الجمعة السادسة والعشرين / الخامس من رجب 1436هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الثامنة والعشرين بعد المائة (128) في تعداد الجمع ، والجمعة السادسة و العشرين (26 ) من عام 1436 هـ وتوافق ( 5 / 7/ 1436 هـ ) بحسب التقويم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

( مذكرات أميرة عربية ) السيدة سالمة بنت السيد سعيد بن سلطان  ( سلطان مسقظ وزنجبار )  ترجمة عبد المجيد حسيب القيسي .  دار الحكمة بلندن ( بين يدي الطبعة السادسة بعدد الطبعات في السوق  والثانية الرسمية على ذمة  المترجم في مقدمته ).

سعيد بن سلطان البوسعيدي   ( من أجداد السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان  بن أحمد بن سعيد البوسعيدي  سلطان عمان  حاليا )  كان ينتقل بين شطري مملكته في الساحل الشرقي لأفريقيا حتى زنجبار وعمان  وكان وجوده  على رأس العائلة  ولو اسميا في بعض الأوقات يسير بالمركب  ، ولكن لما توفي  انفرط العقد وتفرق الجمع وانطلقت الأهواء والرغبات ، وجرّت إلى أنواع من الصراع والكيد والمؤامرات .

( السيدة سالمة ) ( بطلة القصة ) توفي أبوها أولا ثم أمها  وهي في سن الثالثة عشرة  ، وركبت موجة الصراع على الحكم مع إخوتها ،  وكانت في الجناح الذي يقوده أخوها ( برغش ) الذي يحركه الفرنسيون من وراء الستار  ، بغية طرد الإنجليز  والحلول محلهم في البلاد .

 السيدة سالمة قادت ثورة ضد أخيها (ماجد ) بدعم من الفرنسيين ولصالح أخيها ( برغش ) مع أن (ماجد)  أقرب إخوتها لها وأعزهم على نفسها  كما كان هو أكثرهم إعزازا ومحبة لها !!!!! .  ( قال أبو حكيم : تقول العرب :  الملك يتم ) .

فتدخل الإنجليز وللمرة الأولى بقولة السلاح فهزموا برغش وأرغموه على الاستسلام والرحيل للهند فرحل إليها وعاد بعد سنتين  وهو من أشد أنصار السياسة البريطانية  وأكبر أصدقائها وقد تجلت عواطفه الودية نحوهم خلال فترة حكمه في زنجبار  من عام ( 1870  حتى عام 1888 م ) .

قيادة هذه الثورة أضاع من ( سالمه ) آمالها ومالها وحب أخيها ، وجلب لها نقمة السلطان الجديد ( ماجد ) ونفرة إخوتها وأخواتها وأصدقائها من الرجال والنساء فابتعدوا عنها إما امتعاضا أو خشية من السلطان ، وفرض عليها أخوها إقامة جبرية فلا تخرج إلا بحراسة مشددة  .

قال أبو حكيم : وسبحان الله  مقدر الأقدار ومسبب الأسباب ، في خضم هذه الأحداث يسكن بجوار القصر شاب ألماني يعمل بشركة ألمانية تعمل في زنجبار  هو المستر ( روت أو روث  ) والذي تزوجها فيما بعد  وحملت اسمه حتى مماتها .

قال مترجم الكتاب : كلاهما شاب   ( قال أبو حكيم ولعل في هذا ما يكفي للإشارة لما حصل بعد … )

أصبحت رائحة الفضيحة تزكم الأنوف وعلم السلطان بما حصل  ( وعلى عهدة المترجم : ( وبخاصة بعد أن بدأ جسمها يكشف للعيان آثاره الجسدية  المتطورة ) .

فتصرف السلطان ( المسلم  ) بأن أمرها بالتجهز  للحج مع مجموعة من عبيده وحواشيه ،  قال المترجم : ولم يفت سالمة فهم  دلالة هذه الرسالة فقد كانت دليلا واضحا على علم السلطان بمغامراتها الجديدة وإيماءة صريحة بما ينتظرها في طريق الحج  من مصير  ( فقد كانت مثل هذه الدعوات للسفر وسيلة للتخلص ممن يراد الخلاص منه بسرية وهدوء ) .

فوافقت على السفر وطلبت المهلة للاستعداد للسفر الطويل  ، ورتبت مع صديقها الألماني  فاتصلوا على القنصل البريطاني  في زنجبار وهيأوا بالاتفاق مع ربان إحدى القطع العسكرية البريطانية  خطة لهروب السيدة سالمة خارج البلاد .

وفي اليوم المحدد للسفر خرجت مع جواريها للسباحة في البحر فأوغلت فيه رغم تحذيرات جواريها خطورة التيارات ومر  زورق حربي بريطاني – بالاتفاق المسبق –  فانتشلها وحملها للسفينة ثم سافرت بها السفينة إلى عدن ن  ونزلت عند إحدى العائلات البريطانية فيها و بعد أن وضعت طفلتها الأولى !!!!!! لحقها صديقها الألماني  وأعلنا زواجهما بعد تنصرها  ( اللهم احفظ علينا ديننا )   وعمدت باسم ( إملي روت أو روث )  ثم غادرا إلى مدينة ( هامبرج ) في ألمانيا حيث جعلاها مقرا لإقامتهما  ،  ولكن الحياة لم تصف لها حيث مات زوجها بحادث قطار بعد ثلاث سنوات وترك لها بنتن وابنا هو  ( سعيد روت ) مؤلف هذه المذكرات .

مات ( السلطان ماجد )  وبذا انقطع ما يصلها من رفادة منه سرا  وتولى بعده (السلطان برغش )  فناصبها العداء الشديد رغم ما بذلت له ،   فعاشت في ضنك من العيش ، فلجأت (للحكومة البريطانية) لتعود للعيش في (زنجبار) أو استخلاص بعض أموالها من ( السلطان برغش)   ، فوجدتها ورقة رابحة فلعبت بها ضد أخيها  ، فلما تحقق لهم واحترقت ورقتها  أهملت أيما إهمال ، فلتقطتها ( الحكومة الألمانية)  ووجدت فيها وسيلة للضغط على (الإنجليز ) و( السلطان برغش)  للتسلل للساحل الأفريقي الشرقي ، فلما انتهوا منها لم يهملها( الألمان ) إنما أكرموها وحفظوا لها كبريائها وانصرفت هي إلى كتابة مذكراتها ونشرها . 

كتابة المذكرات ليست نهاية القصة بل غادرت ( ألمانيا) للعيش في (بريطانيا) لأحداث شرحها  يطول وإن لم تنقطع علاقتها (بألمانيا ) حيث كانت تعاود زيارتها حتى كانت في عام ( 1926 م ) في زيارة ( لألمانيا  )بها ماتت  بعد أن عاشت ( عمرا ناهز الثمانين عاما ) .  

( سعيد روث )كاتب المذكرات  ترعرع في ألمانيا وعش في بريطانيا  برعاية الأميرة فكتوريا ،  ولإعجابه بجده( السلطان سعيد) أخذ تاريخه من أمه أو من المراجع الأوربية وكتب هذه المذكرات ونشرها عام ( 1929 م ) .

والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

اترك تعليقاً