أتراه يعقل ويحسبها بشكل صحيح أما يسدر في غيه ، وتقل حيلته فيرى الأصوب الاستمرار في الخطأ !؟ ، ولا زال الأمل بالله تعالى أن يعيده إلي ، وأكتب إليكم الآن في ظهر الجمعة ( 26 – 4 – 1437 هـ ) فهي نفثة مصدور ، و مما أجده في نفسي من سؤال حيرني ( ماذا يُريد به ؟ ) والجهاز قد لا يساوي خمس ما دفع فيه من مكافأة ، وما والله دار بخلدي يوما أن أحدا يمكن أن يأخذه من مكانه ولو مازحا ولكن كما قالت العرب : ( عش رجبا ترى عجبا ،ويؤتى الحذر من مأمنه ) وكما قال الشافعي رحمه الله : ( كلما ازددت علما ازددت علما بجهلي ) ، فاللهم رب الضالة هادي من الضلالة رد ضالتي اللهم أنت علام الغيوب والكون بيدك ونحن تحت قدرك وحكمك اللهم لا تجعل لأحد من المسلمين عذابا بسببي ، اللهم إن أعاده فإني قد عفوت عنه ، واجعلها آخر معاصيه ، واجعله لك تائبا منيبا ، وإن كانت الأخرى -لا قربها الله ولا وقعت – فالموعد الموقف فما ظنكم ممن وقف في الموقع والحساب بالحسنات والسيئات .( بل غفر الله له ) وللقصة بقية …
بعد خمسة أيام عصر الجمعة يممت شطر البائع في (عنيزة ) لعلي أجد لديه النُجعة ، فطلب مني ورقة ( تتعلق بما أسماه ” النورتن ” !! ؟ ) حيث فيه البريد الإلكتروني ليتمكن من التعامل مع الجهاز إن كان متصلا بالشبكة ، و لم أكن قد حصلت عليها سابقا ، لكون معلومات الجهاز نقلت إليه عن طريق خدمة العملاء لديهم من جهاز سابق كنت أستخدمه ، فلما لم نجد الورقة سُقط في أيديهم واعتذروا بألطف عذر ، ولكنهم دلوني على الوكيل لهذا النوع من الأجهزة في عاصمة المنطقة (بريدة ) وقالوا هو ( المدبولي ) وقالوا لي : إنه سيأخذ الرقم المتسلسل للجهاز وسيقفله ، فلا يستطيع أحد فتحه والنظر لما فيه ، ( وإن غدا لناظره لقريب ) وأسأله التوفيق ، ولما أشرقت شمس الغد السبت ذهبت إليهم ولم أجد عندهم غناء سواء عند المركز الرئيس أو الصيانة وطلبوا تقديم شكوى إلى رقم الشكاوى !! فاتجهت (للاتصالات السعودية) على أمل حرق الجهاز وكان العدد من المراجعين كبيرا على موظف واحد ، فأُخبرت -بشكل غير رسمي – أنهم يقدرون فقط على شرائحهم ولا يملكون مقدمي الخدمة الآخرين ، أما مع (موبايلي) فأفاد موظفهم أنهم فقط يستطيعون إيقاف الهاتف ( الاتصال ) أما شرائح البيانات فلا سلطان لهم عليها ، أما (زين) فلا أدري ما حالهم وإن كنت أظن الجميع ينحون نفس المنحى ، وبما أن القصة لم تنته فبقي الاتجاه للأجهزة الحكومية ( الشرطة ) طرح الله فيهم البركة وللقصة بقية …
وبما أن السعيد من وعظ بغيره فإليك وصيتي : اجعل على كل برامجك أرقاما سرية ، وخذ نسخة احتياطية لكل متعلقات جهازك ، حنانيك فبعض الشر أهون من بعض ( فاستخدم مثل ( الدُّرب بوكس ) وما شاكله إن كان له مثيل وأهل مكة أدرى بشعابها ، ومن الوصايا المهمة الاحتفاظ بالغلاف الأصلي للجهاز ( الكرتون ) لاحتوائه على معلومات مهمة عن الجهاز وثالثة الوصايا : كنت أقرأ في أمثال العرب ( سوء الظن عصمة ) فلعل هذا الدرس علمني التفريق بين سوء الظن الشرعي وبين سوء الظن العملي ( إن كان تفريقي صحيحا ، ولا تعتمدوا عليه فالمحموم من الغيظ نعوذ بالله منه قد يهرف بما لا يعرف ) فلا تخوّن ولكن حرّص كما يقول أهل النيل ، ولتكن من الناس على حذر ولعلي أنحى باللائمة على نفسي فيقول أهل الكنانة ( المال السايب يعلم السرقة )
اللهم رد ضالتي اللهم رد ضالتي ورددوا معي آمين …
والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد