السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
شهر شعبان بين رجب ورمضان ، ورد أن أعمال العبد في العام ترفع في هذا الشهر لذلك كان صلى الله عليه وسلم يحب أن يصومه حتى يرفع عمله وهو صائم ( 1 ) ، وسمي شعبان بهذا الاسم كما قيل : لتشعب العرب للغزو والاقتتال حيث أتى بعد رجب الأصم ( وأسموه بذلك لأنك لا تسمع فيه قعقعة سلاح فحرمته كانت العرب لا تتقاتل فيه ، وبما أن هلال شعبان أهل وطل فلنحذر من البدع فيه وخصوصا بدع ليلة النصف من شعبان وصلاة الرغائب والألفية ولأبي عبيدة مشهور بن حسان آل سلمان رسالة لطيفة مطبوعة ( حسن البيان فيما ورد في ليلة النصف من شعبان ) وبما أن شعبان قبل رمضان -أقر الله عيوننا ببلوغه وجعلنا صائمين قائمين إيمانا واحتسابا – ، فإني سأتشعب بكم اليوم في المختارات فهذه الأولى في بيان شهر رجب وشعبان أما الأخرى فلأحمض بكم في قصص العرب وفي أوابدهم وعليكم بالقصة ودعوا التدقيق والتمحيص فما هذا شأن الأدب . ولو فعلنا لتساقط كثير من قصصه كأوراق الخريف ومن رام المزيد من التمحيص والتحقيق مع التدقيق فعليه بمثل كتاب الدكتور عبدالعزيز الخويطر رحمه الله ( إطلالة على التراث ) فسيجد بغيته في كثير من نصوصه .
( عبود الشالجي ) أخرج كتابا في (سبع مجلدات ) فرزه من كتب الأدب والتاريخ وسَمَهُ ب( موسوعة العذاب ) ، وليس الأمر كله عذابا ، فقد ذكر من القصص ما يشيب الرأس له من صنوف العذاب ، ولك أن تعجب كيف يستطيع إنسان أن يوقع بأخيه الإنسان مثل هذا النوع من البلاء ؟ دون وخزة ضمير ،بل بدم بارد ، وتجد صاحب القصة يكمل حياته كأن لم يكن ما يكر الخاطر – فاللهم ابعدنا عن هذا وأبعده عنا- ، وهناك من القصص ما خرج مخرج الهزال والمُلح والنوادر ، وقال (عبود) أنه ترك أشياء لمن يخلفه عليها ويجمعها ، ومن باب ما خرج مخرج الهزال والملح ما جاء في المجلد الأول ص 333 : قال يحي بن زياد ، لمطيع بن إياس : يا ابن … ( كلمة سب وشتم يقبح ذكرها ) وسبب ذلك : إن يحي بن زياد ، قال لمطيع بن إياس ، انطلق بنا إلى فلانة صاحبتي ، فإن بيني وبينها مغاضبة ، لتصلح بيننا ، فدخلا إليها ، وأخذ يحي يعاتب صاحبته ، ومطيع ساكت ، فصاح به يحي : ما يسكتك ، أسكت الله نأمتك؟! فقال مطيع:
أنتِ معتلة عليه وما زا …. ل مهينا لنفسه في رضاك
فأعجب يحي ما سمع وهش له ، فقال مطيع :
فدعيه وواصلي ابن إياس …. جُعلت نفسه الغداة فداك .
فقام إليه يحي بوسادة في البيت ، وما زال يجلد بها رأسه ويقول : ألهذا جئت بك يا ابن ال….. .
أختم ( بثالثة الأثافي ) بهذا البحث التاريخي العجيب ومع ( كمال الصّليبي )كاتب ومؤرخ لبناني ( 1929 – 2011 م ) أخرج لنا كتابا أسماه ( خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل ) عن دار الساقي يقع الكتاب في ( 303 ) صفحات من القطع العادي الطبعة السابعة( 2012 م) والأصل للكتاب باللغة الإنجليزية ونسخة العربية ليست ترجمة لهذا الأصل بل بخط المؤلف نفسه باللغة العربية ، والعجيب في البحث أنه يجعل التوراة خرجت من جزيرة العرب وليس من فلسطين وهاكم ما قال في المقدمة : ( التوراة جاءت من الجزيرة العربية ) ، كان هذا هو عنوان كتابي السابق حول الجغرافية التاريخية للتوراة ، وهو يختصر القناعة التي توصلت إليها في هذا الشأن ، أكثر ما يكون عن طريق المقابلة اللغوية بين أسماء الأماكن الواردة في التوراة ، وتلك الموجودة في جنوبي الحجاز وبلاد عسير . وقد حاولت في هذا الكتاب إقامة البرهان ، بمجموعة من الأمثلة ، على أن مضمون التوراة لا يستقيم إلا إذا أعيد النظر فيه جغرافيا على هذا الأساس …. هذا ما فصلته في كتابي السابق ( قال أبو حكيم ذكرته في أول النقل ) وما المقصد من الكتاب الحالي إلا وضع نظريتي الجديدة حول الجغرافية التاريخية للتوراة على المحك التأكد من صحتها على وجه العموم ، ولتصحيح ما ورد من أخطاء تفصيلية في الكتاب السابق على وجه الخصوص ، وذلك عن طريق إعادة النظر في مجموعة من القصص التوراتية المألوفة على ضوء جغرافية جزيرة العرب وقد اخترت لهذه الغاية القصص التي ترويها الأسفار الخمسة الأولى من التوراة أي كتب التوراة ( التكوين ، الخروج ، اللاويين ، العدد ، التثنية ) وأضفت إليها قصة واحدة من أسفار الأنبياء وهي قصة النبي ( يونان ) التي يرويها سفر يونان … الخ ( قال أبو حكيم : وقد تكلمت بتفصيل أكثر في أسفار التوراة والإنجيل في المختارة ( 178 )، وخلاصة الكتاب أن بني إسرائيل كانوا في جنوب الحجاز وبلاد العسير إلى اليمن ولو يكونوا في فلسطين أو مصر ودلل على ذلك بتشابه أسماء الأماكن ( قرى جبال وديان … ) في تلك البلاد وبين ما جاء في التوراة ).
والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد