السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أيها المحترمون في مختصر صحيح مسلم للمنذري بتحقيق الشيخ الألباني رحمهم الله تعالى وأنار قبورهم وجعل الفردوس الأعلى منازلهم طبعة المكتب الإسلامي الطبعة السادسة عام ( 1407 ) في الحديث رقم ( 103 ) باب : في قوله عز وجل لآدم أخرج بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين .
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يقول الله عز وجل يا آدم ، فيقول : لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، قال : يقول : أخرج بعث النار ، قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألفٍ تسعمائة وتسعةً وتسعين ، قال : فذاك حين يشيب الصغير ( وضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ) ، قال : فاشتد ذلك عليهم ( قال أبو حكيم : أي على الصحابة رضي الله عنهم ) ، قالوا : يارسول الله وأينا ذاك الرجل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج ألفا ومنكم رجل ، قال : والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ربعَ أهل الجنة ، فحمدنا الله وكبرنا ، ثم قال : والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ثلثَ أهل الجنة ، فحمدنا الله وكبرنا ، ثم قال : والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة ، إن مثلَكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو كالرقمة في ذراع الحمار ) .
الرقمة : الهنة الناتئة في ذراع الدابة من داخل وهما رقمتان في ذراعيها .
قال أبو حكيم غفر الله له : وقد شرح العلماء رحمهم الله تعالى وبينوا حال ( يأجوج ومأجوج ) ومما يحسن العلم به : أنهم قالوا : إن هذين الاسمين أعجميين ، وقيل : بل هما من لغة العرب مشتقان من ( أجت النار ) إذا التهبت أو من ( الأجاج ) وهو الماء شديد الملوحة ، المحرق من ملوحته ، وقيل : الأج : سرعة العدو ، وقيل مأجوج من ماج إذا اضطرب .
وهم من ذرية ( يافت بن نوح صلى الله عليه وسلم ) أبو الترك ، فلنوح عليه الصلاة والسلام ( سام أبو العرب والفرس والروم ، ويافث أبو الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج وحام أبو السودان والقبط والبربر ) ومن أراد التوسع في هذا فعليه بالبداية والنهاية لابن كثير -رحمه الله – في قصة نوح صلى الله عليه وسلم (ص 117 وما بعدها ) من المجلد الأول طبعة الدار العصرية .
ومما يدل على أنهم من ذرية آدم الحديث السابق ذكره وحديث عبدالله بن عمر و بن العاص رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أن يأجوج ومأجوج من ولد آدم ، وأنهم لو أرسلوا إلى الناس لأفسدوا عليهم معايشهم ، ولن يموت منهم أحد ، إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا ) قال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات هكذا قاله الوابل في أشراط الساعة . وذكر الحديث ابن كثير بسند وزاد فيه ( وإن من ورائهم ثلاث أمم تاويل وتاريس ومنسك ) قال : وهو حديث غريب جدا وإسناده ضعيف ، وفيه نكارة شديدة . والله أعلم بالصواب .
وصفتهم كالترك الغتم ( الذى لا يفصح شيئا ) المغول صغار العيون ، ذُلف الأنوف صُهب الشعور ، عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة من كل حدب ينسلون لكثرتهم ولسرعتهم فهم ينسلون كما ينسل الذئب ، أما وصفهم بأنهم كالأرْز وهو شجر كبار جدا ( الشجرة التي على علم لبنان ) وأن منهم صنف أربعة أذرع في أربعة وأن منهم من يفترش أذنا ويلتحف الأخرى فقد قال الشيخ يوسف الوابل في أشراط الساعة وذكر ابن حجر بعض الآثار في صفتهم ، ولكنها روايات ضعيفة .
وهم سيخرجون آخر الزمان وخروجهم من علامات الساعة الكبرى ، ويكون خروجهم بعد قتل الدجال ، ويأمر الله عيسى صلى الله عليه وسلم أن يحرز المؤمنين إلى الطور ( جبل في سيناء ) حيث لا يدان لأحد بقتالهم لكثرتهم حيث لا يمرون بماء إلا شربوه ، ولا بشيء إلا أفسدوه حتى يدعو عليهم عيسى صلى الله عليه وسلم فتأخذهم دودة ( نغفا ) في رقابهم أو أقفائهم فيهلكون كنفس واحدة فتجوى الأرض من ريحهم فيدعو عيسى صلى الله عليه وسلم فينزل الماء من السماء فيغسل وجه الأرض منهم .
أما سدهم المذكور في سورة الكهف فلا يعرف مكانه بالتحديد غير أنه موجود – ولا شك – جهة المشرق وأنه حاجز بيننا وبينهم وقد ذكر ( سيد قطب رحمه الله) أنه كشف باب بالقرب من مدينة ( ترمذ ) عرف باب الحديد قد مر به في بداية القرن الخامس عشر العالم الألماني ( سيلدبرجر) وسجله في كتابه ، وذكره المؤرخ الأسباني ( كلا فيجو) في رحلته عام ( 1403 م ) وقال : سد مدينة باب الحديد على طريق سمرقند الهند … وقد يكون هو السد الذي بناه ذو القرنيين ) (أشراط الساعة للوابل) .
في زمن الخليفة الواثق أرسل رسلا لينظروا السد ويصفوه له في رحلة طويلة لعدة أشهر ، وذكر أهل التاريخ أنهم فعلوا – (ذكرها ابن كثير في تاريخه البداية والنهاية).
قال البخاري : وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : ” رأيت السد ، قال : وكيف رأيته ؟ قال : مثل البرد المحبر ، فقال رأيته هكذا ” ذكره البخاري معلقا بصيغة الجزم . وفي تفسير ابن جرير مرسلا : قال : انعته لي ، قال : كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء ، قال : قد رأيته ” .
وأما من زعم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد مر عليهم ليلة الإسراء فدعاهم فأبوا عليه ولم يطيعوه فيذكر ابن كثير أن هذا الحديث موضوع مكذوب وضعه رجل يسمى ( أبو نعيم عمرو بن الصبح ) .
والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .